يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
منافقون ومتواطئون ومجرمون
كما نعرف، الدول الأوروبية صعَّدت في الفترة الماضية لهجتها ومطالباتها بوقف حرب إبادة غزة. أصدرت بيانات جماعية ومنفردة تنتقد إسرائيل وتدعو إلى وقف الحرب وتتحدث عن أنها سوف تتخذ إجراءات إذا لم يحدث هذا. وبعض الدول الأوروبية أعلنت عزمها إعلان الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. وهكذا.
بشكل عام، هذه المواقف جيدة بالطبع وهي موضع ترحيب عام، لكن القضية الأساسية هنا أن هذه المواقف لا تعكس حقيقة الموقف الفعلي للدول الأوروبية ودورها.
الأمر الذي لفت نظري في الفترة الماضية أن هذه المواقف الأوروبية المعلنة لم تخدع كثيرا من المحللين والكتاب وبعض الساسة في الغرب.
قرأت عددا كبيرا من المقالات والتحليلات التي توجه انتقادات حادة وعنيفة إلى الدول الأوروبية، وتجمع على وصف الموقف الأوروبي بكلمات محددة هي، النفاق، والكذب، والتواطؤ، والإجرام.
أحد الكتاب كتب يقول إن الدول الأوروبية منافقة وكاذبة في مواقفها المعلنة هذه التي تتظاهر فيها باتخاذ موقف قوي من حرب إبادة غزة وجرائم إسرائيل. ويضيف أنها تعلم أن حسابها سيكون قاسيا من الشعوب والتاريخ لتواطئها في الجرائم الإسرائيلية وإنها فقط تريد أن تسجل موقفا كي تزعم أنها لم تصمت ورفضت هذه الجرائم. وهذا كذب.
من بين هذه الكتابات عن المواقف الأوروبية توقفت خصوصا عند مقال نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية قبل أيام.
هذا المقال يعتبر أعنف نقد لمواقف الدول الأوروبية، وأهميته أن كاتبه هو جوزيب بوريل، الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية؛ أي أن هذا رأي لمسؤول أوروبي كبير جدا يعلم بكل خفايا وتفاصيل مواقف الدول الأوروبية.
لنتابع ماذا يقول.
يقول إن «قادة الاتحاد الأوروبي متواطئون في جرائم إسرائيل بإخفاقهم في معاقبتها، وأنه سوف تتم مساءلتهم ومحاسبتهم في المستقبل بسبب تواطئهم في جرائم ضد الإنسانية ارتكبتْها حكومة نتنياهو، وأن الشعوب الأوروبية ستحاكِم هؤلاء القادة بقسوة بسبب تعاميهم عن عملية الإبادة الجماعية التي تحدث الآن في غزة».
أهم ما في مقال المسؤول الأوروبي الكبير قوله إن الدول الأوروبية قادرة فعلا على الضغط على إسرائيل ولديها أوراق كثيرة تستطيع أن تستخدمها وعقوبات مؤثرة جدا كثيرة تستطيع أن تفرضها.
وهو يحدد الأوراق التي تستطيع أوروبا أن تستخدمها والعقوبات التي تستطيع فرضها على النحو التالي:
1 - تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل التي انتهكت بنودها بشكل سافر.
2 - حظر بيع السلاح لإسرائيل بسبب ما ترتكبه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
3 - حظر استيراد منتجات قادمة من مستوطنات غير شرعية بموجب قرارات محكمة العدل الدولية في هذا الخصوص.
4 - معاقبة وزراء وقادة سياسيين إسرائيليين يحرّضون على الإبادة.
5 - حظْر نتنياهو من استخدام المجال الجوي الأوروبي بموجب أوامر التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقّه.
كل هذه الإجراءات حددها المسؤول الأوروبي الكبير، ومن شأنها أن تجبر إسرائيل فعلا على وقف حرب الإبادة، لكنها لم تقدِم على إجراء واحد منها.
هذه العقوبات يجب فرضها على إسرائيل؛ لأنها في رأيه هي اللغة الوحيدة التي يمكن أن توقف قادة إسرائيل عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
ويقول المسؤول الأوروبي إن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بعدم إقدامهم على فرض هذه العقوبات على إسرائيل، فإنهم «يقوضون ثقة العالم فيهم، كما يقوّضون سيادة القانون الدولي».
ويختم مقاله بالقول: «إن الذين لا يحرّكون ساكنا لوقف عملية الإبادة وانتهاكات القانون الدولي رغم قُدرتهم على ذلك، إنما هم متواطئون فيها».
كما نرى، هذه أوضح وأقوى إدانة، ومن مسؤول أوروبي كبير، لمواقف الدول الأوروبية وفضح لنفاقها وتواطئها مع إسرائيل في جرائمها.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك