الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
بيان مجهول المصدر.. وسمعة المجتمع
كان من عادات وتقاليد أهل البحرين ودول الخليج العربي أن يتم نشر «ثوب النشل» فوق سطح المنزل إعلانا لقدوم الحجاج.. و«ثوب النشل» هو لباس نسائي متسع، يصنع بشكل يدوي من أقمشة حريرية والألوان الزاهية، ويطرّز بنقوش ذهبية.. وأذكر كذلك أن بعض البيوت كانت تنشر «الثوب الأبيض» على السطح إعلانا لوجود مريض أو شفائه في ذلك المنزل.. وكل تلك الممارسات كانت من العادات والتقاليد الجميلة، معلنة ومعروفة، وتسهم في تعزيز التواصل المجتمعي في «الفريج» أو الحي السكني.
وفي عصرنا الحالي، مع غياب تلك العادات الجميلة، برزت لنا عادة «سيئة» تتمثل في قيام البعض بنشر بيانات مجهولة المصدر، لا يملك صاحبها الجرأة ولا الشجاعة لذكر اسمه، ليقوم بالإساءة والتطاول على الآخرين، والسب والقذف وكيل الاتهامات، من خلال حسابات ومنصات التواصل الإلكتروني.
مؤخرا اطلعت على «بيان» مجهول المصدر، يتم تناقله وتداوله بين الناس، يشن هجوما لاذعا على «غرفة تجارة البحرين» ومسؤولين فيها.. ويحمل عبارات ومفردات وكلمات يحاسب عليها القانون، كما يرفضها العقل والمنطق.. لأنها أقرب لتصفية الحسابات الشخصية.
لا أريد أن أخوض في نص البيان، لأنه لا يستحق الحديث عنه ولا التوقف عنده.. ولست هنا في مقام الدفاع عن غرفة التجارة ومن فيها، لأنهم أرفع من تلك المغالطات والإساءات، وأولى بالدفاع عن أنفسهم وفق القانون.. ولكن أجد لزاما التحذير من بروز مثل تلك البيانات والتعليقات المسيئة، المجهولة المصدر، والتي يتم تداولها بين الناس، أو نشرها عبر مواقع التواصل الإلكتروني.
نحن في زمن الشفافية وحرية الرأي والتعبير المسؤولة، ومن يقوم بنشر «بيانات» مجهولة المصدر كمثل الحرامي والسارق، الذي يقوم بعمل في الخفاء، ولا يريد أن يعرفه الناس لأنه خائف، ولأن ما يقوم به ليس صحيحا ولا سليما.. وقديما قيل: «لا تبوق ولا تخاف».
مثل تلك الممارسات السيئة والمسيئة، لا تنطلي على المجتمع البحريني، الواعي المتحضر.. ولربما تشهد بعض المجتمعات مثل تلك الممارسات، وخاصة في فترة الانتخابات، وعند فشل البعض في تحقيق الفوز، يلجأ إلى ممارسات مرفوضة، وتحمل السب والقذف والاتهام للآخرين، كوسيلة تعبير عن كم الحقد والحسد، وتبرير الفشل الانتخابي، وتشويه نجاح الفائز وسمعته.
طبيعة الحياة والمجتمع، في دولة القانون والمؤسسات، لن تتوقف عند بيان مجهول المصدر، والذي سيكون مصيره «سلة القمامة».. كما أن تلك البيانات لن يصدقها أو يتفاعل معها إلا من في قلبه مرض أو موقف وحكم مسبق من الآخرين.. أما العمل والإنجاز وحركة الناس والمجتمع فسوف تستمر وتمضي قدما من دون أن تتعطل.. وسمعة رجال الدولة والمجتمع من سمعة الوطن والجميع.
من الواجب المجتمعي عدم تداول مثل تلك البيانات والتعليقات المسيئة، مصداقا لقول الرسول الكريم: «دعوها فإنها منتنة».. ومن الواجب الوطني تعقب أصحاب ومصدر تلك البيانات والتعليقات، وكشفهم ومحاسبتهم وفق القانون.
نشر «ثوب النشل» قديما كان من العادات والتقاليد الجميلة.. ونشر وتداول البيانات والتعليقات المسيئة من العادات القبيحة.. ورحم الله الخليفة عمر الفاروق حينما قال: «أميتوا الباطل بالسكوت عنه ولا تثرثروا فينتبه الشامتون».
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك