يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
الطائفية.. أملهم الأخير
ذكرت أمس أن المنطقة العربية شهدت في السنوات الطويلة الماضية تنفيذ مشاريع استراتيجية كبرى تستهدف الدول العربية وتستخدم الطائفية كأكبر أدواتها لتحقيق أهدافها، وقد نجحت هذه المشاريع بالفعل في تدمير أربع دول عربية هي لبنان وسوريا والعراق واليمن.
كما نعلم، شهدت سوريا ولبنان في الفترة الماضية تحولا تمثل في تولي قيادات جديدة السلطة.
في سوريا، أتى نظام جديد بعد سقوط نظام الأسد أعلن في خطابه السياسي أنه يعتزم إعادة بناء الدولة على أسس تتجاوز الطائفية.
وفي لبنان، أتت قيادات جديدة لديها الإرادة الحازمة لاستعادة الدولة وحصر السلاح بيدها وإنهاء الفوضى الطائفية.
لكن الذي يحدث في البلدين أن هذا التوجه الجديد يلقى مقاومة شرسة وخططا لتكريس الحالة الطائفية.
أقول هذا وقد قرأت في الفترة الماضية تقريرين مهمين يدقان ناقوس الخطر بهذا الخصوص، أحدهما عن سوريا، والثاني عن لبنان.
التقرير الأول، نشره موقع البي بي سي قبل فترة عن نتائج تحقيق استقصائي أجرته عن «الشبكات الخارجية التي تغذي الطائفية وخطاب الكراهية في سويا».
تتلخص نتائج التحقيق في أن عددا كبيرا من الشبكات الخارجية «تعمل على تأجيج الطائفية ونشر خطاب الكراهية، إلى جانب ترويج معلومات مضللة حول الأوضاع في سوريا».
أوضح التحقيق أن هذه الشبكات تُدار بشكل منسّق ومنهجي، ضمن حملات إلكترونية استهدفت الحكومة السورية وبعض الأقليات، بالتزامن مع التغيرات السياسية التي تشهدها البلاد. وقد تمكّن فريق بي بي سي لتقصي الحقائق من تتبّع نشاط هذه الحسابات من خلال رصد أكثر من مليوني منشور مرتبطة بالأحداث في سوريا، منذ سقوط نظام بشار الأسد.
وقام الفريق بتحليل عينة تشمل أكثر من 400 ألف منشور على منصة إكس (المعروفة سابقاً باسم تويتر). وارتبطت المنشورات بحملات تضليل وخطابات كراهية واسعة النطاق من قِبل منتقدي ومؤيدي الإدارة السورية الجديدة. واستخدمت تكتيكات شائعة مثل النشر المتزامن، وإعادة نشر المحتوى القديم، ونسج روايات ملفقة للتأثير على الرأي العام.
فحص فريق بي بي سي لتقصي الحقائق 50 ألف منشور تحتوي على ادعاءات كاذبة أو غير موثوقة ضد الإدارة السورية الجديدة، وتبيَّن أن 60 في المائة من هذه المنشورات صادرة عن حسابات حددت أدوات التحليل موقعها الجغرافي خارج سوريا، خاصةً في العراق واليمن ولبنان وإيران.
ومن الأساليب الشائعة الأخرى التي تستخدمها هذه الحسابات إعادة نشر مقاطع فيديو قديمة لا علاقة لها بالأحداث الحالية، وتقديمها زوراً على أنها مرتبطة بوقائع حديثة.
التقرير طويل ويورد وقائع محددة كثيرة، لكنه في المحصلة النهائية أثبت وجود حملة واسعة النطاق مخطط لها لتأجيج الطائفية والصراع الطائفي في سوريا.
التقرير الثاني نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية قبل أيام وكتبه الفريق التحريري في الصحيفة بعنوان «مواجهة لبنان مع حزب الله». التقرير يتحدث عن مسألة حصر السلاح بيد الدولة الذي قررته القيادة اللبنانية، وماذا سيفعل حزب الله إزاء القرار وهل سيسمح باستعادة الحكومة اللبنانية السيادة على أراضيها؟
التقرير يقول إن حزب الله لا يزال لديه العديد من الأوراق ليلعب بها، أهمها «الورقة الشيعية». يتوقع التقرير ألا يلجأ حزب الله إلى العنف الداخلي لكنه سيلجأ إلى استخدام ورقة الطائفية والتلويح بعودة الصراع الطائفي. وهذا الأمر -في رأي التقرير- كفيل بأن يُعرقل أجندة رئيس الوزراء نواف سلام والرئيس جوزاف عون.
ويوضح التقرير كيفية استخدام الحزب ورقة التلويح بالصراع الطائفي، بأنه بمساعدة حلفائه في حركة أمل، سوف يقوم بتصوير نزع السلاح على أنه هجوم على الشيعة، بكل ما يترتب على ذلك.
كما نرى بحسب التقرير أن هناك مخططات لإفشال التوجهات الجديدة في سوريا ولبنان والحيلولة دون استعادة الدولة. والسبيل الأساسي لذلك هو تأجيج الصراع الطائفي مرة أخرى.
الدول الأجنبية والقوى التي وقفت وراء ضياع البلدين في السابق تريد أن تقاتل حتى آخر لحظة من أجل الحفاظ على مواقعهم.. والطائفية هي أملهم الأخير.
هذا الوضع يتطلب أقصى درجات الوعي والحذر من السلطات في البلدين. ويتطلب قبل هذا أجندة وطنية متكاملة للتوحيد الوطني ولاستعادة قوة الدولة. وهذا أمر قد نعود إليه تفصيلا بعد ذلك.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك