العدد : ١٧٣٤٠ - السبت ١٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤٠ - السبت ١٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

لن تكون العملية الأخيرة

أعلنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬اسم‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬عربات‭ ‬جدعون‭ ‬2‮»‬‭ ‬لاحتلال‭ ‬غزة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتهجير‭ ‬سكانها‭.. ‬اسم‭ ‬العملية‭ ‬يحمل‭ ‬دلالة‭ ‬دينية‭ ‬توراتية،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬النهج‭ ‬العقائدي‭ ‬لدى‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬واحتلالها‭ ‬وجرائمها‭.‬

صحيفة‭ ‬يديعوت‭ ‬أحرونوت‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬نقلت‭ ‬عن‭ ‬مصادر،‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬بلادها‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬اسم‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬عربات‭ ‬جدعون‭ ‬2‮»‬‭ ‬الرامية‭ ‬لاحتلال‭ ‬مدينة‭ ‬غزة‭ ‬لتسويقها‭ ‬كخطوة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬والخداع‭ ‬الإعلامي‭ ‬والنفسي‭.‬

وأيا‭ ‬ما‭ ‬ستعمل‭ ‬به‭ ‬وتستمر‭ ‬عليه‭ ‬وتسير‭ ‬نحوه‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬لن‭ ‬يولد‭ ‬إلا‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والصراع،‭ ‬وسيخرج‭ ‬جيل‭ ‬جديد،‭ ‬فلسطيني‭ ‬وعربي،‭ ‬وحتى‭ ‬أجيال‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬ستجد‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬حتمي‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬لأنها‭ ‬تخوض‭ ‬صراع‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭. ‬

ولعل‭ ‬بوادر‭ ‬ذلك،‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬الأستاذ‭ ‬‮«‬عبداللطيف‭ ‬المناوي‮»‬‭ ‬في‭ ‬تعليقه‭ ‬على‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬راموت‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬شابان‭ ‬فلسطينيان‭ ‬في‭ ‬القدس،‭ ‬وأودت‭ ‬بحياة‭ ‬سبعة‭ ‬إسرائيليين‭ ‬وأصابت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬14‭ ‬آخرين‭.‬

حيث‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يظن‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬مجرد‭ ‬حادث‭ ‬عابر‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬فهو‭ ‬مخطئ‭.. ‬لأن‭ ‬الحادث‭ ‬يعد‭ ‬مؤشرا‭ ‬صارخا‭ ‬على‭ ‬عمق‭ ‬الجرح‭ ‬المفتوح‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬تحت‭ ‬وقع‭ ‬المجزرة‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

منفذا‭ ‬العملية‭ ‬شابان‭ ‬في‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬عمرهما،‭ ‬بلا‭ ‬سوابق‭ ‬أمنية‭.. ‬هذه‭ ‬التفاصيل‭ ‬ليست‭ ‬ثانوية‭ ‬في‭ ‬الخبر،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬تفاصيل‭ ‬تحمل‭ ‬دلالات‭ ‬جوهرية،‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬نتاج‭ ‬انتماء‭ ‬تنظيمي‭ ‬أو‭ ‬تخطيط‭ ‬طويل‭ ‬الأمد،‭ ‬وإنما‭ ‬انفجار‭ ‬لحظة‭ ‬انتقامية‭ ‬مرشحة‭ ‬للاستمرار،‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬آلة‭ ‬قتل‭ ‬مستمرة‭.‬

 

المنفذان‭ ‬لم‭ ‬يشهدا‭ ‬انتفاضة‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬ولا‭ ‬انتفاضة‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الألفية‭ ‬الجديدة‭.. ‬بالكاد‭ ‬سمعا‭ ‬عن‭ ‬الزعيم‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬ياسين،‭ ‬وغيرهما‭..  ‬المنفذان‭ ‬لم‭ ‬يعرفا‭ ‬سوى‭ ‬واقع‭ ‬محاصر‭ ‬بحواجز‭ ‬الاحتلال،‭ ‬مدجج‭ ‬بالمجازر،‭ ‬وحصار‭ ‬التجويع‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬مثقل‭ ‬بالاقتحامات‭ ‬اليومية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.. ‬العملية‭ ‬بالتأكيد‭ ‬هي‭ ‬رد‭ ‬على‭ ‬صور‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض،‭ ‬وعلى‭ ‬أحاديث‭ ‬العجائز‭ ‬المستغيثين‭ ‬يوميًا،‭ ‬وعلى‭ ‬أصوات‭ ‬النساء‭ ‬وهن‭ ‬يصرخن‭ ‬ويبكين‭ ‬لفقد‭ ‬عزيز‭.‬

منطق‭ ‬الأحداث‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬العمليات‭ ‬الفردية‭ ‬كعملية‭ ‬راموت‭ ‬سوف‭ ‬تستمر،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ماضية‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬القتل‭ ‬الجماعي،‭ ‬ومحو‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬الوجود،‭ ‬وتهجير‭ ‬سكانها،‭ ‬وتوسيع‭ ‬الاستيطان‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الضفة‭.. ‬فكلما‭ ‬طالتهم‭ ‬وحشية‭ ‬الاحتلال‭ ‬وآلة‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬إلا‭ ‬الدم،‭ ‬وُلد‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬أكثر‭ ‬استعدادًا‭ ‬للتضحية‭ ‬والانتقام‭.. ‬وهنا‭ ‬سيكون‭ ‬انتقاما‭ ‬لا‭ ‬يفرق‭ ‬بين‭ ‬جيش‭ ‬أو‭ ‬مواطنين‭.‬

‮«‬عملية‭ ‬راموت‮»‬‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬المسؤول‭ ‬عنها‭ ‬هو‭ ‬نتنياهو‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭.. ‬وإن‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬المنطقة‭ ‬ليس‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬القذائف‭ ‬والرصاص،‭ ‬بل‭ ‬شجاعة‭ ‬سياسية‭ ‬للاعتراف‭ ‬بحقوق‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وإرادة‭ ‬دولية‭ ‬لفرض‭ ‬وقف‭ ‬آلة‭ ‬القتل‭ ‬والتدمير‭.. ‬وحده‭ ‬السلام‭ ‬العادل،‭ ‬لا‭ ‬السلاح‭ ‬ولا‭ ‬الدم‭.. ‬كفيل‭ ‬بقطع‭ ‬هذه‭ ‬السلسلة‭ ‬المفرغة‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والانتقام‭.‬

وأذكّر‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬راموت‮»‬‭ ‬هي‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وعلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬هذا‭ ‬جيدًا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا