العدد : ١٧٣٥٢ - الخميس ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٢ - الخميس ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

لماذا كل هذا الدعم الأمريكي لإسرائيل؟

بقلم: د. نبيل العسومي

الخميس ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

من‭ ‬الواضح‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬قد‭ ‬فاق‭ ‬كل‭ ‬الحدود‭ ‬وكل‭ ‬التوقعات‭  ‬حتى‭ ‬بدأ‭ ‬الباحثون‭ ‬والدارسون‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الأمريكان‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬تبعية‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭ ‬وعن‭ ‬تأثير‭ ‬السياسة‭ ‬والمواقف‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والقرارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭ ‬وأصبح‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬بمكان‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬أمريكي‭ ‬للوساطة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬العرب‭ ‬يعولون‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬مع‭ ‬إدارات‭ ‬أمريكية‭ ‬أخرى‭ ‬كانت‭ ‬أكثر‭ ‬انفتاحا‭ ‬واهتماما‭ ‬بإحلال‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لإدراكها‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬السلام‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬استرجع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬في‭ ‬أرضه‭ ‬وسيادته‭.‬

والحقيقة‭ ‬إن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأولى‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬قبل‭ ‬أشهر‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكان‭ ‬دعما‭ ‬مطلقا‭ ‬ولا‭ ‬محدودا‭ ‬لإسرائيل‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬جرائمها‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬توسع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بسبب‭ ‬صغر‭ ‬حجمها‭ ‬باحتلالها‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬واعترف‭ ‬بشرعية‭ ‬سيطرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الجولان‭ ‬وتشجيع‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬ضم‭ ‬الضفة‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬حلم‭ ‬وحق‭ ‬إنشاء‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭.‬

وبينما‭ ‬تمضي‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكومة‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والتجويع‭ ‬وتدمير‭ ‬كل‭ ‬أسس‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬الاستسلام‭ ‬والهيمنة‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الصامد‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تعرض‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬وتدمير‭ ‬وإهانة‭ ‬وقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬وضرب‭ ‬الخيام‭ ‬وتجريف‭ ‬الطرقات‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭ ‬أي‭ ‬أساس‭ ‬للحياة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬الجنون‭ ‬الإٍسرائيلي‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمينية‭ ‬معلنا‭ ‬ومفهوما‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتدمير‭ ‬أي‭ ‬فرصة‭ ‬ليس‭ ‬لإنشاء‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬تدمير‭ ‬أي‭ ‬فرصة‭ ‬للحياة‭ ‬الطبيعية‭ ‬لهذا‭ ‬الشعب‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬أسوأ‭ ‬احتلال‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬عقود،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬غير‭ ‬مفهوم‭ ‬بأي‭ ‬منطق‭ ‬وبأي‭ ‬حجة‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬اللامشروط‭ ‬والدعم‭ ‬اللامحدود‭ ‬للهمجية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد‭ ‬خاصة‭ ‬وأنها‭ ‬تمر‭ ‬بمشاكل‭ ‬وصعوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتراجع‭ ‬في‭ ‬هيمنتها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬نتيجة‭ ‬ظهور‭ ‬وبروز‭ ‬عالم‭ ‬جديد‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬مضر‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وشعبها‭.‬

صحيح‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬شريك‭ ‬مهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ومن‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬تتخلى‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الشراكة‭ ‬وهذا‭ ‬التحالف‭ ‬ولكن‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وهي‭ ‬تقدم‭ ‬الدعم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تحميها‭ ‬من‭ ‬جنونها‭ ‬وتوسعاتها‭ ‬الجنونية‭ ‬والتعصب‭ ‬والتوقف‭ ‬عن‭ ‬الإبادة‭ ‬والتهجير‭ ‬وذلك‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬سياسة‭ ‬متوازنة‭ ‬تحقق‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬للجميع‭.‬

إن‭ ‬التزام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يشك‭ ‬فيه‭ ‬أحد‭ ‬وإنما‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬دورا‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬قوتها‭ ‬العظمى‭ ‬وبدورها‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬العالم‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬يسيئ‭ ‬إلى‭ ‬صورة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حقيقة‭ ‬هذا‭ ‬الانحياز‭ ‬الغريب‭ ‬والأعمى‭ ‬إلى‭ ‬حكومة‭ ‬متطرفة‭ ‬ووحشية‭ ‬وعنصرية‭ ‬بشهادة‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬جوانب‭ ‬أخرى‭ ‬تتعلق‭ ‬بالسياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬والجمركية‭ ‬ولكن‭ ‬موقف‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭ ‬المتعصب‭ ‬للمواقف‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الهمجية‭ ‬العنصرية‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يسيئ‭ ‬للسياسة‭ ‬الحكومية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخلل‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الكبير‭ ‬والذي‭ ‬يفقدها‭ ‬جزءا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬مصداقيتها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬حلفاؤها‭ ‬أصبحوا‭ ‬يتشككون‭ ‬في‭ ‬تحالفهم‭ ‬معها‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬الضربة‭ ‬الهمجية‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الشقيقة‭ ‬قطر‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تلعب‭ ‬دور‭ ‬مهما‭ ‬وأساسيا‭ ‬في‭ ‬الوساطات‭ ‬السلمية‭ ‬لتخليص‭ ‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لدى‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬وهذا‭ ‬مثال‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى‭ ‬تجعل‭ ‬الشركاء‭ ‬والأصدقاء‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬الحلفاء‭ ‬يشككون‭ ‬ويتساءلون‭ ‬وربما‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬تتراجع‭ ‬ثقتهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الصداقة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحلف‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬بدأ‭ ‬يشعر‭ ‬به‭ ‬الغرب‭ ‬وقسم‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأوروبيين‭ ‬وحتى‭ ‬الهنود‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬حلفاء‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ولكنهم‭ ‬تعرضوا‭ ‬إلى‭ ‬الإهانة‭ ‬مما‭ ‬جعلهم‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬أفق‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬المتوازنة‭ ‬والتي‭ ‬تحفظ‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬بما‭ ‬يحفظ‭ ‬كرامة‭ ‬الدول‭ ‬وشعوبها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا