العدد : ١٧٣٠٤ - الجمعة ٠٨ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٠٤ - الجمعة ٠٨ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ صفر ١٤٤٧هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

«مؤذن الفريج».. حكاية من دبي

هناك‭ ‬دول‭ ‬ومجتمعات‭ ‬تسابق‭ ‬الزمن،‭ ‬وتحتل‭ ‬الريادة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأمور‭.. ‬إمارة‭ ‬‮«‬دبي‮»‬‭ ‬بدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬الشقيقة،‭ ‬تعد‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬عصرها‭ ‬في‭ ‬مشاريعها‭ ‬ومبادراتها‭ ‬وبرامجها‭ ‬النوعية‭.‬

الفكر‭ ‬القيادي‭ ‬الإماراتي‭ ‬نراه‭ ‬يعزز‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬مشروع‭ ‬حضاري‭ ‬الهوية‭ ‬الإماراتية‭.. ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬مبادرة‭ ‬عصرية‭ ‬الثقافة‭ ‬الوطنية‭.. ‬هناك‭ ‬توازن‭ ‬مقصود‭ ‬وذكي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬الحيوي‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬أطلقت‭ ‬دبي‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬مؤذن‭ ‬الفريج‮»‬‭.. ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬والثوابت‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولدى‭ ‬الناشئة‭ ‬والشباب‭ ‬فيها‭. ‬لقد‭ ‬جاءت‭ ‬الفكرة‭ ‬من‭ ‬دبي‭ ‬التي‭ ‬يقطنها‭ ‬غالبية‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭.. ‬فيما‭ ‬مدن‭ ‬وقرى‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬التي‭ ‬يقطنها‭ ‬غالبية‭ ‬المواطنين‭ ‬تجد‭ ‬في‭ ‬مساجدها‭ ‬مؤذنين‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭.. ‬أليست‭ ‬معادلة‭ ‬غريبة‭..!!‬

فكرة‭ ‬‮«‬مؤذن‭ ‬الفريج‮»‬‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬تعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الإماراتية‭ ‬وتنمية‭ ‬الوازع‭ ‬الديني‭ ‬لدى‭ ‬الصغار،‭ ‬وتبدأ‭ ‬باستقطاب‭ ‬أبناء‭ ‬مناطق‭ ‬وأحياء‭ ‬مدينة‭ ‬دبي‭ ‬من‭ ‬الصغار‭ ‬من‭ ‬عمر‭ (‬6‭ ‬سنوات‭ - ‬16‭ ‬عاما‭) ‬لتدريب‭ ‬الأبناء‭ ‬على‭ ‬تأدية‭ ‬الأذان‭ ‬بالطريقة‭ ‬الصحيحة،‭ ‬ويتم‭ ‬التنفيذ‭ ‬بتصوير‭ ‬مقطع‭ ‬كامل‭ ‬بالأذان،‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬العصر‭ ‬ولمدة‭ ‬20‭ ‬دقيقة‭ ‬بحضور‭ ‬ولي‭ ‬الأمر،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استخدام‭ ‬أي‭ ‬برامج‭ ‬لتحسين‭ ‬الصوت،‭ ‬ثم‭ ‬رفع‭ ‬المقطع‭ ‬على‭ ‬بريد‭ ‬خاص‭ ‬بالمسابقة،‭ ‬ثم‭ ‬تقوم‭ ‬اللجنة‭ ‬المحكمة‭ ‬باختيار‭ ‬ممثل‭ ‬عن‭ ‬كل‭ (‬فريج‭) ‬ثم‭ ‬إقامة‭ ‬مسابقة‭ ‬يتم‭ ‬التصويت‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجمهور‭ ‬لاختيار‭ ‬أفضل‭ ‬الأصوات‭ (‬الفائز‭) ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قنوات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ثم‭ ‬إعلان‭ ‬الفائز‭  ‬واختيار‭ (‬مؤذن‭ ‬الفريج‭).‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭ ‬يقول‭ ‬الإعلامي‭ ‬الإماراتي‭ ‬‮«‬عيسى‭ ‬الزرعوني‮»‬‭: ‬‮«‬قالوا‭ ‬إن‭ ‬كثرة‭ ‬الجنسيات‭ ‬ستأخذ‭ ‬من‭ ‬عيال‭ ‬دبي‭ ‬طبعهم‭ ‬ولهجتهم،‭ ‬وتُذيبهم‭ ‬في‭ ‬زحمة‭ ‬العالم،‭ ‬لكنهم‭ ‬ما‭ ‬عرفوا‭ ‬دبي‭.. ‬دبي‭ ‬ما‭ ‬ربّت‭ ‬يوماً‭ ‬جيلاً‭ ‬هشّاً،‭ ‬بل‭ ‬أخرجت‭ ‬أبناءً‭ ‬صقلهم‭ ‬التنوع،‭ ‬وزادتهم‭ ‬العشرة‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬فطنة‭ ‬ومرونة،‭ ‬لا‭ ‬ذوباناً‭ ‬ولا‭ ‬تخلّياً‭ ‬عن‭ ‬الأصل،‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬المدن‭ ‬الساحلية‭ ‬الأخرى‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالشرق‭ ‬والغرب‭ ‬ببضائعهم‭ ‬وثقافتهم‭ ‬منذ‭ ‬300‭ ‬سنة‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭.‬

وكما‭ ‬أطلقت‭ ‬دبي‭ ‬مبادرات‭ ‬مثل‭ ‬مؤذن‭ ‬الفريج‭ ‬وفرجان‭ ‬دبي‭ ‬لتوثيق‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬وأحيائهم،‭ ‬جاءت‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬مبادرة‭ ‬تحدي‭ ‬الإعلامي‭ ‬الصغير‮»‬‭ ‬استكمالاً‭ ‬لذلك‭ ‬العقد‭ ‬المجتمعي،‭ ‬ولكن‭ ‬بصوت‭ ‬إعلامي‭ ‬جديد،‭ ‬يُشبه‭ ‬الجيل،‭ ‬ويُعبّر‭ ‬عنه،‭ ‬حيث‭ ‬تعتمد‭ ‬المبادرة‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬وتدريب‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬فن‭ ‬الحوار‭ ‬والإلقاء‭ ‬ومخاطبة‭ ‬الجمهور‭ ‬بكل‭ ‬اتقان‭ ‬وتمكن‮»‬‭.‬

في‭ ‬بلادنا‭ ‬الغالية،‭ ‬وفي‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬شهدنا‭ ‬تعيين‭ ‬مديرين‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬السنية‭ ‬وإدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية،‭ ‬ونتصور‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود‭ ‬من‭ ‬دورهم‭ ‬هو‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬ورعاية‭ ‬الأوقاف‭ ‬والاستثمار‭ ‬المستدام‭.. ‬كما‭ ‬نتمنى‭ ‬منهم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬دبي‭ ‬الناجحة‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬مؤذن‭ ‬الفريج‮»‬‭.. ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬الحاصل‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬والدول‭ ‬الخليجية‭.‬

وحيث‭ ‬إن‭ ‬الشيء‭ ‬بالشيء‭ ‬يذكر‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬المديرون‭ ‬بزيارات‭ ‬ميدانية‭ ‬للمساجد‭ ‬والجوامع‭ ‬والمصليات‭ ‬ومراكز‭ ‬التحفيظ‭ ‬وغيرها،‭ ‬واللقاء‭ ‬بالمصلين‭ ‬والتحاور‭ ‬معهم‭ ‬والاستماع‭ ‬لملاحظاتهم‭ ‬ومقترحاتهم‭.. ‬والسعي‭ ‬لتعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬البرامج‭ ‬الدينية‭.. ‬فحكاية‭ ‬دبي‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬نموذجا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا