العدد : ١٧٣٣٠ - الأربعاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٠ - الأربعاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

الثقافي

وضـع الـعــصــي فـــي دولاب الــثـقـافـة!

السبت ١٢ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

بالاعـتماد‭ ‬على‭ ‬مواقف‭ ‬سابقة‭ ‬من‭ ‬تجربتي‭ ‬ككاتب‭ ‬محلي‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬ويحدث‭ ‬مع‭ ‬كتاب‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الثقافي‭ ‬ثمة‭ ‬تعامل‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬مكانه‭ ‬الصحيح‭ ‬أجد‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬وبريد‭ ‬البحرين‭ ‬والجمارك‭ ‬يطبقون‭ ‬آليته‭ ‬على‭ ‬الكاتب‭ ‬البحريني‭.‬

لكن‭ ‬قبل‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬التفاصيل‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬طرح‭ ‬السؤال‭ ‬الاستهلالي‭ ‬التالي‭:‬

هـل‭ ‬الكاتب‭ ‬البحريني‭ ‬مشروع‭ ‬تاجر‭ ‬محلي؟‭!‬

للإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬التوجه‭ ‬لأقرب‭ ‬مكتبة‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬ويعاين‭ ‬بنفسه‭ ‬حالة‭ ‬تكدس‭ ‬الإصدارات‭ ‬على‭ ‬الأرفف‭ ‬وندرة‭ ‬المرتادين‭ ‬من‭ ‬القراء،‭ ‬فالسوق‭ ‬راكـدة‭ ‬أو‭ ‬ميتـه‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬حركة‭ ‬البيع‭ ‬والشراء‭ ‬وكأنما‭ ‬الخلق‭ ‬كفت‭ ‬عن‭ ‬استهلاك‭ ‬القراءة‭ ‬كأسلوب‭ ‬حياة‭ ‬وتعتبرها‭ ‬مجرد‭ ‬ترف‭ ‬فكري‭ ‬لا‭ ‬لزوم‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬‮«‬السوشيال‭ ‬ميديا‮»‬‭ ‬وطغيان‭ ‬الهاتف‭ ‬الذكي‭.‬

بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المؤسف‭ -‬كما‭ ‬أسلفنا‭- ‬نستنتج‭ ‬بديهية‭ ‬المشهد‭ ‬الثقافي‭ ‬لدينا‭ ‬بوضعه‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬النمو‭ ‬المتكاسل‭ ‬نتيجة‭ ‬غياب‭ ‬التسهيلات‭ ‬والتشريعات‭ ‬الكفيلة‭ ‬التي‭ ‬تدعـم‭ ‬تطور‭ ‬وحضور‭ ‬تجربة‭ ‬الكاتب‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬بـلده‭ ‬حيث‭ ‬تتحول‭ ‬البيئة‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬تشريعات‭ ‬وقوانين‭ ‬إلى‭ ‬أسوار‭ ‬شاهقـة‭ ‬تكبح‭ ‬نشاط‭ ‬الكاتب‭ ‬أو‭ ‬تحبط‭ ‬فعله‭ ‬الثقافي‭ ‬عن‭ ‬الارتقاء‭.. ‬فماذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬يلـزم‭ ‬الكاتب‭ ‬المحلي‭ ‬بدفع‭ ‬ضريبة‭ ‬على‭ ‬كتابه‭ ‬المطبوع‭ ‬خارج‭ ‬المملكة‭ ‬أو‭ ‬يتوجب‭ ‬عليه‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬يخلص‭ ‬اجراءات‭ ‬كتابه‭ ‬وسلسلة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬المعوقات‭ ‬إلى‭ ‬الدرجة‭ ‬التي‭ ‬تزرع‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الكاتب‭ ‬الكآبة‭ ‬فيبدأ‭ ‬بلعن‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬فيه‭ ‬كاتبا‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬طاردة‭!‬

الكاتب‭ ‬المحلي‭ ‬المتجذر‭ ‬في‭ ‬تجربته‭ ‬يسلخ‭ ‬من‭ ‬جلده‭ ‬حتى‭ ‬ينشر‭ ‬نتاجه‭ ‬الأدبي،‭ ‬قلنا‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬سابقة‭ ‬ولا‭ ‬نزال‭ ‬نكـرره‭ ‬حتى‭ ‬ينقطع‭ ‬النفس،‭ ‬وعليـه‭.. ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬تبقى‭ ‬تشريعاتنا‭ ‬الرسمية‭ ‬على‭ ‬حالها‭ ‬وآلياتها‭ ‬في‭ ‬تعاملها‭ ‬مع‭ ‬الكاتب‭ ‬المحلي‭. ‬كل‭ ‬المؤشرات‭ ‬الواقعية‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬روح‭ ‬التجارة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الكاتب‭ ‬البحريني‭ ‬ولا‭ ‬يفقه‭ ‬في‭ ‬معادلاتها‭ ‬‮«‬البورصوية‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬يملك‭ ‬منصة‭ ‬إلكترونية‭ ‬تسوق‭ ‬كتبه‭ ‬الخاصة‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬هيمنة‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬العربية‭ ‬حتى‭ ‬يعامل‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬أو‭ ‬يشك‭ ‬في‭ ‬ذمته‭ ‬المالية‭ ‬مثل‭ ‬مليونير‭ ‬يتهرب‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬ضرائبه‭.‬

المعذرة‭.. ‬لسنا‭ ‬بوارد‭ ‬السخرية‭ ‬من‭ ‬تشريعاتنا‭ ‬الرسمية‭ ‬فكلنا‭ ‬نحترم‭ ‬سلطة‭ ‬القانون‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التنظيمية‭ ‬وسواها‭ ‬لكن‭ ‬لو‭ ‬جئنا‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الواقع‭ ‬نضع‭ ‬المسألة‭ ‬في‭ ‬بوتقة‭ ‬المعادلة‭ ‬الرياضية‭ ‬

لنحسب‭ ‬عـدد‭ ‬الروائيين‭ ‬والشعراء‭ ‬والكتاب‭ ‬والباحثين‭ ‬في‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬بحسب‭ ‬كثافتها‭ ‬السكانية‭ ‬وضربنا‭ ‬العدد‭ ‬في‭ ‬مقدار‭ ‬قيمة‭ ‬الضريبة‭ ‬المتحصلة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الكلي،‭ ‬فلا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬مجدية‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العملية‭.‬

لسنا‭ ‬بلدا‭ ‬مليونيا‭ ‬كجمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية،‭ ‬فهذا‭ ‬الاجراء‭ ‬القانوني‭ ‬لا‭ ‬يخدمنا‭ ‬وهل‭ ‬سيدر‭ ‬على‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭ ‬أرباحا‭ ‬من‭ ‬الوزن‭ ‬الثقيل‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬قلة‭ ‬الكتاب‭ ‬المساكين‭ ‬والكادحين‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يشتري‭ ‬أحدا‭ ‬كتبهم،‭ ‬فهم‭ ‬في‭ ‬الأغلب‭ ‬الأعـم‭ ‬يوزعونها‭ ‬هدايا‭ ‬مجانية‭ ‬في‭ ‬حفلات‭ ‬التدشين‭ ‬أو‭.. ‬تذهب‭ ‬كصدقـة‭ ‬جارية‭ ‬في‭ ‬مآتم‭ ‬وداعـهم‭ ‬حين‭ ‬رحيلهم‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الدنيا‭ ‬الفانية‭ ‬المتعبـة‭!‬

اليوم‭ ‬أسرة‭ ‬أدباء‭ ‬وكتاب‭ ‬البحرين‭ ‬وحضرات‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬وهيئة‭ ‬الثقافة‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬لهم‭ ‬علاقة‭ ‬بحراك‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬مطلوب‭ ‬تصحيح‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬القانوني‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬جدواه‭ ‬التشريعية‭ ‬لتخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬عن‭ ‬كاهل‭ ‬الكاتب‭ ‬البحريني،‭ ‬فحينما‭ ‬نقول‭: ‬

‭(‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬خير‭ ‬سفير‭ ‬لبلده‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭).. ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬حيازته‭ ‬امتيازات‭ ‬تقديرية‭ ‬وتحفيزية‭ ‬تدعـم‭ ‬مسيرته‭ ‬للقيام‭ ‬بدوره،‭ ‬غني‭ ‬عن‭ ‬البيان‭ ‬ثمـة‭ ‬دول‭ ‬عـربية‭ ‬معروفة‭ ‬شرعت‭ ‬باستثمار‭ ‬حضور‭ ‬كتابها‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الساحة‭ ‬الأدبية‭ ‬ودعمت‭ ‬حراكهم‭ ‬الثقافي‭ ‬بسخاء‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬مشروعها‭ ‬التنموي‭ ‬والحضاري‭ ‬لتشكل‭ ‬قوة‭ ‬ناعـمة،‭ ‬أما‭ ‬نحن‭ ‬هنا‭ ‬فلا‭ ‬أدري‭ ‬لماذا‭ ‬نُصرّ‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬العصي‭ ‬في‭ ‬دولاب‭ ‬الثقافة،‭ ‬ولماذا‭ ‬يتم‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الرياضي‭ ‬بينما‭ ‬يبقى‭ ‬الكاتب‭ ‬والمثقف‭ ‬يتيمًــا‭ ‬تحاصره‭ ‬غـربته‭ ‬المجتمعية؟‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا