نستطيع أن نقول إننا نعيش اليوم حياة أشبه بالخيال أو ربما بالأحلام! حياة تحاكي الأفكار التي كانت تطرحها القصص وأفلام الكارتون بشكل خيالي وغير منطقي، أو ربما أشبه بالأحداث التي شاهدناها في أفلام الخيال العلمي وسخرنا من غرائبها وعجائبها غير الممكنة!
إذ يعود الفضل بذلك لشركات تصنيع التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعي والعاملين فيها، الذين استطاعوا من خلال جهودهم الدؤوبة وطموحاتهم اللا متناهية لمس حياتنا بكافة نواحيها وبأدق تفاصيلها، وذلك في محاولة منهم لتذليل الصعاب والمستحيلات وتسهيل حياة الأفراد والمجتمعات بوتيرة سريعة ومثيرة للدهشة في آن واحد.
وبالولوج للطبيعة الإنسانية، لا بد أننا كثيرًا ما استيقظنا من النوم ونحن مازلنا تحت وطأة التأثر بأحلامنا! فزعين من المؤلمة أو منتشين بالمفرحة منها، وربما كثيرًا ما كنا نأمل لو أن بإمكاننا إعادة مشاهدتها مجددًا؛ إلا أن ذلك يبقى في إطار المستحيل.
المستحيل الذي أصبح اليوم ممكنًا بفضل شركة (مودرم وركس) الهولندية الناشئة، التي طورت تقنية جديدة تسمح للذكاء الاصطناعي بتسجيل وتوليد صور الأحلام وتحويلها لمحتوى مرئي يعرض على الشاشة؛ ليتمكن المستخدم من إعادة مشاهدتها على غرار الأفلام!
حيث زعمت الشركة المنتجة التي تعد مؤسسة بحثية وأستوديو تصميم بأمستردام، عن تطوير جهاز تحت مسمى (مسجل الأحلام) مستند لبرمجيات وتقنيات متقدمة من شركات مثل (أوبن آيه أي) و(لُما لابس) ليكون بمثابة الكاميرا العقلية التي ترصد الأحداث التي تدور في أذهاننا أثناء النوم.
وبحسب ما أعلنته الشركة، سيكون الجهاز ذات دقة فائقة الوضوح وسيعمل بكافة اللغات، هذا ودشنت المشروع بموقع إلكتروني خاص به تحت شعار: «استيقظ وقل حلمك بصوت عال، وشاهده يتجسد في عالم الأحلام بالجماليات التي تختارها».
ومن المفترض أن يعمل الجهاز عقب تجميعه كخطوة أولى عن طريق النقر عليه مرتين من قبل المستخدم، ومن ثم يجب على المستخدم تسجيل صوته وهو يتذكر حلمه، وبمجرد انتهائه من السرد سيقوم الجهاز بتوليد الحلم وعرضه بشكل مرئي بعد نقر المستخدم على الجهاز مجددًا مرة واحدة، حيث سيتم تخزين الحلم على معالج صغير سعة 8 جيجابايت، والجدير ذكره أن الجهاز يخزن ما يصل إلى 7 أحلام أخرى.
ويعد جهاز (مسجل الأحلام) أحدث اختراع يعمل على الوصول الى الأحلام باستخدام الذكاء الاصطناعي، إلا أن سبقته محاولات أخرى، إذ طورت مختبرات علوم الأعصاب الحاسوبية اليابانية (آيه تي آر) عام 2023 نظام يعمل باستخدام فحص تصوير الرنين المغناطيسي لتصوير الأحلام وتسجيلها بدقة تصل إلى 60% تقريبًا، كما توصلت جامعة سنغافورة الوطنية وجامعة هونغ كونغ الوطنية لنفس النتيجة عبر دراسات أولية نشرتها خلال العام ذاته.
ومن الممكن أن تفتح هذه التقنية الآفاق للعديد من الإمكانيات العلاجية في الطب النفسي، من حيث مساعدة المستخدم على مواجهة مخاوفه من خلال تعرفه على ماهية الحقائق المناطة بكوابيسه المتكررة، عبر قياس أثرها على نفسيته وحياته بشكل عام، الأمر الذي قد يتيح الفرصة للمعالج النفسي لتقيمها وعلاجها.
كما يمكن أن تكون مدخل لأفكار جديدة ومبتكرة للأنشطة الفنية والإبداعية لصناع الترفيه، إلا أن ذلك من ناحية أخلاقية وأمنية يتطلب ضوابط واضحة وقوانين محددة؛ تكفل المحافظة على خصوصية المستخدم وعدم السماح لأن تستخدم أحلامه كمادة مشاعة دون الرجوع إليه.
وبالرغم من أن الفكرة كجوهر يمكن تصنيفها بالواعدة؛ إلا أنها مازالت لا تتيح إمكانية اختراق مؤكد لما يدور داخل باطن العقل البشري، وتعد نتائجها محض تجربة قد لا تعكس حقيقة الحلم بشكل كلي أو حتى جزئي، إلا انها من حيث المبدأ مثيرة وتوعد بعدد لا متناهي من الاحتمالات والتوقعات؛ التي ستتبناها التكنولوجيا الحديثة على مرور السنوات القادمة بشكل يثير الفضول ويستدعي الدهشة ويصعب التكهن به.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك