القراء الأعزاء
(الحمد لله الذي هدانا آمين، للدين والاسلام واجتبانا آمين، سبحانه من خالق سبحانه آمين، بفضله علّمنا القرآنا آمين، نحمده وحقه أن يُحمدا آمين، ثم الصلاة كلّما الحادي حدا آمين، على النبي الهاشمي محمدا آمين..).
بهذه الكلمات كان أجدادنا يحتفون بإتمام أطفالهم الذين لم يبلغوا السادسة من العمر، ختم حفظ القرآن الكريم، بحيث يشهد هذا الإنجاز العظيم جميع سكان المنطقة ويتقاسمون هذه الفرحة الكبيرة معاً، ولعل هذا الحدث كان من أهم ما يميّز أطفال ذلك الزمان حيث ينمّي ذاكرة الحفظ لديهم مُبكّراً ويملأن خزينتهم اللغوية بكمّ كبير من المفردات، ويقوّي لغتهم العربية، بجانب تهذيب أنفسهم وسلوكهم من ثروات القرآن الكريم التعليمية من الماحية الروحية والإنسانية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافة.
وقد كانت مهمة تحفيظ القرآن توكل إلى (المطوّع أو المطوّعة وهو الشخص الذي يقوم بتعليم الأطفال القرآن) في الفرجان، ولعل من أهم الجُمل التي كان يقولها الآباء للمطوع عند تسليمهم أطفالهم ولاسيما الذكور منهم هي جملة (عطيناك إياه لحم، نبيّك ترجعه لنا عظم) في كناية عن تفويض المطوع بتعليم وتربية الأبناء بشكل حازم يضمن استفادتهم استفادة تامة من علوم المطوّع وفي مقدمتها حفظ القرآن الكريم وأحكامه وآدابه التي تُعدّ نهج حياة ناجح، لذا كان هذا المنعطف في حياة الأطفال هو أهم ما يُميّز تلك الأجيال، ويمنح لهم خصوصية وتفرداً.
ووفقاً لكتاب (الإسلام الثوري) لجيسين (Gason) فإن الدول الاستعمارية بعد أن وضعوا أيديهم على الدول الإسلامية إثر انهيار دولة الخلافة الإسلامية قاموا مشتركين بعمل دراسة حول اسباب قوة الفرد المسلم والتي أدت هذه القوة الجبارة إلى أن المسلمين فتحوا الكثير من بلاد العالم خلال 1300 عام، فوجدوا بأن من أهم أسباب تفوّق المسلمين هو أن الطفل المسلم من عمر 3 سنوات إلى 6 سنوات يذهب إلى الكتّاب ويحفظ القرآن وبعد أن يحفظ القرآن من 6 : 7 سنوات يدرس ألفية ابن مالك وهي 1000 بيت شعر والتي بها كل قواعد اللغة العربية الفصحى، فينتج عن ذلك طفل عمره 7 سنوات بمحصّلة لغوية جبارة تفوق بقية أطفال العالم فانتهوا إلى ضرورة منع تحفيظ القرآن في هذه السن المبكرة وتأخير سن الالتحاق بالتعليم ومنح الأطفال مرحلة طفولة يقضونها في اللعب والاستمتاع بطفولتهم، وبذلك انتهى دور المطوّع، وتوقفت منهجية تحفيظ القرآن للأطفال كثقافة مجتمعية عامة، ولاسيما مع التطور العمراني والمجتمعي وغياب ثقافة وروح الفرجان القديمة التي كانت تُمثّل روح الأسرة الواحدة في أطر من البساطة والألفة والمحبة والأخوّة بين الجيران، وتكفّلت بعض المراكز الدينية بعملية التحفيظ للصغار والكبار ولكن بصورة جانبية ضمن انشغال الأطفال بالتعليم النظامي الذي يستهلك يومهم كاملاً بين الساعات المدرسية وساعات العمل على الواجبات المنزلية.
ثم تأت الألواح الإلكترونية ومحتوياتها من ألعاب وعروض متنوعة لتُلغي المتبقي من حصيلة الأطفال اللغوية ولاسيما تلك التي تأتِ بلغة أجنبية، وتُسهم بدورها في التأثير على لغة الطفل وتضيع لغتنا العربية الثرية التي تُمثل هويّتنا التي يتوجب علينا احترامها والحفاظ ويصحّ في حقنا المثل القائل (بين حانا ومانا، ضاعت لحانا).
لذا، وبما أن الأطفال أحباب الله يبدأون عامهم الدراسي الجديد اليوم الأحد، فإن هذا المقترح موجه إلى وزارة التربية والتعليم الموقرة، في تبنّي برنامج تعليمي للطلبة الجدد ممن بلغوا السن المقررة للالتحاق بالتعليم الإلزامي، مدته سنتان يتم خلالها تحفيظ هذه الفئة القرآن، ثم تكون هناك احتفالية عامة كبرى سنوياً احتفاءً بإتمام الحفظ تشارك فيها جميع مدارس البحرين يتم من خلالها إحياء موروث (ختمة القرآن) الشعبي، وضمان تنمية اللغة العربية الفصحى لدى الأجيال القادمة لتبقى لهم كسلاح أمام متغيرات العصر، فتكون العربية لغتهم الأم هي الأصل ومرحباً بكل لغة أخرى يستطيع الطفل تعلمها وفقاً لاجتهاده ولقدراته الشخصية وفق ما يقتضيه التطور الإنساني وما هو مأثور لدينا من أنه : ( من علم لغة قومٍ أمِن شرّهم أو مكرهم).
وعوداً حميداً لطلبتنا الأعزاء.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك