يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
.. ما جدوى الإدانات؟!
قبل أيام صوت الكنيست الإسرائيلي بتأييد مشروع قانون يدعو الحكومة إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، أي إلى ضم الضفة الغربية بالكامل. وينص على أن «الضفة الغربية وغور الأردن يشكلان جزءا لا يتجزأ من الوطن التاريخي للشعب اليهودي».
البعض حاول التقليل من شأن هذا القرار للكنيست على اعتبار أنه غير ملزم ولا يفرض على الحكومة خطوات تنفيذية.
البعض الآخر قال إن إقرار مشروع القانون في الكنيست مجرد رد إسرائيلي على إعلان فرنسا أنها تعتزم تأييد قيام دولة فلسطينية، وعلى مؤتمر حل الدولتين الذي ترعاه السعودية وفرنسا، وخطوة استباقية لعقد المؤتمر.
الحقيقة أن محاولة التقليل من شأن ما أقره الكنيست على هذا النحو خطأ فادح، وليس في محله على الإطلاق.
المسألة ليست أن قرار الكنيست ملزم أو غير ملزم. المسألة أن الحكومة الإسرائيلية أعلنت منذ سنوات طويلة أنها تعتزم اتخاذ هذه الخطوة، أي إعلان ضم الضفة الغربية وأنها تعتبر هذه مسألة استراتيجية. هناك إذن مخطط إسرائيلي رسمي لضم الضفة سيتم تنفيذه في أي وقت.
الأمر الآخر أن هذه الخطوة تحظى إلى حد كبير بتأييد إدارة ترامب. الرئيس الأمريكي أعلن أكثر من مرة صراحة أو تلميحا أنه على الأرجح سيؤيد هذه الخطوة حين تقدم عليها إسرائيل.
إذن، لنا أن نتوقع قرارا إسرائيليا بضم الضفة في أي وقت. وعلينا أن نلاحظ أن الذي يشجع إسرائيل على هذا رد الفعل العربي والدولي على الإبادة التي تشنها في غزة. رغم وحشية وشناعة حرب الإبادة، ورغم الفظائع والمآسي التي يتابعها العالم يوميا منذ أشهر طويلة، فإن العالم كله لم يستطع إجبار إسرائيل على وقفها ويعجز عن تطبيق أي قرار دولي. هذا الواقع في حد ذاته أكبر تشجيع لإسرائيل على الإقدام على ضم الضفة.
لو حدث هذا، وأعلنت إسرائيل ضم الضفة، فستترتب على ذلك آثار مروعة.
سيعني هذا ببساطة التصفية النهائية للقضية الفلسطينية، ولن يكون هناك مجال بعد ذلك للحديث عن قيام دولة فلسطينية بأي شكل وفي أي إطار.
ولو حدث هذا، فإن مصيرا مفزعا رهيبا ينتظر الفلسطينيين في الضفة هو نفس مصير الفلسطينيين في غزة.
بعبارة أخرى، سوف تنقل إسرائيل حرب الإبادة التي تشنها في غزة إلى الضفة، ويكون الهدف هو إجبار الفلسطينيين على مغادرتها بكل ما سيرتبط بذلك من فظائع وجرائم وحشية نشهدها في غزة.
نحن إذن إزاء تطور في منتهى الخطورة، وإزاء خطة إسرائيلية معلنة ومعروفة.
السؤال: ماذا فعلت الدول العربية أو تعتزم أن تفعل إزاء هذا التطور؟
بعد موافقة الكنيست على مقترح ضم الضفة الغربية، سارعت عديد من الدول العربية والإسلامية بإصدار بيانات سواء بشكل جماعي أو منفرد.
هذه البيانات كلها تضمنت نقاطا تلخصت في، أولا إدانة قرار الكنيست «بأشد العبارات». وثانيا اعتبار أن هذا القرار خرقا سافرا ومرفوضا للقانون الدولي، وانتهاكا صارخا لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. وأنه يناقض إرادة المجتمع الدولي. وأكدت أن إسرائيل «لا تمتلك أي سيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن هذا التحرك الإسرائيلي الأحادي لا يترتب عليه أي أثر قانوني. كما دعت «المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن وجميع الأطراف المعنية، إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لوقف السياسات الإسرائيلية غير القانونية الهادفة إلى فرض أمر واقع بالقوة، وتقويض فرص تحقيق سلام عادل ودائم، والقضاء على آفاق حل الدولتين».
هذا ما نصت عليه كل البيانات التي صدرت عن الدول العربية والإسلامية.
طبعا من المهم إعلان رفض وإدانة هذا الموقف الإسرائيلي.
لكن هذه البيانات وما نصت عليه تتجاهل حقائق أساسية اليوم. هذه الحقائق تأكدت عبر الشهور الطويلة الماضية من حرب إبادة غزة. أول هذه الحقائق أن القانون الدولي معطل، والعالم كله يبدو عاجزا عن تطبيقه أو عن ردع إسرائيل ومحاسبة مجرمي الحرب والإبادة.
لهذا، إسرائيل تتصرف اليوم بمنطق أن بمقدورها أن تفرض أي شيء في المنطقة بالقوة والإرهاب من دون أن تخشى رادعا. وفي هذا الإطار يمكن كما ذكرت في أي وقت أن تعلن ضم الضفة.
في ظل كل هذا، إذا فرضت إسرائيل هذا الواقع الجديد.. بماذا ستفيد الإدانات العربية والإسلامية؟.. ما جدواها وما قيمتها؟.. هل ستردع إسرائيل أو تغير واقعا؟

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك