هي بلقيس ياسين الأمير، فنانة جمعت بين العلاقات الإنسانية في رابط أسري وبين انشغالها بلوحة معاصرة ضمن عالم التشكيل المعاصر.
سعودية من محافظة الأحساء، مدربة للرسم، انشغلت منذ طفولتها بعوالم اللوحة في تجانس فرشاة وألوان.
التحقت بدورات في عالم التشكيل وفق قواعد صحيحة بالالتحاق بالورش الفنية والدورات ودراسة المنهج الاكاديمي، بين مدرستين الواقعية والكلاسيكية تركت قاربها يشق عباب عوالم اعملها، شاركت في العديدة من المعارض الفنية والمهرجانات ورسم الجداريات تحت رعاية بلديات المنطقة الشرقية، حائزة على جوائز لمسابقات فنية على الصعيد المحلي حملت بقلبها اسرتها كونها أم وموهبتها التي هدهدت احلامها لأكثر من 15 عاماً ومازالت مع مسيرتها المرأة الحالمة القوية في عالم أراد لها أن تكون بجانب الرجل أما وفنانة لا يخالفها الحدس الفني أو يتركها للفضاء دون بصيرة.
*- قبل كل شيء أود أن أقترب من عوالم رحلتك الفنية، كيف كانت البدايات، ومتى شعرتِ أن الفن التشكيلي هو مساركِ الحقيقي؟
- رحلتي الفنية وكيف بدأتها: الرسم موهبة طوعتها حسب قينونة الأسس الصحيحة والقواعد الأساسية للفن التشكيلي وهذا عبر الدورات والدراسات والاطلاع والممارسة حيث دأبت منذ عشقت هذا الفن في السعي لتطور ورفع المستوى الثقافي والادائي إلى الاحترافية بالاندراج في المحافل الفنية حيث أصبح الفن شغفي الأول فوجدتُ نفسي فيه، مما اشعرني بتحقيق ذاتي والهيام في عالمي الخاص.
*-هل كانت لنشأتكِ وبيئتكِ دور محفّز لموهبتكِ الفنية؟
*- أود أن أنوه بأن عائلة الأمير الغالبية فيها يمتلكون الموهبة الفنية وعلى الصعيد الأسري كان الحس الفني يسود افرادها ضمن فنون متنوعة حيث أني وفي سن مبكر اناب قلمي عني ينقل كل ما تراه عيني على الورق وبعض من افراد العائلة يدعم هذا معنوينا بالإعجاب والتشجيع مما ساعد على رفع الطموح واستمرار وارتقاء هذا التنوع من المواهب لمستوى اعلا.
*- ما الصعوبات التي واجهتك في التعبير عن نفسكِ كفنانة؟
- ولله الحمد لم يكن هناك صعوبات واجهتني سوى تنظيم الوقت في التوافق بين واجباتي والتزاماتي الأسرية والعملية حيث إني زوجة وأم محاولة التوافق في القيام بكل التزاماتي من دون تقصير من الناحية الأسرية ومن الناحية الفنية في مسيرتي. وهذا أخذ مني جهد بدني وذهني مضاعف، ولكن بحمدالله سعيت جاهدة وجادة لتحقيق ذاتي فنيا وأسريا.
*- كيف تصفين ملامح أسلوبكِ الفني؟ وهل هناك عناصر تُميّز أعمالكِ عن غيرها؟
- اسلوبي فنيا لا يبتعد كثيراً عن اسلوبي الفطري، حيث الواقعية لها تأثير تعبيري عما اشعر به وأرغب بتجسيده بالعمل، والوضوح والكلاسيكية وعدم النمطية، وضوح الفكرة ودقة التنفيذ وسلامة مقومات العمل من كل النواحي في لتكوين لوحة.
- أما ما يميز اعمالي عن غيرها ليس بالعنصر، بل بشكل الحسي حيث تجد بلقيس الأمير في جزء باللوحة روحها وحسها مما ميز أعمالي التي تشبهني فكريا وروحيا.
* - ما المواضيع التي تستفزّكِ بصريًا وتدفعكِ لتحويلها إلى لوحة؟
- أكثر ما يستفزني ويستهويني، الطبيعة بشكل عام وكل جمال خلقه الخالق جل وعلا وأيضا كل ما هو محفز لروحي نحو الهدوء والتأمل سوى كان مادة ملموسة أو لون أو كلمة.
* - هل هناك رموز معينة تتكرّر في أعمالك وتنسجم مع ما تحلمين به، ما هي هذه الرموز؟
- لا ليس هناك بأعمالي رموز معينة تتكرر، كما بينت لك أستاذ اعمالي غير نمطية مختلفة ومتعددة المواضيع، المتكررة في اسلوبي ووجودي روحيا في العمل الفني.
*- من يتقدم على الآخر، العاطفة أم الحدس، أثناء قيامك بالرسم؟
- نعم قد تكون العاطفة والحدس ينطلقان معاً ضمن علاقات إنسانية لها دور كبير في أعمالي. وفي الحقيقة هي مجالي الفني الذي ارغب في محاكاته فنياً ضمن مواضيع منظومة ذات علاقات إنسانية أجسدها كعمل فني، ولكن أيضا غالبية اعمالي ترتبط بعلاقة تدفع بي نحو الرسم وضمن موضوع معين استهدفه بعد دراسة كل جوانبه الخلاقة.
*- ما هي الطقوس التي تتقدم اعمالك والتي تميلين من خلالها إلى التخطيط والتنفيذ المدروس؟
- طقوسي التي تتقدم العمل هي الاختلاء بنفسي واستحضار كل محفزات الخيال الفني التي تخرج ما بداخلي من صراع وجودي محفز لتنفيذ العمل بحسب موضعيته، هذا بالإضافة إلى مروري بمراحل زمنية تبدأ بالتهيئة النفسية وتكوين علاقة ودية وحوارية بيني وبين الخيال الواسع والتأمل لسطح العمل، والعمل في تكوين المحتوى الفني بمخيلتي ودراسته من حيث النسب والابعاد، والتخطيط بلغة هندسية تقدرها العين، وتشحنها الطاقة المخزونة لدي للدخول إلى صلب العمل والاندماج فيه.
*- لكل موهوب يمتهن الفن أو الأدب صورة ماثلة امامه وهي مرآة لمجتمعه، الذي من خلالها تنعكس هذه المرآة لتكّون صورة حية ضمن علاقاتها بهويتكِ السعودية وثقافتكِ المحلية التي تبرز في اعمالك الفنية، فهل قربتينا منها أكثر؟
- نعم البيئة التي تحتضني ومجتمعي له مقياس كبير عندي له نصيب من اعمالي، وطرحها في المناسبات الوطنية والمهرجانات الجدارية، كالمواريث والمعالم في وطني ومنطقتي، التي تمثلني كمواطنة وفنانة سعودية وخليجياً معاً.
*- هل تشعرين أن الفن التشكيلي في السعودية أصبح وسيلة للتعبير عن التحولات الاجتماعية والثقافية؟ وكيف تبرزين ذلك؟
- نعم بالتأكيد وبقوة، الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية شهد تطوراً ملحوظاً، حيث يمثل جزءاً مهما من الهوية الثقافية والاجتماعية والوطنية في المملكة وهذا من خلال اتاحة المعارض، وتزين المباني والحدائق، والشوارع العامة والمستشفيات والخ.. بالفن التشكيلي والتعبير عما بقريحة الفنان السعودي وأيضا تأسيس الجمعيات للثقافة والفنون، وصالات للفنون مما يدعم الفنانين التشكيليين حيث بدا الفن التشكيلي في السعودية عنصر رئيسي في مختلف مجالات الحياة والمملكة لم تقصير بشيء في تشجيع الفنانين والكتاب وكل ما يتصل بالثقافة.
*- كونكِ فنانة سعودية، هل واجهتِ تحديات مرتبطة بمجتمعك في بداياتكِ، وكيف تعاملتِ معها؟
- لا - الحمدلله لم اواجه تحديات اجتماعية صعبة، هو فقط عامل الاستيعاب من قبل بعض افراد العائلة والتعود على نمط المسيرة الفنية للنساء والحمدلله اسرتي داعمة لي قلبا وقالبا.
*- هل ترين أن الفنانات السعوديات اليوم يحظين بمساحة كافية للتعبير والإبداع؟
- بالطبع اكيد الفنانات السعوديات لهن مساحة شاسعة وامكانيات فوق التصور على جميع الأصعدة، وشتى أنواع الفنون، اثبتن وجودهن الفني وابداعهن بتقديم رسالتهن الفنية بأجمل وافضل الصور.
* - حدثينا عن تجربة عرض أعمالكِ في المعارض، سواء داخل المملكة أو خارجها… ما أبرز اللحظات التي لا تُنسى والسمات التي جمعتك مع الحضور؟
- تجربة المعارض هو مصطلح يفسر نفسه، المعارض بالنسبة لي كبداية أولى الهدف منها تعريف الجمهور بفني والعرض لاستعراض فكرة رسالتي الفنية، وطرح مكنوني الداخلي واحاسيس وخيالي تشكيليا، والتحقق إلى أي مدى أنا على الخطى الصحيحة فنيا، لإيصال رسالة وفكرة للمتلقي هذا من جهة، ومن جهة أخرى لاجتياز مراحل مستوي الفني بالنجاح، من خلال ذوي الخبرة المتقدمة من فنانيين ونقاد لهم باع طويل بالفن التشكيلي، والفائدة من النقد البناء وتبادل الخبرات.
ومن هذا المنطلق كانت تجاربي في المعارض لها الأثر الكبير بالدعم المعنوي والإصرار لتحقيق الطموح لأعلى المستويات.
اما الشق الثاني من سؤالك أستاذ، هي ابراز اللحظات عندما المتلقي يقرأ لوحتي ويفهمها ويوصله ما أريد ايصاله، ويرى احساسي وروحي بين الألوان وضربة فرشاتي هذه أروع سمة تجمعني مع جمهور واعي فنيا وله ذائقة فنية ناضجة، لحظات لا تنسى وتدفعني إلى التقدم دائما.
*- هل تؤمنين بأن المعارض وحدها كافية لدعم الفنان؟ أم أن هناك طرقًا جديدة ترينها أكثر تأثيرًا؟
- المعارض لها دور فعال، وأثرها واضح على الفنان ودعمه، ولكن ليس فقط المعارض كافية بالتأكيد، هناك طرق داعمة كالأعلام، أيضا الدعم المادي وكما ذكرت سابقا أطلاق الجمعيات ودورات التدريب وفتح المجالات لتحقيق الاحلام والأفكار.
*- ما المشروع الفني الذي تحلمين بتحقيقه ولم يحن وقته بعد؟
- من المشاريع التي اسعى لتحقيقها ولم يحن وقتها بعد، انشاء جاليري خاص بي يضم الطاقات الفنية والثقافية وتحقيق طموحاتي الفنية وإقامة معرضي الشخصي.
*- كيف ترين مستقبل الفن التشكيلي السعودي؟ وما الدور الذي تتمنين أن تؤديه فيه؟
- الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية يشق طريقة نحو مستقبل فني مزدهر، الثقافة والفنون في المملكة باتت اهم أدوات التبادل الحضاري والتأثير الإيجابي عالميا، حيث النهوض بالفن السعودي يهدف إلى مركز ثقافي وفني عالمي تتلقى فيه الابداعات، متمنية لي دور في هذا الطريق من خلل اعمال تشكيلية وابداعية تمثلني كفنانة ومواطنة سعودية تحمل محتوى فني له أثر اجتماعي.
* – هل للبعد الفلسفي حكاية ضمتها اعمالك، وما رسالتك التي ترغبين في إيصالها من خلال فنكِ؟
- نعم غالبية اعمالي تعبر عن فلسفة لموقف وقصة ذات حكاية معينة، اما لرسالتي الفنية فأنها تتمحور على حب واحترام الذات، والايجابية في الحياة، والحكمة في السلوكيات الاجتماعية، النظرة التفاؤلية لكل ما هو جميل من حولنا، (لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس).
*- اذا وجد شيء ما تحبين الحديث عنه ولم اتناوله ضمن اسئلتي الحوارية لك حرية الإضافة وتعبير عنه بشفافية انت ترينها ولم أذكرها ؟
- بكل شفافية اضيف لأسالتك بأن بلقيس الأمير كإنسانة قبل الفنانة، انسانة بسيطة عفوية لا اميل إلى التعقيدات والاضطراب الفكري اعتصمت خطاي بالحياة العملية والاجتماعية، اتبع احساسي بشكل سلس ونظرتي نظرة إجابيه لا تعكرها شوائب الظنون، كام لها في الحياة رؤية باعثة للأمل ضمن مدرسة فنية ذات شخصية اترجمها بالجانب الفني وتنعكس جلية في تجسيد أعمالي.
وكل الشكر لشخصك الكريم وسعدت بالحوار ممتنة لهذه المبادرة الجميلة من سيادتك.
a.astrawi@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك