القراء الأعزاء،
ماذا يعني أن يكون الإنسان بلا جنسية وألا يحمل جواز سفر؟
يعني ذلك الكثير، أن يُحرم من حقوق كثيرة تضمَّنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان،
إذ حين يكون الإنسان بلا جنسية يعني أن يكون فاقداً للهوية، وغير منتمٍ إلى دولة معينة أو جنسية معينة ويستتبع ذلك فقدانه لأهم وثيقة يتوجب أن تكون بحوزة الإنسان وهي وثيقة سفر (جواز سفر) ثابتة ودائمة.
يعني أن يُحرم من إثبات حالة شخصيته القانونية والتمتع بما يترتب عليها من اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وعلى إجراء التصرفات القانونية (إبرام العقود بأنواعها بما فيها عقد الزواج لتكوين أسرة، الحق في التملك بما يترتب عليه من الحق في التصرف في الملك، جميع أشكال المعاملات والعقود) التي لا يمكن إنجازها إلا بثبوت الحالة كخاصية من خصائص الشخصية القانونية ولا سيما فيما يتعلق بانتمائه لبلد معين ويثبت ذلك بالوثائق الرسمية كقيد الجنسية أو سجّل الحالة وجواز السفر وهي وثائق مهمة جداً وطنيا وعالميا،
يعني أن يُحرم من ممارسة حقه في التنقل والسفر لأي سبب من أسباب السفر، كالعلاج، السياحة، التعليم، طلب الرزق، وأن يحرم من حقه في العودة إلى الوطن الذي ينتمي إليه.
أن تُحرم من إمكانية الوصول إلى حقوق المواطنة –إذا كنت مواطناً في دولة ما- ومن إمكانية استيفاء الإجراءات التي تُحددها الأنظمة والقوانين في دولة المؤسسات والقانون لتمكين الأفراد من الحصول على الحقوق والخدمات التي تقدمها الدولة للخاضعين لولايتها القضائية من مواطنين ومقيمين، والتي تستوجب إبراز الوثائق الرسمية المثبتة لشخصية الإنسان وفي مقدمتها إثبات جنسيته وجواز سفره.
إذا من دون جنسية ومن دون جواز سفر يُصبح الإنسان نكرة من دون هوية يصعب عليه الوصول إلى أبسط حقوقه كإنسان بما يحفظ له كرامته الإنسانية.
وإن منح جنسية دولة ما أو نزعها يعتبر من الحقوق السيادية للدول التي تُعد من صميم شؤونها الداخلية التي لا سلطة لأحد عليها، فالدولة ووفقاً لسياستها ومقتضيات أمنها الداخلي والخارجي هي التي تُحدد وتُقرر من الذي يكون جديراً بالتمتع بجنسيتها وحمل جواز سفرها، وهي حرية مطلقة للدولة ترتكز على حفظ النظام العام بعناصره وحماية أمنها الوطني.
وتستوقفني هنا اللفتة الأبوية الإنسانية التي صدرت من لدن صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم في صورة توجيهات لتجديد جوازات البحرينيين الذين أسقطت عنهم الجنسية الكويتية.
ونعلم من الخطابات الملكية السامية بأن ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين هما الوثيقتان اللتان رسمتا سياسة البلاد وفلسفتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وطنياً وإقليمياً ودولياً، ويؤكد جلالته دائماً ضرورة التمعن في مضمون ميثاق العمل الوطني الذي يعد وثيقة تعاهدية بين الإرادة الملكية السامية والإرادة الشعبية، لذا فإن المهتم بمتابعة توجيهات جلالته يجد بأنها تتّسق تماماً مع مضمون الميثاق والدستور.
ومن ذلك أن جلالته هو الحامي لهذا الوطن وفقاً لنص الفقرتين (أ ، ب) من المادة (33) من الدستور والراعي لحقوق الأفراد والهيئات وحرياتهم، وأن هذه التوجيهات جاءت تفعيلاً لهذه الحماية بروح أبوية حانية مهتمة بمتابعة هموم المواطنين إعمالاً للنهج الديمقراطي القائم على احترام وحماية وصون حقوق الإنسان الذي انتهجه العهد الزاهر لجلالته.
كما أنها جاءت تعزيزاً لحسن الجوار والمصير المشترك بين منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي والتي تُكمّل إحداها الأخرى وتأصيلاً لوحدة الأهداف والمصير المشترك بين دولة الكويت ومملكة البحرين القائم على صلات القربى والعلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين.
تحية تقدير واحترام لنهج وفكر جلالته أطال الله عمره.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك