العدد : ١٧٢٩٠ - الجمعة ٢٥ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٩٠ - الجمعة ٢٥ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ محرّم ١٤٤٧هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

بيان مجهول المصدر.. وسمعة المجتمع

كان‭ ‬من‭ ‬عادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬نشر‭ ‬‮«‬ثوب‭ ‬النشل‮»‬‭ ‬فوق‭ ‬سطح‭ ‬المنزل‭ ‬إعلانا‭ ‬لقدوم‭ ‬الحجاج‭.. ‬و‮«‬ثوب‭ ‬النشل‮»‬‭ ‬هو‭ ‬لباس‭ ‬نسائي‭ ‬متسع،‭ ‬يصنع‭ ‬بشكل‭ ‬يدوي‭ ‬من‭ ‬أقمشة‭ ‬حريرية‭ ‬والألوان‭ ‬الزاهية،‭ ‬ويطرّز‭ ‬بنقوش‭ ‬ذهبية‭.. ‬وأذكر‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬البيوت‭ ‬كانت‭ ‬تنشر‭ ‬‮«‬الثوب‭ ‬الأبيض‮»‬‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬إعلانا‭ ‬لوجود‭ ‬مريض‭ ‬أو‭ ‬شفائه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المنزل‭.. ‬وكل‭ ‬تلك‭ ‬الممارسات‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬الجميلة،‭ ‬معلنة‭ ‬ومعروفة،‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬التواصل‭ ‬المجتمعي‭ ‬في‭ ‬‮«‬الفريج‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الحي‭ ‬السكني‭.‬

وفي‭ ‬عصرنا‭ ‬الحالي،‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬تلك‭ ‬العادات‭ ‬الجميلة،‭ ‬برزت‭ ‬لنا‭ ‬عادة‭ ‬‮«‬سيئة‮»‬‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬البعض‭ ‬بنشر‭ ‬بيانات‭ ‬مجهولة‭ ‬المصدر،‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬صاحبها‭ ‬الجرأة‭ ‬ولا‭ ‬الشجاعة‭ ‬لذكر‭ ‬اسمه،‭ ‬ليقوم‭ ‬بالإساءة‭ ‬والتطاول‭ ‬على‭ ‬الآخرين،‭ ‬والسب‭ ‬والقذف‭ ‬وكيل‭ ‬الاتهامات،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حسابات‭ ‬ومنصات‭ ‬التواصل‭ ‬الإلكتروني‭.‬

مؤخرا‭ ‬اطلعت‭ ‬على‭ ‬‮«‬بيان‮»‬‭ ‬مجهول‭ ‬المصدر،‭ ‬يتم‭ ‬تناقله‭ ‬وتداوله‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬يشن‭ ‬هجوما‭ ‬لاذعا‭ ‬على‭ ‬‮«‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬البحرين‮»‬‭ ‬ومسؤولين‭ ‬فيها‭.. ‬ويحمل‭ ‬عبارات‭ ‬ومفردات‭ ‬وكلمات‭ ‬يحاسب‭ ‬عليها‭ ‬القانون،‭ ‬كما‭ ‬يرفضها‭ ‬العقل‭ ‬والمنطق‭.. ‬لأنها‭ ‬أقرب‭ ‬لتصفية‭ ‬الحسابات‭ ‬الشخصية‭. ‬

لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أخوض‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬البيان،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬الحديث‭ ‬عنه‭ ‬ولا‭ ‬التوقف‭ ‬عنده‭.. ‬ولست‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬مقام‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬غرفة‭ ‬التجارة‭ ‬ومن‭ ‬فيها،‭ ‬لأنهم‭ ‬أرفع‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المغالطات‭ ‬والإساءات،‭ ‬وأولى‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬وفق‭ ‬القانون‭.. ‬ولكن‭ ‬أجد‭ ‬لزاما‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬بروز‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬البيانات‭ ‬والتعليقات‭ ‬المسيئة،‭ ‬المجهولة‭ ‬المصدر،‭ ‬والتي‭ ‬يتم‭ ‬تداولها‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬أو‭ ‬نشرها‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الإلكتروني‭.‬

نحن‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الشفافية‭ ‬وحرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬المسؤولة،‭ ‬ومن‭ ‬يقوم‭ ‬بنشر‭ ‬‮«‬بيانات‮»‬‭ ‬مجهولة‭ ‬المصدر‭ ‬كمثل‭ ‬الحرامي‭ ‬والسارق،‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بعمل‭ ‬في‭ ‬الخفاء،‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يعرفه‭ ‬الناس‭ ‬لأنه‭ ‬خائف،‭ ‬ولأن‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬ليس‭ ‬صحيحا‭ ‬ولا‭ ‬سليما‭.. ‬وقديما‭ ‬قيل‭: ‬‮«‬لا‭ ‬تبوق‭ ‬ولا‭ ‬تخاف‮»‬‭.‬

مثل‭ ‬تلك‭ ‬الممارسات‭ ‬السيئة‭ ‬والمسيئة،‭ ‬لا‭ ‬تنطلي‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني،‭ ‬الواعي‭ ‬المتحضر‭.. ‬ولربما‭ ‬تشهد‭ ‬بعض‭ ‬المجتمعات‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الممارسات،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الانتخابات،‭ ‬وعند‭ ‬فشل‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الفوز،‭ ‬يلجأ‭ ‬إلى‭ ‬ممارسات‭ ‬مرفوضة،‭ ‬وتحمل‭ ‬السب‭ ‬والقذف‭ ‬والاتهام‭ ‬للآخرين،‭ ‬كوسيلة‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬كم‭ ‬الحقد‭ ‬والحسد،‭ ‬وتبرير‭ ‬الفشل‭ ‬الانتخابي،‭ ‬وتشويه‭ ‬نجاح‭ ‬الفائز‭ ‬وسمعته‭. ‬

طبيعة‭ ‬الحياة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬والمؤسسات،‭ ‬لن‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬بيان‭ ‬مجهول‭ ‬المصدر،‭ ‬والذي‭ ‬سيكون‭ ‬مصيره‭ ‬‮«‬سلة‭ ‬القمامة‮»‬‭.. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬البيانات‭ ‬لن‭ ‬يصدقها‭ ‬أو‭ ‬يتفاعل‭ ‬معها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬مرض‭ ‬أو‭ ‬موقف‭ ‬وحكم‭ ‬مسبق‭ ‬من‭ ‬الآخرين‭.. ‬أما‭ ‬العمل‭ ‬والإنجاز‭ ‬وحركة‭ ‬الناس‭ ‬والمجتمع‭ ‬فسوف‭ ‬تستمر‭ ‬وتمضي‭ ‬قدما‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتعطل‭.. ‬وسمعة‭ ‬رجال‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬من‭ ‬سمعة‭ ‬الوطن‭ ‬والجميع‭.‬

من‭ ‬الواجب‭ ‬المجتمعي‭ ‬عدم‭ ‬تداول‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬البيانات‭ ‬والتعليقات‭ ‬المسيئة،‭ ‬مصداقا‭ ‬لقول‭ ‬الرسول‭ ‬الكريم‭: ‬‮«‬دعوها‭ ‬فإنها‭ ‬منتنة‮»‬‭.. ‬ومن‭ ‬الواجب‭ ‬الوطني‭ ‬تعقب‭ ‬أصحاب‭ ‬ومصدر‭ ‬تلك‭ ‬البيانات‭ ‬والتعليقات،‭ ‬وكشفهم‭ ‬ومحاسبتهم‭ ‬وفق‭ ‬القانون‭.‬

نشر‭ ‬‮«‬ثوب‭ ‬النشل‮»‬‭ ‬قديما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬الجميلة‭.. ‬ونشر‭ ‬وتداول‭ ‬البيانات‭ ‬والتعليقات‭ ‬المسيئة‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬القبيحة‭.. ‬ورحم‭ ‬الله‭ ‬الخليفة‭ ‬عمر‭ ‬الفاروق‭ ‬حينما‭ ‬قال‭: ‬‮«‬أميتوا‭ ‬الباطل‭ ‬بالسكوت‭ ‬عنه‭ ‬ولا‭ ‬تثرثروا‭ ‬فينتبه‭ ‬الشامتون‮»‬‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا