الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
غزة تموت جوعا!
الطفل «جواد» لم يعش إلا 35 يوما فقط، إذ أصبح أحد ضحايا سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.. والطفلة «رزان» (4 أعوام) ماتت نتيجة سوء التغذية الحاد ونقص الحليب.. لقد وصلت المجاعة في غزة إلى مرحلتها الأخيرة.. ففي مشهد يختصر المأساة، وثق ناشطون مشهدا لرجل يأكل من القمامة، ومشهدا آخر لطفلة تأكل الملح، ومشهدا ثالثا لأطفال نحيلي الأجساد، يفتشون في القمامة عن بقايا طعام يمكن أن تسد الرمق، في محاولة لإسكات صوت الجوع والنجاة من الموت.
ما قرأناه.. كان نموذجا لتقارير إعلامية تنشر يوميا عن الأوضاع المأساوية في قطاع غزة، وسط صمت دولي عام.. والأغرب من ذلك أن الموقف الدولي لا يتحرك ولا ينطق إلا عند ردة الفعل من أهالي غزة.. لحظة التصدي لقوات الاحتلال.. وكأن «الفعل» مباح.. و«ردة الفعل» جريمة!
وفقا للمركز الفلسطيني للإعلام، فقد شهد وسم ((#غزة_تموت_جوعاً)) تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، في نداء أطلقه فلسطينيون من قلب القطاع المحاصر، يوثّق مشاهد الجوع الكارثي الذي يفتك بأجساد المدنيين، وسط حرب إبادة جماعية تشنّها قوات الاحتلال.
وامتلأت منصات «إكس» و«فيسبوك» و«إنستجرام» بمنشورات مؤلمة، ومقاطع مصوّرة، تظهر أطفالاً ونساءً وشيوخاً، يعانون الجوع والهزال، وسط مشاهد الخراب، في وقت تتعالى فيه أصوات من داخل غزة وخارجها مطالِبةً بتدخّل عاجل لفتح المعابر والسماح بإدخال الغذاء.
وتسببت حالة التجويع في استشهاد 70 طفلاً ورضيعاً منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة جراء عمليات التجويع وسوء التغذية التي تضرب الفلسطينيين، ومنع الاحتلال إدخال الأغذية والمكملات الغذائية وحليب الأطفال.
ووفق معطيات المكتب الإعلامي الحكومي، فإن 650 ألف طفل (من 2.4 مليون يعيشون في القطاع) يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية والجوع، في حين تواجه نحو 60 ألف حامل خطرا حقيقيا بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية اللازمة.
وناشد المدير العام لوزارة الصحة في غزة كل من يملك قلبًا حيًا ألا يقف ساكنًا، وأن يتحدث عما يجري غزة، وكتب قائلا: «لا تقف ساكنًا.. فغزة تُذبح جوعًا أيها الأخ.. أيتها الأخت.. في أي مكان كنت، بأي لغة تتحدث، وإلى أي أرض تنتمي، إن كنت تملك قلبًا حيًا، فافعل شيئًا.. في غزة، يموت الناس من الجوع، والأطفال يحتضرون على أبواب الطحين، والأمهات يذرفن دموعًا لا تروي أجساد أطفالهن الهزيلة.. نحن لا نطلب المستحيل.. نطلب فقط ألا تكون شاهد زور على المجاعة، ألا تمر كأنك لم ترَ.. ولم تسمع.. في غزة، لم يعد الطعام حقّاً، بل صار أمنية مؤجّلة، تتكرّر كل ليلة على شفاه الأمهات، وترتسم في عيون الأطفال الذين ينامون جياعاً، يحتضنون الهواء بدل الحليب، ويحلمون برغيف خبز كما لو أنه كنز مفقود.. في غزة، الجوع لا يقرع الأبواب، بل يسكن البيوت، ويأكل من أعمار الناس، ويطحن كرامتهم، تحت وطأة النسيان العالمي.. الخبز بات عملة نادرة في غزة، بينما لا يشكّل حليب الأطفال المفقود غذاءً فحسب، بل هو وعد بالحياة أجهضه الحصار، وصار حلماً مستحيلاً في فم طفل يحتضر على سرير الطوارئ».
غزة تموت جوعا.. مشهد يذكرنا بحصار كفار قريش للمسلمين ذات يوم.. ولكن حصار قريش تم فكه من دابة أكلت «وثيقة الحصار».. وحصار الاحتلال لم ينفك بعد!
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك