أثار الحديث عن استخدام التقنيات الحديثة في رصد مخالفات البناء جدلاً واسعًا في الشارع البحريني، بين من اعتبرها نقلة نوعية في تعزيز الرقابة على المخالفين، ومن تخوّف من أن تتحول إلى انتهاك لخصوصية الأفراد داخل بيوتهم.
غير أن وزارة شؤون البلديات والزراعة أوضحت الصورة عبر الصحف، مؤكدة أن النظام الجديد يعتمد على صور الأقمار الصناعية وتحليل التغيرات في المباني فقط، وليس على طائرات الدرون كما تم تداوله، وبذلك فهو لا يتعرض لخصوصية الأفراد أو تفاصيل حياتهم، بل يقتصر على تتبع التحولات العمرانية ومقارنتها بالتصاريح الرسمية.
أهمية هذا النظام تكمن في رفع كفاءة التفتيش الميداني، وتمكين الجهات المختصة من رصد المخالفات في مراحلها الأولية قبل أن تتفاقم تبعاتها، فضلًا عن مراقبة المناطق البعيدة التي يصعب الوصول إليها بالوسائل التقليدية، والأهم من ذلك، أن هذه التقنيات تسهم في حماية المواطن من تبعات المخالفات والأخطاء، سواء من الأفراد أو من بعض المقاولين الذين قد يتسببون بأخطاء فنية أو مخالفات في التنفيذ تكبد صاحب المنزل خسائر مادية ومعنوية كبيرة.
إن ما ينبغي في توظيف التكنولوجيا في هذا المجال ليس فقط ملاحقة المخالفين، بل لتطوير مستوى وجودة البناء وضمان سلامة المساكن، بحيث يحصل المواطن على منزل آمن يليق به، بعيدًا عن الغش أو التلاعب، فالتقنية هنا تصبح عينًا ساهرة على مصلحة الناس، لا مجرد أداة رقابية.
التكنولوجيا في النهاية وسيلة بيد الإنسان، يمكن أن تكون شريكًا في التنمية وتحسين جودة الحياة، إذا ما وُضعت في إطار واضح يوازن بين الرقابة الفعالة وصون الحقوق الفردية، والرهان الحقيقي هو أن نجعل من هذه الأدوات قوة إيجابية تخدم المواطن، وتحميه من الاستغلال، وتبني مستقبلًا عمرانيًا أكثر أمانًا وجودة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك