العدد : ١٧٣٧٣ - الخميس ١٦ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٧٣ - الخميس ١٦ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

الطفل الزرافة والطفل الدب

في‭ ‬زوايا‭ ‬المدارس‭ ‬تتخفى‭ ‬قصص‭ ‬مؤلمة‭ ‬خلف‭ ‬ابتسامات‭ ‬بريئة‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تآكل‭ ‬ثقة‭ ‬بعض‭ ‬الأطفال‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬بل‭ ‬التفكير‭ ‬أحيانا‭ ‬في‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬حياتهم،‭ ‬وذلك‭ ‬جراء‭ ‬التعليقات‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬يتناقلها‭ ‬المتنمرون‭ ‬عليهم،‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تلك‭ ‬القصة‭ ‬التي‭ ‬تحدثت‭ ‬عنها‭ ‬إحدى‭ ‬الاخصائيات‭ ‬الاجتماعيات‭ ‬التي‭ ‬تداولتها‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬الطفل‭ ‬الدب‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬لقب‭ ‬أطلقه‭ ‬زملاء‭ ‬الطالب‭ ‬عليه‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الوزن‭ ‬الزائد‭ ‬حتى‭ ‬كره‭ ‬المدرسة‭ ‬وانعزل‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭. ‬

قصة‭ ‬أخرى‭ ‬خرجت‭ ‬علينا‭ ‬إحدى‭ ‬الأمهات‭ ‬مؤخرا‭ ‬ترويها‭ ‬لنا‭ ‬وهي‭ ‬تتعلق‭ ‬بابنها‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬للتنمر‭ ‬لقامته‭ ‬الطويلة‭ ‬التي‭ ‬بسببها‭ ‬نعته‭ ‬زملاؤه‭ ‬بالمدرسة‭ ‬بلقب‭ ‬‮«‬الزرافة‮»‬،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعله‭ ‬يمشي‭ ‬مثنيا‭ ‬الظهر‭ ‬محاولا‭ ‬إخفاء‭ ‬طوله‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬الخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭.‬

هناك‭ ‬أمثلة‭ ‬عديدة‭ ‬ولا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬قصة‭ ‬‮«‬الطفل‭ ‬الدب‮»‬‭ ‬و«الطفل‭ ‬الزرافة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تندرج‭ ‬تحت‭ ‬ظاهرة‭ ‬التنمر‭ ‬التي‭ ‬تترك‭ ‬جروحا‭ ‬وندوبا‭ ‬عميقة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الطفل،‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬صحته‭ ‬النفسية‭ ‬بل‭ ‬ومستقبله‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.  ‬

مؤخرا‭ ‬اختتمت‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬ومعهد‭ ‬الدراسات‭ ‬القضائية‭ ‬والقانونية‭ ‬فعاليات‭ ‬البرنامج‭ ‬التدريبي‭ ‬الموجه‭ ‬إلى‭ ‬منتسبي‭ ‬شرطة‭ ‬‮«‬معا‮»‬‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬الدراسي‭ ‬الحالي،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تعزيز‭ ‬التكامل‭ ‬المؤسسي‭ ‬لحماية‭ ‬الطفل‭ ‬وتطوير‭ ‬الأداء‭ ‬المهني‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭.‬

لقد‭ ‬اشتمل‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المحاضرات‭ ‬المتخصصة‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬موضوعات‭ ‬حيوية؛‭ ‬أبرزها‭ ‬الابتزاز‭ ‬والاستغلال‭ ‬الجنسي‭ ‬للأطفال‭ ‬والتعامل‭ ‬الأمثل‭ ‬مع‭ ‬حالات‭ ‬التنمر‭ ‬المدرسي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التدريب‭ ‬على‭ ‬آليات‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالسلامة‭ ‬النفسية‭ ‬والسلوكية‭ ‬للأطفال‭ ‬وأساليب‭ ‬التوعية‭ ‬والإرشاد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والنفسي‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬الطفل‭ ‬وإلى‭ ‬أسرته،‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬بيئة‭ ‬تعليمية‭ ‬آمنة‭ ‬وتعزيز‭ ‬حماية‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭.‬

هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬إنما‭ ‬تأتي‭ ‬لتؤكد‭ ‬التوجه‭ ‬نحو‭ ‬بناء‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة‭ ‬تعنى‭ ‬بالوقاية‭ ‬والاستجابة‭ ‬الفاعلة‭ ‬لقضايا‭ ‬الطفولة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬الحماية‭ ‬والوعي‭ ‬الوقائي‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع‭.‬

نعم،‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬وجادة‭ ‬إلى‭ ‬محاربة‭ ‬ظاهرة‭ ‬التنمر‭ ‬داخل‭ ‬المدارس،‭ ‬وتطبيق‭ ‬أقصى‭ ‬العقوبة‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يمارسها،‭ ‬ولكن‭ ‬يبقى‭ ‬الاهم‭ ‬هو‭ ‬التوعية‭ ‬بها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الوقاية‭ ‬منها،‭ ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يلقى‭ ‬‮«‬الطفل‭ ‬الزرافة‮»‬‭ ‬و«الطفل‭ ‬الدب‮»‬‭ ‬وأمثالهم‭ ‬نفس‭ ‬مصير‭ ‬الطالبة‭ ‬‮«‬رودينا‭ ‬أسامة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬عمرها‭ ‬16‭ ‬عاما‭ ‬وسقطت‭ ‬ضحية‭ ‬التنمر‭ ‬الذي‭ ‬أصابها‭ ‬بأزمة‭ ‬قلبية‭ ‬حادة‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا