العدد : ١٧٣٤٨ - الأحد ٢١ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤٨ - الأحد ٢١ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

مقالات

الإنسانية في ثقافة عاهل البلاد المعظم

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢١ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬بلا‭ ‬جنسية‭ ‬وألا‭ ‬يحمل‭ ‬جواز‭ ‬سفر؟

يعني‭ ‬ذلك‭ ‬الكثير،‭ ‬أن‭ ‬يُحرم‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬كثيرة‭ ‬تضمَّنها‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والعهدين‭ ‬الدوليين‭ ‬الخاصين‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬

إذ‭ ‬حين‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬بلا‭ ‬جنسية‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فاقداً‭ ‬للهوية،‭ ‬وغير‭ ‬منتمٍ‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬جنسية‭ ‬معينة‭ ‬ويستتبع‭ ‬ذلك‭ ‬فقدانه‭ ‬لأهم‭ ‬وثيقة‭ ‬يتوجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بحوزة‭ ‬الإنسان‭ ‬وهي‭ ‬وثيقة‭ ‬سفر‭ (‬جواز‭ ‬سفر‭) ‬ثابتة‭ ‬ودائمة‭.‬

يعني‭ ‬أن‭ ‬يُحرم‭ ‬من‭ ‬إثبات‭ ‬حالة‭ ‬شخصيته‭ ‬القانونية‭ ‬والتمتع‭ ‬بما‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬اكتساب‭ ‬الحقوق‭ ‬وتحمل‭ ‬الالتزامات،‭ ‬وعلى‭ ‬إجراء‭ ‬التصرفات‭ ‬القانونية‭ (‬إبرام‭ ‬العقود‭ ‬بأنواعها‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬لتكوين‭ ‬أسرة،‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التملك‭ ‬بما‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التصرف‭ ‬في‭ ‬الملك،‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬المعاملات‭ ‬والعقود‭) ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنجازها‭ ‬إلا‭ ‬بثبوت‭ ‬الحالة‭ ‬كخاصية‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬الشخصية‭ ‬القانونية‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بانتمائه‭ ‬لبلد‭ ‬معين‭ ‬ويثبت‭ ‬ذلك‭ ‬بالوثائق‭ ‬الرسمية‭ ‬كقيد‭ ‬الجنسية‭ ‬أو‭ ‬سجّل‭ ‬الحالة‭ ‬وجواز‭ ‬السفر‭ ‬وهي‭ ‬وثائق‭ ‬مهمة‭ ‬جداً‭ ‬وطنيا‭ ‬وعالميا،

يعني‭ ‬أن‭ ‬يُحرم‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬التنقل‭ ‬والسفر‭ ‬لأي‭ ‬سبب‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬السفر،‭ ‬كالعلاج،‭ ‬السياحة،‭ ‬التعليم،‭ ‬طلب‭ ‬الرزق،‭ ‬وأن‭ ‬يحرم‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليه‭.‬

أن‭ ‬تُحرم‭ ‬من‭ ‬إمكانية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنة‭ ‬–إذا‭ ‬كنت‭ ‬مواطناً‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬ما‭- ‬ومن‭ ‬إمكانية‭ ‬استيفاء‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تُحددها‭ ‬الأنظمة‭ ‬والقوانين‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقانون‭ ‬لتمكين‭ ‬الأفراد‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الحقوق‭ ‬والخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الدولة‭ ‬للخاضعين‭ ‬لولايتها‭ ‬القضائية‭ ‬من‭ ‬مواطنين‭ ‬ومقيمين،‭ ‬والتي‭ ‬تستوجب‭ ‬إبراز‭ ‬الوثائق‭ ‬الرسمية‭ ‬المثبتة‭ ‬لشخصية‭ ‬الإنسان‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬إثبات‭ ‬جنسيته‭ ‬وجواز‭ ‬سفره‭.‬

إذا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬جنسية‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬يُصبح‭ ‬الإنسان‭ ‬نكرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هوية‭ ‬يصعب‭ ‬عليه‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أبسط‭ ‬حقوقه‭ ‬كإنسان‭ ‬بما‭ ‬يحفظ‭ ‬له‭ ‬كرامته‭ ‬الإنسانية‭.‬

وإن‭ ‬منح‭ ‬جنسية‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬نزعها‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬السيادية‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬شؤونها‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬سلطة‭ ‬لأحد‭ ‬عليها،‭ ‬فالدولة‭ ‬ووفقاً‭ ‬لسياستها‭ ‬ومقتضيات‭ ‬أمنها‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تُحدد‭ ‬وتُقرر‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬يكون‭ ‬جديراً‭ ‬بالتمتع‭ ‬بجنسيتها‭ ‬وحمل‭ ‬جواز‭ ‬سفرها،‭ ‬وهي‭ ‬حرية‭ ‬مطلقة‭ ‬للدولة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬النظام‭ ‬العام‭ ‬بعناصره‭ ‬وحماية‭ ‬أمنها‭ ‬الوطني‭.‬

وتستوقفني‭ ‬هنا‭ ‬اللفتة‭ ‬الأبوية‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬توجيهات‭ ‬لتجديد‭ ‬جوازات‭ ‬البحرينيين‭ ‬الذين‭ ‬أسقطت‭ ‬عنهم‭ ‬الجنسية‭ ‬الكويتية‭. ‬

ونعلم‭ ‬من‭ ‬الخطابات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬بأن‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬ودستور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬هما‭ ‬الوثيقتان‭ ‬اللتان‭ ‬رسمتا‭ ‬سياسة‭ ‬البلاد‭ ‬وفلسفتها‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬وطنياً‭ ‬وإقليمياً‭ ‬ودولياً،‭ ‬ويؤكد‭ ‬جلالته‭ ‬دائماً‭ ‬ضرورة‭ ‬التمعن‭ ‬في‭ ‬مضمون‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬وثيقة‭ ‬تعاهدية‭ ‬بين‭ ‬الإرادة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬والإرادة‭ ‬الشعبية،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬المهتم‭ ‬بمتابعة‭ ‬توجيهات‭ ‬جلالته‭ ‬يجد‭ ‬بأنها‭ ‬تتّسق‭ ‬تماماً‭ ‬مع‭ ‬مضمون‭ ‬الميثاق‭ ‬والدستور‭.‬

ومن‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬جلالته‭ ‬هو‭ ‬الحامي‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭ ‬وفقاً‭ ‬لنص‭ ‬الفقرتين‭ (‬أ‭ ‬،‭ ‬ب‭) ‬من‭ ‬المادة‭ (‬33‭) ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬والراعي‭ ‬لحقوق‭ ‬الأفراد‭ ‬والهيئات‭ ‬وحرياتهم،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬التوجيهات‭ ‬جاءت‭ ‬تفعيلاً‭ ‬لهذه‭ ‬الحماية‭ ‬بروح‭ ‬أبوية‭ ‬حانية‭ ‬مهتمة‭ ‬بمتابعة‭ ‬هموم‭ ‬المواطنين‭ ‬إعمالاً‭ ‬للنهج‭ ‬الديمقراطي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬وحماية‭ ‬وصون‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬انتهجه‭ ‬العهد‭ ‬الزاهر‭ ‬لجلالته‭. ‬

كما‭ ‬أنها‭ ‬جاءت‭ ‬تعزيزاً‭ ‬لحسن‭ ‬الجوار‭ ‬والمصير‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬منظومة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والتي‭ ‬تُكمّل‭ ‬إحداها‭ ‬الأخرى‭ ‬وتأصيلاً‭ ‬لوحدة‭ ‬الأهداف‭ ‬والمصير‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬ومملكة‭ ‬البحرين‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬صلات‭ ‬القربى‭ ‬والعلاقات‭ ‬الأخوية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬والشعبين‭.‬

تحية‭ ‬تقدير‭ ‬واحترام‭ ‬لنهج‭ ‬وفكر‭ ‬جلالته‭ ‬أطال‭ ‬الله‭ ‬عمره‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا