فِـي فَجْرِ لَيْلِ العَاشِقَينَ دَهَانِـي
خَـطْبٌ أَقَـضَّ مَشَاعِرِي وَكِيَانِـي
فَخَلَعْتُ فِي بَرْدِ الشِّتَاءِ مَعَاطِفِي
وَقَدَحْتُ فِي حَرِّ اللَّظَى نِيْرَانِي
كَاشَفْتُ دُكَّانَ الغَرَامِ بِضَاعَتِـي
وَشَرَيْتُ بِالحُزْنِ العَمِيْقِ أَمَانِي
وَقَـطَعْتُ لَـذَّاتِ الـحَيَاةِ مَــلَالَـةً
وَعَزَمْتُ صَوْمِيَ، فَاسْتَهَلَّ أَذَانِي
فَتَلَبَّدَتْ رُوْحِي غُيُوْمُ صَبَابَتِي
وَشَـرَعْتُ لِلْـقَمَرِ الـمُنِيْرِ عَنَانِـي
أُلْقِيْتُ فِي جُبِّ المَفَاتِنِ عُنْوَةً
فَغَدَوْتُ فِي رَوْضِ الهَنَاءِ أَرَانِي
لَيْتَ ابْنَ زَعْرٍ مَا دَنَا مِن رَوْضَتِي
وَمِـنَ النَّعِيْمِ الغَضِّ مَـا أَخْلَانِـي
هَتَكَ السَّتَائِرَ عَن تَرَائِبِ رَغْبَتِـي
وَبِسَهْمِ هَجْرٍ فِي الصَّمِيْمِ رَمَانِي
مَا اسْتَلَّ سَيْفَ حِمَامِهِ من غِمْدِهِ
لَـــكِنَّمَا بِجَفَائِهِ أَرْدَانِـــي
فَهَوَى بِعُودِيَ مِن مَغَارِسِ أَصْلِهِ
هُوِيَ الـنُّجُومِ، فَبُدِّدَتْ أَفْنَانِـي
لَمْ يُجْرِ مِن فَيْضِ النَّوَاظِرِ دَمْعَهُ
لَــكِنْ بِـفَـرْطِ صُـدُوْدِهِ أَدْمَـانِــي
لَـمَّا غَدَتْ رُوْحِيْ بِمِعْصَمِ حُسْنِهِ
أَرْخَـى أَنَـامِلَهُ، وَقَـالَ: أَنَانِـي!
يَبْدُوْ بِطَبْعِ الخَيْزُرَانِ قَسَـاوَةً
يَـجْتَاحُنِي بِـالـبُعْدِ وَالنِّسْيَانِ
وَيَجِيءُ مِنْ بَعْدِ الغِيَابِ كَمُزْنَةٍ
مَـلْأَى بِفَيْضِ غَـمَامِهَا تَغْشَانِـي
أَنْسَى الخِصَامَ، وَأَلْتَقِيْهِ بِلَهْفَةٍ
وَأَقُـولُ رُغمَ الآهِ: مَا أَقسَانِـي
فَيَصِيْرُ لِي بَحْرَاً يَمُوْجُ طَرَاوَةً
فَـيَذُوبُ فِـي إِنْسَانِـهِ إِنْسَانِـي
أَشْكُو أَسَايَ، فَتَسْتَغِيثُ عُيُونُهُ
فَأَلُـومُ نَفسِيَ فِيْهِ مَـا أَجْفَانِـي
سُكِبَتْ دُمُـوعُ الـنَّاظِـرَينِ لَآلِئاً
مِثْلَ السَّعِيْرِ، فَقَرَّحَتْ أَجْفَانِي
قَـنِعٌ، وَلَـسْتُ بِـزَاهِدٍ فِـي حُـبِّهِ
إِنْ زَارَنِي طَيْفُ الحَبِيبِ كَفَانِي
يَغْفُو بِمِلْءِ جُفُونِهِ عَن صُحْبَتِي
فَــإِذَا اسْتَفَــاقَ بِـرِقَّـةٍ نَـادَانِـي
أَعـدُوْ إِلَيْهِ كَمَنْ يُسَابِقُ ظِلَّـهُ
طَـوْعَ اليَمِيْنِ أَمَامَـهُ يَلْقَانِـي
مِـنْ قَـبْلِهِ رُدِّيْتُ بُـرْدَةَ نَـاسِكٍ
وَبِـحُبِّهِ أَصْبَحْتُ مَـا أَغْـوَانِـي
آنَسْتُ بَعضَاً مِن جَمَالِ خِصَالِهِ
عَمَّا سِوَاهُ مِـنَ الرُّؤَى أَعْمَانِـي
وَرَكِبْتُ أَمْـوَاجَ الـغَرَامِ عَنِيدَةً
وَنَسِيتُ فِـي جَنَبَاتِهِ شُطآنِـي
وَقَطَعتُ مِن وَجْدٍ قِفَارَ صَبَابَةٍ
وَأَضَعْتُ فِـي وَاحَاتِهِ عُنْوَانِـي
خَـبَّأتُهُ وَسْـطَ الـفُؤَادِ أَمَـانَــةً
كَالنَّبْضِ بَيْن القَلبِ وَالشِّرْيَانِ
إنْ شِئْتُمُ الإِفْصَاحَ عَن مَكْنُونِهِ
يَـأبَـى الفُؤَادُ، وَيَسْتَبِدُّ لِسَانِـي
لَا تَـعْجَبَنْ مِنِّـي إِذَا أَبْصَرتَنِــي
فَـأَفُــولُ بَـدْرِكَ تَـائِهَـاً خَلَّانِــي
فِيْهِ تَـطَرَّزُ مَـوْثِقِــي، غَـزَلِيَّتِــي
خِصْرُ السَّوَاقِي، قِصَّةُ الوُجْدَانِ
وَلَـهُ رِوَاقُ القَلبِ يَنْبِضُ صَادِقَـاً
وَبِـهِ تَـلَحَّـفُ بَـاحَتِـي وَحَنَانِــي
النَّاسُ تَزْرَعُ فِي الصُّخُورِ بُذُوْرَهَا
وَيَئِنُّ مِـن وَطْءِ الـجَفَـا بُسْتَانِــي
يَأتِي الحَبِيْبَ مِنَ المُحِبِّ وِصَالُهُ
وَالـصَّدُّ مِن جِـهَةِ الحَبِيْبِ أَتَانِـي
يَتَجَاذَبُونَ الـوُدَّ مِـلْءَ كُـؤوْسِهِمْ
وَأنَــا مِـــنَ الآهِ اللَّـظِيِّ أُعَـانِــي
سَيَظَلُّ فِي حَدَقِ العُيُوْنِ مَكَانُهُ
وَيَـظَلُّ مَـا دُونَ الـعُيُونِ مَكَانِي
وَيَدُومُ فِي رُوْحِ المُحِبِّ حِكَايَةً
تُـرْوَى، فَـتَروِي مُـهْجَةَ الظَّمــآنِ
مَـا عَـادَ يَعْنِيْنِي سِوَى إِشْـرَاقِـهِ
فَــأَنَـا الـفَقِيرُ، ونُـوْرُهُ أَغْنَانِـــي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك