يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
عن مؤتمر حلِّ الدولتين
عُقد قبل أيام، وعلى امتداد يومين، في الأمم المتحدة المؤتمر الدولي بشأن تسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حلِّ الدولتين الذي ترأسته السعودية وفرنسا.
بداية، يجب أن ننوه بأن الفضل في عقد هذا المؤتمر الدولي يعود إلى السعودية في المقام الأول، التي أطلقت في سبتمبر من العام الماضي «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، وعقد هذا المؤتمر في إطاره.
المؤتمر صدر عنه بيان طويل جدا تحت اسم «إعلان نيويورك» يتضمن 42 بندا.
بنود البيان الختامي تغطي كل جوانب الصراع، وتطرح مواقف بضرورة وقف حرب غزة وتصورات لإدارتها بعد انتهاء الحرب، وتؤكد القوانين الدولية المتعلقة بالصراع، وغير ذلك من قضايا ومواقف.
لكن، كما هو مفهوم، الموضوع الرئيسي للمؤتمر هو موضوع العمل من أجل تسوية سلمية نهائية للصراع تقوم على حل الدولتين، الأمر الذي يحتم قيام الدولة الفلسطينية. وهذا ما أكده بيان المؤتمر في عديد من بنوده.
السؤال: إلى أي حدٍّ يعتبر المؤتمر خطوة مهمة، وهل يمكن الرهان على نتائجه وعلى جهود تنفيذ حل الدولتين الآن ومستقبلا؟
تباينت الآراء حول أهمية المؤتمر ودوره.
البعض له رأي متحفظ في هذا الشأن ويميل إلى عدم إعطاء أهمية كبيرة للمؤتمر وما نتج عنه.
هؤلاء يرون أن المؤتمر يمكن أن يكون مؤتمرا آخر مثل آلاف المؤتمرات التي عقدت في السنين الطويلة الماضية حول الصراع واتخذت مئات القرارات التي ذهبت كلها أدراج الرياح ولم تحقق شيئا.
ويبني هؤلاء آراءهم على عوامل كثيرة في مقدمتها:
1 - أن إسرائيل موقفها قاطع في الرفض المطلق لقيام دولة فلسطينية بأي شكل وفي أي إطار. وأمريكا تؤيد إسرائيل في هذا إلى حدٍّ كبير.
2 – أن الواقع الذي فرضه الاحتلال على الأرض جعل من المستحيل عمليا قيام دولة فلسطينية. إسرائيل دمرت غزة بأكملها. والمستوطنات ابتلعت الأراضي الفلسطينية التي من المفروض أن تقوم عليها الدولة. وإسرائيل أعلنت بوضوح عزمها إعلان ضم الضفة.
3 – أنه ثبت في الفترة الماضية أن المجتمع الدولي يقف عاجزا ولا يستطيع أن يفرض شيئا على إسرائيل.
وعلى الرغم من وجاهة هذه الاعتبارات، فإننا لسنا مع الذين يقللون من شأن المؤتمر ويحكمون بعدم جدواه. بالعكس، المؤتمر مهم ومن الممكن أن يحدث تحولا.
بداية، نلاحظ أن مجرد عقد المؤتمر أطلق زخما عالميا كبيرا في اتجاه تأييد القضية الفلسطينية. تجسد هذا في العدد الكبير من الدول التي أعلنت عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية. هذا تطور لا يجوز التقليل من شأنه.
الأمر الآخر أن المؤتمر ليس كغيره من المؤتمرات ينعقد ثم ينفضُّ وينساه الكل. المؤتمر جزء من عملية طويلة تم إطلاقها وتهدف في النهاية إلى إقامة الدولة الفلسطينية.
يجب أن ننوه هنا بأن المؤتمر شكل ثمانية فرق عمل تعمل في إطاره هدفها وضع إطار شامل وقابل للتنفيذ للتسوية السلمية وتنفيذ حل الدولتين ويشكل خطة عمل لها أفق زمني.
وفي هذا السياق نص بيان المؤتمر على «الالتزام باتخاذ خطوات محددة زمنياً لتنفيذ حل الدولتين، وأن الإطار الزمني لتحقيق دولة فلسطينية هو 15 شهراً».
نحن إذن إزاء جهود دولية جادة تقودها السعودية لإقامة الدولة الفلسطينية والتسوية السلمية للصراع، لا يجوز التقليل من شأنها.
ويجب أن نلاحظ أن الظروف الحالية مواتية لهذا التحرك.
العالم كله اكتشف وحشية إسرائيل وتهديدها للإنسانية كلها، وأدرك ضرورة ردعها ومحاسبتها على جرائمها وإنصاف الشعب الفلسطيني.
هذا وضع موات للتحرك الدولي من أجل العمل على إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه وإقامة دولته المستقلة.
وعموما، معركة استعادة الحق الفلسطيني طويلة جدا، ويجب أن نستخدم فيها كل الأسلحة وكل الإمكانيات والجهود.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك