يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
خطة لاهاي
في يومي 15 و16 يوليو الحالي، عقد في العاصمة الكولومبية بوجوتا، مؤتمر دولي مهم بمشاركة ممثلين عن 30 دولة.
المؤتمر عقد في إطار عمل مجموعة لاهاي. ومجموعة لاهاي تأسست في 31 يناير 2025. وتتألف المجموعة من تسع دول مؤسسة، هي: جنوب إفريقيا، وماليزيا، وناميبيا، وكولومبيا، وبوليفيا، وتشيلي، والسنغال، وهندوراس، وبليز.
هدف المجموعة، وبالتالي هدف المؤتمر الذي عقدته في كولومبيا، هو بحث ما هو المطلوب لتنفيذ القرارات الدولية التي صدرت ضد اسرائيل وطرح أفكار وخطط عملية في هذا الخصوص.
في هذا الاطار، بحث المؤتمر خصوصا تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي حددت سبتمبر 2025 موعدًا نهائيًا لتنفيذ الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو 2024، الذي أقر بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية هو احتلال غير قانوني، وأن «المخاوف الأمنية لإسرائيل لا تعلو على مبدأ حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة»، ودعت إسرائيل إلى إنهاء احتلالها «بأسرع وقت ممكن»، كما ألزمت المحكمة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بعدم تقديم المساعدة أو المعونة في الإبقاء على الوضع الذي أوجده الوجود الإسرائيلي غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فارشا غانديكو السكرتيرة التنفيذية لمجموعة لاهاي قالت عن المؤتمر: «نجتمع في بوجوتا بهدفين ملحين: إنهاء إفلات إسرائيل من العقاب وقطع حبال التواطؤ مع إسرائيل، وكيفية تنفيذ الالتزامات المترتبة على قرار محكمة العدل والجمعية العامة للأمم المتحدة».
البيان الختامي للمؤتمر نص على أن «الإفلات من العقاب يجب أن ينتهي، وأن القانون الدولي يجب أن يُطبق دون خوف أو محاباة من خلال سياسات وتشريعات محلية فورية، إلى جانب دعوة موحدة لوقف فوري لحرب إبادة غزة».
وانتهى المؤتمر إلى إقرار خطة عمل بهذا الخصوص تضمنت البنود والإجراءات التالية:
1 - حظر تام على إرسال الأسلحة والذخيرة والوقود المستخدم عسكرياً والمواد ذات الاستخدام المزدوج (يمكن استخدامها مدنياً أو عسكرياً) إلى إسرائيل.
2 - منع دخول أي سفن تحمل أسلحة أو ذخائر إلى الموانئ، مهما كانت رايتها، وعدم تزويدها بالوقود أو أي خدمات.
3 - التزام الدول الموقعة بعدم السماح لسفنها بنقل مواد عسكرية أو وقود أو مواد مزدوجة الاستخدام إلى إسرائيل، مع إلغاء علم أي سفينة تخالف ذلك.
4 - مراجعة جميع الاتفاقيات الحكومية السارية مع إسرائيل، وإلغاؤها عند الضرورة.
5 - الامتثال التام لقرارات العقوبات والإجراءات المتخذة بحق إسرائيل من قبل الهيئات القانونية الدولية.
6 - تعديل الأنظمة القضائية الوطنية للدول الموقعة بحيث تسمح بمحاكمة مرتكبي الجرائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الرئيس الكولومبي جوستافو بترو علق على ما قرره المؤتمر قائلا: «جئنا إلى بوجوتا لكتابة التاريخ، وقد فعلنا ذلك. لقد بدأنا معًا العمل على إنهاء عصر الإفلات من العقاب. وتُظهر هذه الإجراءات أننا لن نسمح بعد الآن بمعاملة القانون الدولي على أنه اختياري، أو حياة الفلسطينيين على أنها قابلة للتصرف».
بالفعل، خطة لاهاي التي أقرها المؤتمر لها أهمية كبيرة لأكثر من سبب.
أبرز هذه الأسباب أن كل دول العالم في مواجهة حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في غزة بكل جرائمها وفظائعها تكتفي بإصدار البيانات الإنشائية والإدانات اللفظية والمطالبات، ولا تقدم على أي خطوة عملية لوقف الحرب أو لمحاسبة إسرائيل.
وهذه الخطة تضع كل دول العالم أمام مسؤولياتها وتحدد الخطوات والإجراءات العملية التي يجب أن تقدم عليها إن هي أرادت فعلا وقف إبادة غزة ومحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
ومجموعة لاهاي بمثل هذه المواقف لا تدافع عن فلسطين فقط، وإنما عن القانون الدولي وعن العدالة في العالم كله وتسعى لوضع حد للإفلات من العقاب.
قد يقول البعض إنه رغم هذا لن تلتزم دول العالم بهذه الإجراءات التي حددتها الخطة. ومع هذا يبقى أن هذا موقف محترم يختلف عن المواقف الإنشائية، وعمل المجموعة على أي حال جزء من معركة طويلة ليست فقط من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم وإنصاف الشعب الفلسطيني، وإنما من أجل رد الاعتبار للقانون الدولي والعدالة الدولية.
الأمر المؤسف أننا لا نلمس اهتماما عربيا بعمل مجموعة لاهاي ولا حرصا على المشاركة الفاعلة في أنشطتها مع أننا أول المعنيين بما تقوم به.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك