الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
لن تكون العملية الأخيرة
أعلنت إسرائيل اسم عملية «عربات جدعون 2» لاحتلال غزة الفلسطينية وتهجير سكانها.. اسم العملية يحمل دلالة دينية توراتية، ما يؤكد النهج العقائدي لدى الحكومة الإسرائيلية، في حربها واحتلالها وجرائمها.
صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية نقلت عن مصادر، أن حكومة بلادها تعمل على تغيير اسم عملية «عربات جدعون 2» الرامية لاحتلال مدينة غزة لتسويقها كخطوة جديدة في الحرب، والخداع الإعلامي والنفسي.
وأيا ما ستعمل به وتستمر عليه وتسير نحوه قوات الاحتلال الإسرائيلي، فإن ما تقوم به لن يولد إلا المزيد من العنف والصراع، وسيخرج جيل جديد، فلسطيني وعربي، وحتى أجيال من كل دول العالم، ستجد نفسها في صراع حتمي مع إسرائيل، لأنها تخوض صراع ضد الإنسانية.
ولعل بوادر ذلك، ما ذكره الأستاذ «عبداللطيف المناوي» في تعليقه على «عملية راموت» التي قام بها شابان فلسطينيان في القدس، وأودت بحياة سبعة إسرائيليين وأصابت أكثر من 14 آخرين.
حيث أشار إلى أن من يظن هذا الهجوم مجرد حادث عابر في مشهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فهو مخطئ.. لأن الحادث يعد مؤشرا صارخا على عمق الجرح المفتوح الذي يعيشه الشعب الفلسطيني تحت وقع المجزرة المستمرة في غزة.
منفذا العملية شابان في العشرين من عمرهما، بلا سوابق أمنية.. هذه التفاصيل ليست ثانوية في الخبر، بل هي تفاصيل تحمل دلالات جوهرية، بأن ما حدث لم يكن نتاج انتماء تنظيمي أو تخطيط طويل الأمد، وإنما انفجار لحظة انتقامية مرشحة للاستمرار، في وجه آلة قتل مستمرة.
المنفذان لم يشهدا انتفاضة الثمانينيات، ولا انتفاضة الأقصى في بداية الألفية الجديدة.. بالكاد سمعا عن الزعيم ياسر عرفات أو عن الشيخ أحمد ياسين، وغيرهما.. المنفذان لم يعرفا سوى واقع محاصر بحواجز الاحتلال، مدجج بالمجازر، وحصار التجويع في غزة، مثقل بالاقتحامات اليومية في الضفة الغربية.. العملية بالتأكيد هي رد على صور الأطفال في غزة تحت الأنقاض، وعلى أحاديث العجائز المستغيثين يوميًا، وعلى أصوات النساء وهن يصرخن ويبكين لفقد عزيز.
منطق الأحداث يقول إن العمليات الفردية كعملية راموت سوف تستمر، ما دامت إسرائيل ماضية في سياسات القتل الجماعي، ومحو غزة من الوجود، وتهجير سكانها، وتوسيع الاستيطان حتى في الضفة.. فكلما طالتهم وحشية الاحتلال وآلة العنف التي لا ترى إلا الدم، وُلد جيل جديد أكثر استعدادًا للتضحية والانتقام.. وهنا سيكون انتقاما لا يفرق بين جيش أو مواطنين.
«عملية راموت» التي وقعت في القدس المسؤول عنها هو نتنياهو بكل تأكيد.. وإن ما تحتاجه المنطقة ليس مزيدًا من القذائف والرصاص، بل شجاعة سياسية للاعتراف بحقوق الفلسطينيين، وإرادة دولية لفرض وقف آلة القتل والتدمير.. وحده السلام العادل، لا السلاح ولا الدم.. كفيل بقطع هذه السلسلة المفرغة من العنف والانتقام.
وأذكّر من جديد، لن تكون «عملية راموت» هي الأخيرة، وعلى إسرائيل أن تدرك هذا جيدًا.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك