العدد : ١٧٣٢٨ - الاثنين ٠١ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٢٨ - الاثنين ٠١ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

مقالات

سحابة رأي:
التكنولوجيا تحول الأحلام إلى محتوى مرئي!

بقلم: إسراء القصاب

الأحد ٣١ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إننا‭ ‬نعيش‭ ‬اليوم‭ ‬حياة‭ ‬أشبه‭ ‬بالخيال‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬بالأحلام‭! ‬حياة‭ ‬تحاكي‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تطرحها‭ ‬القصص‭ ‬وأفلام‭ ‬الكارتون‭ ‬بشكل‭ ‬خيالي‭ ‬وغير‭ ‬منطقي،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬أشبه‭ ‬بالأحداث‭ ‬التي‭ ‬شاهدناها‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬الخيال‭ ‬العلمي‭ ‬وسخرنا‭ ‬من‭ ‬غرائبها‭ ‬وعجائبها‭ ‬غير‭ ‬الممكنة‭! ‬

إذ‭ ‬يعود‭ ‬الفضل‭ ‬بذلك‭ ‬لشركات‭ ‬تصنيع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬وتقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والعاملين‭ ‬فيها،‭ ‬الذين‭ ‬استطاعوا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جهودهم‭ ‬الدؤوبة‭ ‬وطموحاتهم‭ ‬اللا‭ ‬متناهية‭ ‬لمس‭ ‬حياتنا‭ ‬بكافة‭ ‬نواحيها‭ ‬وبأدق‭ ‬تفاصيلها،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منهم‭ ‬لتذليل‭ ‬الصعاب‭ ‬والمستحيلات‭ ‬وتسهيل‭ ‬حياة‭ ‬الأفراد‭ ‬والمجتمعات‭ ‬بوتيرة‭ ‬سريعة‭ ‬ومثيرة‭ ‬للدهشة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭. ‬

وبالولوج‭ ‬للطبيعة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أننا‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬استيقظنا‭ ‬من‭ ‬النوم‭ ‬ونحن‭ ‬مازلنا‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬التأثر‭ ‬بأحلامنا‭! ‬فزعين‭ ‬من‭ ‬المؤلمة‭ ‬أو‭ ‬منتشين‭ ‬بالمفرحة‭ ‬منها،‭ ‬وربما‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬كنا‭ ‬نأمل‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬بإمكاننا‭ ‬إعادة‭ ‬مشاهدتها‭ ‬مجددًا؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المستحيل‭. ‬

المستحيل‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬اليوم‭ ‬ممكنًا‭ ‬بفضل‭ ‬شركة‭ (‬مودرم‭ ‬وركس‭) ‬الهولندية‭ ‬الناشئة،‭ ‬التي‭ ‬طورت‭ ‬تقنية‭ ‬جديدة‭ ‬تسمح‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بتسجيل‭ ‬وتوليد‭ ‬صور‭ ‬الأحلام‭ ‬وتحويلها‭ ‬لمحتوى‭ ‬مرئي‭ ‬يعرض‭ ‬على‭ ‬الشاشة؛‭ ‬ليتمكن‭ ‬المستخدم‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬مشاهدتها‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الأفلام‭!‬

حيث‭ ‬زعمت‭ ‬الشركة‭ ‬المنتجة‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬مؤسسة‭ ‬بحثية‭ ‬وأستوديو‭ ‬تصميم‭ ‬بأمستردام،‭ ‬عن‭ ‬تطوير‭ ‬جهاز‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ (‬مسجل‭ ‬الأحلام‭) ‬مستند‭ ‬لبرمجيات‭ ‬وتقنيات‭ ‬متقدمة‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬مثل‭ (‬أوبن‭ ‬آيه‭ ‬أي‭) ‬و‭(‬لُما‭ ‬لابس‭) ‬ليكون‭ ‬بمثابة‭ ‬الكاميرا‭ ‬العقلية‭ ‬التي‭ ‬ترصد‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬أذهاننا‭ ‬أثناء‭ ‬النوم‭.‬

وبحسب‭ ‬ما‭ ‬أعلنته‭ ‬الشركة،‭ ‬سيكون‭ ‬الجهاز‭ ‬ذات‭ ‬دقة‭ ‬فائقة‭ ‬الوضوح‭ ‬وسيعمل‭ ‬بكافة‭ ‬اللغات،‭ ‬هذا‭ ‬ودشنت‭ ‬المشروع‭ ‬بموقع‭ ‬إلكتروني‭ ‬خاص‭ ‬به‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭: ‬‮«‬استيقظ‭ ‬وقل‭ ‬حلمك‭ ‬بصوت‭ ‬عال،‭ ‬وشاهده‭ ‬يتجسد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الأحلام‭ ‬بالجماليات‭ ‬التي‭ ‬تختارها‮»‬‭. ‬

ومن‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬الجهاز‭ ‬عقب‭ ‬تجميعه‭ ‬كخطوة‭ ‬أولى‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬النقر‭ ‬عليه‭ ‬مرتين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المستخدم،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المستخدم‭ ‬تسجيل‭ ‬صوته‭ ‬وهو‭ ‬يتذكر‭ ‬حلمه،‭ ‬وبمجرد‭ ‬انتهائه‭ ‬من‭ ‬السرد‭ ‬سيقوم‭ ‬الجهاز‭ ‬بتوليد‭ ‬الحلم‭ ‬وعرضه‭ ‬بشكل‭ ‬مرئي‭ ‬بعد‭ ‬نقر‭ ‬المستخدم‭ ‬على‭ ‬الجهاز‭ ‬مجددًا‭ ‬مرة‭ ‬واحدة،‭ ‬حيث‭ ‬سيتم‭ ‬تخزين‭ ‬الحلم‭ ‬على‭ ‬معالج‭ ‬صغير‭ ‬سعة‭ ‬8‭ ‬جيجابايت،‭ ‬والجدير‭ ‬ذكره‭ ‬أن‭ ‬الجهاز‭ ‬يخزن‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬7‭ ‬أحلام‭ ‬أخرى‭. ‬

ويعد‭ ‬جهاز‭ (‬مسجل‭ ‬الأحلام‭) ‬أحدث‭ ‬اختراع‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬الأحلام‭ ‬باستخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬سبقته‭ ‬محاولات‭ ‬أخرى،‭ ‬إذ‭ ‬طورت‭ ‬مختبرات‭ ‬علوم‭ ‬الأعصاب‭ ‬الحاسوبية‭ ‬اليابانية‭ (‬آيه‭ ‬تي‭ ‬آر‭) ‬عام‭ ‬2023‭ ‬نظام‭ ‬يعمل‭ ‬باستخدام‭ ‬فحص‭ ‬تصوير‭ ‬الرنين‭ ‬المغناطيسي‭ ‬لتصوير‭ ‬الأحلام‭ ‬وتسجيلها‭ ‬بدقة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬60%‭ ‬تقريبًا،‭ ‬كما‭ ‬توصلت‭ ‬جامعة‭ ‬سنغافورة‭ ‬الوطنية‭ ‬وجامعة‭ ‬هونغ‭ ‬كونغ‭ ‬الوطنية‭ ‬لنفس‭ ‬النتيجة‭ ‬عبر‭ ‬دراسات‭ ‬أولية‭ ‬نشرتها‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬ذاته‭.‬

ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬الآفاق‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الإمكانيات‭ ‬العلاجية‭ ‬في‭ ‬الطب‭ ‬النفسي،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مساعدة‭ ‬المستخدم‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬مخاوفه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعرفه‭ ‬على‭ ‬ماهية‭ ‬الحقائق‭ ‬المناطة‭ ‬بكوابيسه‭ ‬المتكررة،‭ ‬عبر‭ ‬قياس‭ ‬أثرها‭ ‬على‭ ‬نفسيته‭ ‬وحياته‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يتيح‭ ‬الفرصة‭ ‬للمعالج‭ ‬النفسي‭ ‬لتقيمها‭ ‬وعلاجها‭. ‬

كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مدخل‭ ‬لأفكار‭ ‬جديدة‭ ‬ومبتكرة‭ ‬للأنشطة‭ ‬الفنية‭ ‬والإبداعية‭ ‬لصناع‭ ‬الترفيه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخلاقية‭ ‬وأمنية‭ ‬يتطلب‭ ‬ضوابط‭ ‬واضحة‭ ‬وقوانين‭ ‬محددة؛‭ ‬تكفل‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬خصوصية‭ ‬المستخدم‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬لأن‭ ‬تستخدم‭ ‬أحلامه‭ ‬كمادة‭ ‬مشاعة‭ ‬دون‭ ‬الرجوع‭ ‬إليه‭. ‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الفكرة‭ ‬كجوهر‭ ‬يمكن‭ ‬تصنيفها‭ ‬بالواعدة؛‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬مازالت‭ ‬لا‭ ‬تتيح‭ ‬إمكانية‭ ‬اختراق‭ ‬مؤكد‭ ‬لما‭ ‬يدور‭ ‬داخل‭ ‬باطن‭ ‬العقل‭ ‬البشري،‭ ‬وتعد‭ ‬نتائجها‭ ‬محض‭ ‬تجربة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬حقيقة‭ ‬الحلم‭ ‬بشكل‭ ‬كلي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬جزئي،‭ ‬إلا‭ ‬انها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬مثيرة‭ ‬وتوعد‭ ‬بعدد‭ ‬لا‭ ‬متناهي‭ ‬من‭ ‬الاحتمالات‭ ‬والتوقعات؛‭ ‬التي‭ ‬ستتبناها‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬على‭ ‬مرور‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭ ‬بشكل‭ ‬يثير‭ ‬الفضول‭ ‬ويستدعي‭ ‬الدهشة‭ ‬ويصعب‭ ‬التكهن‭ ‬به‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا