لم تعد الاستدامة حكرا أو قصرا على قطاع او مجال محدد، بل باتت مطلبا أساسيا ليس في كل قطاع، بل في كل مفصل من مفاصل القطاع.
وبالنظر إلى القطاع العقاري، نجد أنه من اول القطاعات التي ركزت على مفاهيم الاستدامة من خلال المباني الخضراء والصديقة للبيئة والبيوت الذكية وغيرها.
ولكن في خط مواز، يبرز مصطلح لا يقل أهمية وهو الاستدامة في إدارة العقارات. فمع التطورات، أصبح التحول إلى استدامة إدارة العقارات ليس مجرد رفاهية، بل مطلبا رئيسيا يتناغم مع ارتفاع التكاليف التشغيلية وتزايد الوعي البيئي. وبالتالي أصبح الكثير من المطورين وشركات ادارة العقارات مطالبة بالتركيز على هذا الجانب بما في ذلك توفير بيئة عمل مستدامة تعزز من الأداء وتحمي الموارد وتحقق عوائد مجزية. بل باتت هذه المبادئ في كثير من الاسواق العقارية جزءًا أساسيًا من المشاريع العقارية. ما يعني أن موضوع الاستدامة في ادارة المشاريع العقارية ليس مجرد ترف، بل عنصرا أساسيا في تطوير المشاريع العقارية الحديثة، ولا سيما ان إدارة العقارات لم تعد تقتصر على التأجير والصيانة، بل أصبحت علمًا متكاملًا يعتمد على أدوات رقمية واستراتيجيات تشغيل ذكية، وتفكير بيئي طويل الأمد.
في تقرير نشرته منصة نفوذ العقارية، أكد أن الاستدامة في إدارة العقارات لا تعني فقط استخدام الألواح الشمسية أو تقليل استهلاك المياه، بل تشمل تبني نماذج تشغيل ذكية، واستخدام التكنولوجيا لإدارة الصيانة، وتقديم خدمات تسهم في راحة المستخدمين وتعزز من ولاء المستأجرين، مما ينعكس على الإيرادات والأشغال.
واشار التقرير الى ان الاستدامة في القطاع العقاري تعني تصميم وبناء وتشغيل المباني بطريقة تقلل من استهلاك الموارد الطبيعية، وتخفض التلوث، وتعزز من جودة الحياة للمستخدمين. ويشمل هذا المفهوم تبني ممارسات البناء الأخضر، واستخدام تقنيات حديثة لتحسين كفاءة الطاقة، وإدارة النفايات بشكل فعال.
وهنا من المهم التأكيد أن هناك علاقة مباشرة وحيوية بين طبيعة البيئة التشغيلية للعقار وجودة الاستثمار، فكلما كانت البيئة التشغيلية للعقار مستدامة، زادت فرصة تحقيق عائد أعلى، حيث إن البيئة النظيفة والآمنة والمستدامة تنعكس ايجابا على زيادة نسب الإشغال وارتفاع القيمة السوقية للعقار، واستمرارية جودة العقار فترة أطول من دون مصاريف مفاجئة.
وتركز عناصر الاستدامة في العقارات على كفاءة استهلاك الطاقة والمياه، استخدام مواد بناء صديقة للبيئة، وتصميمات تعزز الإضاءة والتهوية الطبيعية.
وبالتالي تبرز هنا استراتيجيات مهمة تتعلق بالاستدامة في إدارة العقارات، ومن أبرز هذه الاستراتيجيات:
- كفاءة الطاقة: مثل التحول لاستخدام الإنارة الذكية، والتحكم في أجهزة التكييف آليًا، وتركيب عدادات استهلاك متقدمة يساعد في تقليل فاتورة الطاقة.
- الصيانة الذكية: كالاعتماد على الصيانة الوقائية التي تقلل من الأعطال المفاجئة وتطيل عمر الأصول. فالصيانة الوقائية ليست فقط وسيلة للحفاظ على العقار، بل استراتيجية استثمارية تقلل من الأعطال الكبيرة وتضمن استمرارية التشغيل من دون انقطاع. من خلال الجدولة الدورية وإدارة الموارد بكفاءة، يمكن تحقيق وفورات مالية ملموسة على المدى الطويل.
- استخدام الموارد بشكل مستدام: ومثال ذلك إعادة تدوير المياه الرمادية، وتركيب أجهزة موفرة لاستهلاك المياه في المرافق العقارية.
- الاستدامة في التصميم: اختيار المواد الصديقة للبيئة في تشطيبات العقارات، والتصاميم التي تسمح بالإضاءة الطبيعية وتقليل الحاجة للتكييف.
- التقنية والتحول الرقمي في إدارة الأملاك: ويشمل استخدام تطبيقات لإدارة الصيانة، وإرسال الإشعارات للمستأجرين، وتوثيق العقود إلكترونيًا، بما يرفع الكفاءة ويقلل التكاليف الإدارية.
- تحسين إدارة الإشغال والإيجارات عبر التسعير التنافسي المدروس، والتسويق الذكي الذي يستهدف الشرائح المناسبة من المستأجرين، تضمن الشركات زيادة معدلات الإشغال واستقرار العائد الشهري.
- التقليل من النفقات التشغيلية باستخدام أنظمة ذكية في إدارة الطاقة والمياه والصيانة الوقائية، يمكن خفض التكاليف التشغيلية دون التأثير على جودة الخدمة.
- تحسين تجربة المستأجرين: فالمستأجر الراضي هو مستأجر مستمر.
- التخطيط طويل الأمد للأصول من خلال خطة استثمارية شاملة تتضمن الصيانة الدورية، والتحديثات المستقبلية، والتوسع المحتمل في الاستخدام العقاري للأصل.
وعند الحديث عن الاستدامة في ادارة الأملاك، يبرز ايضا جانب اخر يرتبط بشكل مباشر بها وهو الجودة في إدارة الأملاك والذي يعتبر أساسا راسخا لتعزيز الثقة والاستدامة، وعاملا مهما في تحديد قدرة العقار على تحقيق عائد مستدام، مع تحسين مستوى الخدمة للمستأجرين وخفض التكاليف التشغيلية على المدى الطويل. وتشمل الجودة في إدارة الأملاك عدة عناصر منها الصيانة، التشغيل، تجربة المستأجر، الامتثال القانوني، والإدارة المالية.
من هنا، كلما ارتفعت الجودة في ادارة الاملاك، قلت الأعطال الطارئة نتيجة تطبيق الصيانة الوقائية، فينخفض إنفاق الإصلاحات الطارئة. ويرافق ذلك تحسن رضا المستأجرين، ما يؤدي إلى معدلات احتفاظ أعلى ونسب إشغال أفضل. وبنفس الوقت تزداد شفافية التقارير المالية والتعاملات العقدية، مما يعزز ثقة الشركاء والمستثمرين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك