اطلعتُ أمس على الافتتاحية المميزة التي خطّها الأخ العزيز الأستاذ أنور عبدالرحمن، التي تناولت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، للجمهورية الإيطالية، وما تحمله هذه الزيارة من دلالات على تنامي العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية بين مملكة البحرين وإيطاليا. هذه الكلمات الثرية أعادتني بذاكرتي إلى ثمانينيات القرن الماضي، حين كانت البحرين تخطّ فصولاً رائدة في سجل التعاون المالي مع أوروبا، وبالأخص مع إيطاليا.
بعد تأسيس المؤسسة العربية المصرفية مطلع الثمانينيات، كان للمؤسسة دور محوري في تمويل الاعتمادات المستندية لتجارة إيطاليا مع دول المغرب العربي، وهي تجارة قُدّرت آنذاك بمليارات الدولارات. كما تولّت الوحدة المصرفية التابعة للمؤسسة في إيطاليا ترتيب تمويلات ضخمة بالتعاون مع مؤسسة ضمان الصادرات الإيطالية، شملت مشاريع نفّذتها شركات إيطالية في البحرين وبقية دول المنطقة.
هذه الحقبة تشهد بأن القطاع المصرفي البحريني، منذ منتصف السبعينيات، لم يكن مجرد حلقة وصل، بل كان شريكاً استراتيجياً في دعم احتياجات إيطاليا والدول الأوروبية للقروض المشتركة وتمويل التجارة.
اليوم، وبينما نتابع حراك البحرين الدبلوماسي والاقتصادي مع إيطاليا، تبرز أهمية استحضار تلك التجربة الفريدة وتوثيقها للأجيال؛ فهي ليست مجرد ذكريات مصرفية، بل دليلا على قدرة البحرين على لعب أدوار إقليمية وعالمية فاعلة في دعم الاقتصادات الكبرى.
إن الحفاظ على هذا الإرث المالي وتدوينه للتاريخ هو مسؤولية جماعية، حتى تدرك الأجيال المقبلة حجم المساهمة البحرينية في بناء جسور التعاون الاقتصادي بين الخليج وأوروبا، وتعزز ثقتها في أن مملكة البحرين كانت -ومازالت- شريكاً موثوقاً في الساحة الدولية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك