تعرف على أنها إحدى الممارسات الشائعة في السوق العقاري. وتتمثل في شراء عقار بهدف بيعه لاحقًا بسعر أعلى لتحقيق ربح سريع دون نية تملكه أو استثماره طويل الأجل. والهدف الأساسي هو تحقيق مكاسب من تقلبات الأسعار.
المضاربة العقارية او ما يعرف بالمضاربة في العقارات هي استثمار ينطوي على درجة عالية من المخاطرة حيث يكون تركيز المشتري على تقلبات الأسعار، ويشتري المستثمر العقار في محاولة للربح من التغيرات في القيمة السوقية، ونحن نطلق على شخص ما لقب المضارب عندما يكون هو أو هي أقل اهتماما بالقيمة الحقيقة للعقار، وأكثر اهتماماً وتركيزاً على تحركات الأسعار، ولا يهتم المضارب بالدخل السنوي الذي قد يجلبه العقار مثل قيمة الإيجارات السنوية، بل ما يهم المضارب هو ثمن بيع العقار في تاريخ مستقبلي، فهدف المضارب يكون الدخول والخروج السريع من السوق.
ما المشروع العقاري الذي يمكن شراؤه، ثم بيعه بعد عدة أشهر مع تحقيق أرباح كبيرة كنوع من المضاربة، حيث يبادر الكثيرون للمضاربة العقارية من دون خبرة كافية أملا في تحقيق أرباح مغرية. والسؤال هنا: ما مميزات المضاربات العقارية؟ وما عيوبها ومخاطرها؟ هل يناسب الجميع وفي جميع الأوقات؟
هذا ما يناقشه الخبير العقاري أشرف علام، لافتا الى ان هناك العديد من الأسباب التي تجعل الافراد يتجهون لمثل هذا النوع من المضاربة، منها وجود مطورين ومشاريع يمكن الشراء فيها ثم بيعها بعد ستة أشهر مع تحقيق أرباح مجزية. ولكن هذا لا يحدث مع جميع المطورين وجميع المشاريع، فالأمر يرتبط بالمنطقة والفئة المستهدفة من المشروع وطبيعة السوق والأنظمة والقوانين في الدولة واشتراطات العقود. ومن الخطأ الدخول بمثل هذه الخطوات من دون خبرات كافية ودراسة وافية او الانسياق لوعود مسوق عقاري يعد بأرباح تصل الى 50% بعد ستة أشهر. لأن الموضوع فيه تفاصيل كثيرة تتعلق بخطة الدفع والتمويل والتكاليف المختلفة. كأن تتضمن خطة الدفع مقدما محددا، والباقي خلال سنوات معينة، مع إمكانية البيع بعد فترة وجيزة بسعر أعلى مما دفعه الفرد. وهنا تكون الأرقام مغرية جدا. ولكن قد تكون هناك تفاصيل كثيرة لا تقال.
الجانب الأول الذي يركز عليه الخبير العقاري أشرف علام هو هل جربت هذه الخطوة سابقا؟ هل تعرف المطور بشكل جيد؟ هل لديك فكرة كافية عن المشروع؟ هل قرأت العقود والشروط خاصة تلك المتعلقة بالخروج من العقد بعد ستة أشهر؟ هل لديك دراسة ومعلومات حول طبيعة السوق بعد ستة أشهر؟ وكم شخص قام بالشراء بهدف البيع بعد ستة أشهر؟
عدم وجود معلومات كاملة عن كل هذه التفاصيل يمثل مخاطر على المال الذي تود الاستثمار فيه، لأن الاستثمار العقاري ليس كالبورصة تشتري اليوم وتبيع غدا. ومثل هذه الخطوات تنجح من الأفراد الذين يمتلكون المعلومات الكافية التي توفر لهم (أفق استثماري) مع سيولة كبيرة إضافية. وبالتالي لو لم تسر الظروف كما هو مرتقب لا يتضرر كثيرا. ولكن شراء عقار من خلال تمويل بنكي مثلا من دون وجود مبالغ إضافية احتياطية، قد يضعك في أزمة، لأنك لو تعسرت في أي قسط خلال هذه المدة، ستخسر الوحدة العقارية، ويعود لك المبلغ الذي دفته مع خصم نسبة كبيرة من قيمة الوحدة. وقد يكون هناك شرط لدى المطور بعدم إعادة المبلغ قبل الحصول على مشتري آخر، وهذا ما يعني إمكانية الانتظار أشهرا طويلة.
ولو كانت المضاربة سواء في العقار او الأسهم او الذهب وغيرها بهذه السهولة والسرعة لأصبح الجميع أغنياء بالمضاربة. والخلاصة إذا لم تكن على يقين بأنك قادر على دفع الأقساط، فلا تقدم على هذه الخطوة.
والامر الآخر، أنك لا تضمن أنك عندما تعرض العقار للبيع ستحصل على مشتر بشكل سريع. فقد تضطر الى الانتظار أشهرا طويلة.
أضف الى ذلك، ليس كل عقار يضمن لك تحقيق أرباح مجزية. وهذا يتطلب معرفة بالسوق والمنطقة ونوع العقار ومواصفاته، فشراء عقار غير مناسب او سيء بناء على توصية وسيط او مسوق عقاري، قد يسبب لك خسائر كبيرة مستقبلا.
ويضيف علام: المشكلة لا تقتصر على الافراد فقط، بل يمتد الى السوق العقاري والاقتصاد القومي. فوجود مثل هذه الحالات يؤدي الى رفع أسعار العقارات من دون مبرر نتيجة ارتفاع الطلب غير الحقيقي بسبب المضاربة. حيث يرفع المطور سعر المشاريع الحالية، ويرفعها أكثر في المشاريع القادمة لأنه يلمس طلبا وبيعا سريعا للوحدات العقارية.
ونفس المطور سيفاجئ بعد فترة أن نسبة كبيرة من المستثمرين يريدون الخروج. وهذا أحد أسباب حدوث الفقاعة العقارية.
ومن المتضررين أيضا هم الافراد الذين يريدون الشراء بهدف السكن، حيث ان ارتفاع الأسعار يجعلهم عاجزين عن امتلاك عقار، فيلجئون إلى الإيجار، وهنا يرتفع الايجار هو الاخر. وتستمر الأسعار في الارتفاع في البيع وإعادة البيع لان العملية مرتبطة ببعضها البعض. وكلها بسبب ممارسات سيئة يقوم بها الافراد. كما ان العقار عبارة عن دورة مترابطة يؤثر كل جزء فيها على الآخر.
وحتى المطور نفسه قد يخسر. فوجود نسبة كبيرة من المضاربين الذين اشتروا في المشروع وواجهوا صعوبات في سداد الأقساط، يعني مشاكل في التمويل وأزمة مالية نتيجة الخروج الجماعي من المشروع. وهذا يسيء حتى الى سمعة المطور مستقبلا، حيث يتردد الكثير من المستثمرين في شراء التي يراد إعادة بيعها في المشروع، وتثار الكثير من التساؤلات حول أسباب هذا البيع وما إذا كانت هناك إشكاليات موجودة.
ويسوق أشرف علام على ذلك مثالا بما كان يحدث في دبي قبل عام 2008 وما حدث من ازمة، حيث كانت المضاربات أحد الأسباب التي قادت الى الفقاعة. لذلك عمدت الحكومة الى تغيير الأنظمة واجبار المطورين على وضع شرط في العقود بدفع 40% قبل إمكانية الخروج من العقد. وهذا ما وفر حماية جيدة للسوق ويجعله قادرة على مواجهة التحديات واضرار المضاربات.
لذلك من الضروري ان تشدد الحكومات على موضوع المضاربات وتضع قيودا صارمة لحماية السوق العقاري من المضاربات غير المدروسة او المنظمة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك