العدد : ١٧٣٣٥ - الاثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٥ - الاثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

مقالات

التعليم ولغة القرآن

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء‭ ‬

‭(‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬الذي‭ ‬هدانا‭ ‬آمين،‭ ‬للدين‭ ‬والاسلام‭ ‬واجتبانا‭ ‬آمين،‭ ‬سبحانه‭ ‬من‭ ‬خالق‭ ‬سبحانه‭ ‬آمين،‭ ‬بفضله‭ ‬علّمنا‭ ‬القرآنا‭ ‬آمين،‭ ‬نحمده‭ ‬وحقه‭ ‬أن‭ ‬يُحمدا‭ ‬آمين،‭ ‬ثم‭ ‬الصلاة‭ ‬كلّما‭ ‬الحادي‭ ‬حدا‭ ‬آمين،‭ ‬على‭ ‬النبي‭ ‬الهاشمي‭ ‬محمدا‭ ‬آمين‭..).‬

بهذه‭ ‬الكلمات‭ ‬كان‭ ‬أجدادنا‭ ‬يحتفون‭ ‬بإتمام‭ ‬أطفالهم‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يبلغوا‭ ‬السادسة‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬ختم‭ ‬حفظ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬بحيث‭ ‬يشهد‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬العظيم‭ ‬جميع‭ ‬سكان‭ ‬المنطقة‭ ‬ويتقاسمون‭ ‬هذه‭ ‬الفرحة‭ ‬الكبيرة‭ ‬معاً،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬يميّز‭ ‬أطفال‭ ‬ذلك‭ ‬الزمان‭ ‬حيث‭ ‬ينمّي‭ ‬ذاكرة‭ ‬الحفظ‭ ‬لديهم‭ ‬مُبكّراً‭ ‬ويملأن‭ ‬خزينتهم‭ ‬اللغوية‭ ‬بكمّ‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المفردات،‭ ‬ويقوّي‭ ‬لغتهم‭ ‬العربية،‭ ‬بجانب‭ ‬تهذيب‭ ‬أنفسهم‭ ‬وسلوكهم‭ ‬من‭ ‬ثروات‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬التعليمية‭ ‬من‭ ‬الماحية‭ ‬الروحية‭ ‬والإنسانية‭ ‬والمدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافة‭.‬

وقد‭ ‬كانت‭ ‬مهمة‭ ‬تحفيظ‭ ‬القرآن‭ ‬توكل‭ ‬إلى‭ (‬المطوّع‭ ‬أو‭ ‬المطوّعة‭ ‬وهو‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بتعليم‭ ‬الأطفال‭ ‬القرآن‭) ‬في‭ ‬الفرجان،‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الجُمل‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يقولها‭ ‬الآباء‭ ‬للمطوع‭ ‬عند‭ ‬تسليمهم‭ ‬أطفالهم‭ ‬ولاسيما‭ ‬الذكور‭ ‬منهم‭ ‬هي‭ ‬جملة‭ (‬عطيناك‭ ‬إياه‭ ‬لحم،‭ ‬نبيّك‭ ‬ترجعه‭ ‬لنا‭ ‬عظم‭) ‬في‭ ‬كناية‭ ‬عن‭ ‬تفويض‭ ‬المطوع‭ ‬بتعليم‭ ‬وتربية‭ ‬الأبناء‭ ‬بشكل‭ ‬حازم‭ ‬يضمن‭ ‬استفادتهم‭ ‬استفادة‭ ‬تامة‭ ‬من‭ ‬علوم‭ ‬المطوّع‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬حفظ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬وأحكامه‭ ‬وآدابه‭ ‬التي‭ ‬تُعدّ‭ ‬نهج‭ ‬حياة‭ ‬ناجح،‭ ‬لذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬المنعطف‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الأطفال‭ ‬هو‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬يُميّز‭ ‬تلك‭ ‬الأجيال،‭ ‬ويمنح‭ ‬لهم‭ ‬خصوصية‭ ‬وتفرداً‭. ‬

ووفقاً‭ ‬لكتاب‭ (‬الإسلام‭ ‬الثوري‭) ‬لجيسين‭ (‬Gason‭) ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وضعوا‭ ‬أيديهم‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬إثر‭ ‬انهيار‭ ‬دولة‭ ‬الخلافة‭ ‬الإسلامية‭ ‬قاموا‭ ‬مشتركين‭ ‬بعمل‭ ‬دراسة‭ ‬حول‭ ‬اسباب‭ ‬قوة‭ ‬الفرد‭ ‬المسلم‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬الجبارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المسلمين‭ ‬فتحوا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬العالم‭ ‬خلال‭ ‬1300‭ ‬عام،‭ ‬فوجدوا‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬تفوّق‭ ‬المسلمين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬المسلم‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬الكتّاب‭ ‬ويحفظ‭ ‬القرآن‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬يحفظ‭ ‬القرآن‭ ‬من‭ ‬6‭ : ‬7‭ ‬سنوات‭ ‬يدرس‭ ‬ألفية‭ ‬ابن‭ ‬مالك‭ ‬وهي‭ ‬1000‭ ‬بيت‭ ‬شعر‭ ‬والتي‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬قواعد‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الفصحى،‭ ‬فينتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬طفل‭ ‬عمره‭ ‬7‭ ‬سنوات‭ ‬بمحصّلة‭ ‬لغوية‭ ‬جبارة‭ ‬تفوق‭ ‬بقية‭ ‬أطفال‭ ‬العالم‭ ‬فانتهوا‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬منع‭ ‬تحفيظ‭ ‬القرآن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السن‭ ‬المبكرة‭ ‬وتأخير‭ ‬سن‭ ‬الالتحاق‭ ‬بالتعليم‭ ‬ومنح‭ ‬الأطفال‭ ‬مرحلة‭ ‬طفولة‭ ‬يقضونها‭ ‬في‭ ‬اللعب‭ ‬والاستمتاع‭ ‬بطفولتهم،‭ ‬وبذلك‭ ‬انتهى‭ ‬دور‭ ‬المطوّع،‭ ‬وتوقفت‭ ‬منهجية‭ ‬تحفيظ‭ ‬القرآن‭ ‬للأطفال‭ ‬كثقافة‭ ‬مجتمعية‭ ‬عامة،‭ ‬ولاسيما‭ ‬مع‭ ‬التطور‭ ‬العمراني‭ ‬والمجتمعي‭ ‬وغياب‭ ‬ثقافة‭ ‬وروح‭ ‬الفرجان‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تُمثّل‭ ‬روح‭ ‬الأسرة‭ ‬الواحدة‭ ‬في‭ ‬أطر‭ ‬من‭ ‬البساطة‭ ‬والألفة‭ ‬والمحبة‭ ‬والأخوّة‭ ‬بين‭ ‬الجيران،‭ ‬وتكفّلت‭ ‬بعض‭ ‬المراكز‭ ‬الدينية‭ ‬بعملية‭ ‬التحفيظ‭ ‬للصغار‭ ‬والكبار‭ ‬ولكن‭ ‬بصورة‭ ‬جانبية‭ ‬ضمن‭ ‬انشغال‭ ‬الأطفال‭ ‬بالتعليم‭ ‬النظامي‭ ‬الذي‭ ‬يستهلك‭ ‬يومهم‭ ‬كاملاً‭ ‬بين‭ ‬الساعات‭ ‬المدرسية‭ ‬وساعات‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬الواجبات‭ ‬المنزلية‭.‬

ثم‭ ‬تأت‭ ‬الألواح‭ ‬الإلكترونية‭ ‬ومحتوياتها‭ ‬من‭ ‬ألعاب‭ ‬وعروض‭ ‬متنوعة‭ ‬لتُلغي‭ ‬المتبقي‭ ‬من‭ ‬حصيلة‭ ‬الأطفال‭ ‬اللغوية‭ ‬ولاسيما‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تأتِ‭ ‬بلغة‭ ‬أجنبية،‭ ‬وتُسهم‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬لغة‭ ‬الطفل‭ ‬وتضيع‭ ‬لغتنا‭ ‬العربية‭ ‬الثرية‭ ‬التي‭ ‬تُمثل‭ ‬هويّتنا‭ ‬التي‭ ‬يتوجب‭ ‬علينا‭ ‬احترامها‭ ‬والحفاظ‭ ‬ويصحّ‭ ‬في‭ ‬حقنا‭ ‬المثل‭ ‬القائل‭ (‬بين‭ ‬حانا‭ ‬ومانا،‭ ‬ضاعت‭ ‬لحانا‭).‬

لذا،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬أحباب‭ ‬الله‭ ‬يبدأون‭ ‬عامهم‭ ‬الدراسي‭ ‬الجديد‭ ‬اليوم‭ ‬الأحد،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬المقترح‭ ‬موجه‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬الموقرة،‭ ‬في‭ ‬تبنّي‭ ‬برنامج‭ ‬تعليمي‭ ‬للطلبة‭ ‬الجدد‭ ‬ممن‭ ‬بلغوا‭ ‬السن‭ ‬المقررة‭ ‬للالتحاق‭ ‬بالتعليم‭ ‬الإلزامي،‭ ‬مدته‭ ‬سنتان‭ ‬يتم‭ ‬خلالها‭ ‬تحفيظ‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬القرآن،‭ ‬ثم‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬احتفالية‭ ‬عامة‭ ‬كبرى‭ ‬سنوياً‭ ‬احتفاءً‭ ‬بإتمام‭ ‬الحفظ‭ ‬تشارك‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬مدارس‭ ‬البحرين‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إحياء‭ ‬موروث‭ (‬ختمة‭ ‬القرآن‭) ‬الشعبي،‭ ‬وضمان‭ ‬تنمية‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الفصحى‭ ‬لدى‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬لتبقى‭ ‬لهم‭ ‬كسلاح‭ ‬أمام‭ ‬متغيرات‭ ‬العصر،‭ ‬فتكون‭ ‬العربية‭ ‬لغتهم‭ ‬الأم‭ ‬هي‭ ‬الأصل‭ ‬ومرحباً‭ ‬بكل‭ ‬لغة‭ ‬أخرى‭ ‬يستطيع‭ ‬الطفل‭ ‬تعلمها‭ ‬وفقاً‭ ‬لاجتهاده‭ ‬ولقدراته‭ ‬الشخصية‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يقتضيه‭ ‬التطور‭ ‬الإنساني‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬مأثور‭ ‬لدينا‭ ‬من‭ ‬أنه‭ : ( ‬من‭ ‬علم‭ ‬لغة‭ ‬قومٍ‭ ‬أمِن‭ ‬شرّهم‭ ‬أو‭ ‬مكرهم‭).‬

وعوداً‭ ‬حميداً‭ ‬لطلبتنا‭ ‬الأعزاء‭.‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا