اطلالة

هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
الطفل الزرافة والطفل الدب
في زوايا المدارس تتخفى قصص مؤلمة خلف ابتسامات بريئة قد تؤدي إلى تآكل ثقة بعض الأطفال بأنفسهم، بل التفكير أحيانا في التخلص من حياتهم، وذلك جراء التعليقات القاسية التي يتناقلها المتنمرون عليهم، منها على سبيل المثال تلك القصة التي تحدثت عنها إحدى الاخصائيات الاجتماعيات التي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان «الطفل الدب»، وهو لقب أطلقه زملاء الطالب عليه الذي يعاني من الوزن الزائد حتى كره المدرسة وانعزل عن المجتمع.
قصة أخرى خرجت علينا إحدى الأمهات مؤخرا ترويها لنا وهي تتعلق بابنها الذي تعرض للتنمر لقامته الطويلة التي بسببها نعته زملاؤه بالمدرسة بلقب «الزرافة»، الأمر الذي جعله يمشي مثنيا الظهر محاولا إخفاء طوله الذي هو في النهاية من صنع الخالق سبحانه وتعالى.
هناك أمثلة عديدة ولا حصر لها على غرار قصة «الطفل الدب» و«الطفل الزرافة» التي تندرج تحت ظاهرة التنمر التي تترك جروحا وندوبا عميقة في نفس الطفل، من شأنها أن تؤثر على صحته النفسية بل ومستقبله بشكل عام.
مؤخرا اختتمت النيابة العامة بمملكة البحرين بالتعاون مع وزارة الداخلية ومعهد الدراسات القضائية والقانونية فعاليات البرنامج التدريبي الموجه إلى منتسبي شرطة «معا» تزامنا مع بداية العام الدراسي الحالي، وذلك في إطار تعزيز التكامل المؤسسي لحماية الطفل وتطوير الأداء المهني في التعامل مع القضايا ذات الصلة.
لقد اشتمل هذا البرنامج على عدد من المحاضرات المتخصصة التي تناولت موضوعات حيوية؛ أبرزها الابتزاز والاستغلال الجنسي للأطفال والتعامل الأمثل مع حالات التنمر المدرسي إلى جانب التدريب على آليات التعامل مع القضايا المرتبطة بالسلامة النفسية والسلوكية للأطفال وأساليب التوعية والإرشاد الاجتماعي والنفسي الموجهة إلى الطفل وإلى أسرته، بما يسهم في توفير بيئة تعليمية آمنة وتعزيز حماية النسيج الاجتماعي.
هذه الخطوة الاستراتيجية إنما تأتي لتؤكد التوجه نحو بناء منظومة متكاملة تعنى بالوقاية والاستجابة الفاعلة لقضايا الطفولة، إلى جانب ترسيخ ثقافة الحماية والوعي الوقائي بين مختلف شرائح المجتمع.
نعم، نحن بحاجة ماسة وجادة إلى محاربة ظاهرة التنمر داخل المدارس، وتطبيق أقصى العقوبة على من يمارسها، ولكن يبقى الاهم هو التوعية بها، ومن ثم الوقاية منها، وذلك قبل أن يلقى «الطفل الزرافة» و«الطفل الدب» وأمثالهم نفس مصير الطالبة «رودينا أسامة» التي لم يتجاوز عمرها 16 عاما وسقطت ضحية التنمر الذي أصابها بأزمة قلبية حادة.
إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك