بالاعـتماد على مواقف سابقة من تجربتي ككاتب محلي وما حدث ويحدث مع كتاب آخرين في الوسط الثقافي ثمة تعامل في غير مكانه الصحيح أجد أن وزارة التجارة وبريد البحرين والجمارك يطبقون آليته على الكاتب البحريني.
لكن قبل الخوض في التفاصيل لا بد من طرح السؤال الاستهلالي التالي:
هـل الكاتب البحريني مشروع تاجر محلي؟!
للإجابة عن هذا السؤال على المرء التوجه لأقرب مكتبة في السوق ويعاين بنفسه حالة تكدس الإصدارات على الأرفف وندرة المرتادين من القراء، فالسوق راكـدة أو ميتـه فيما يخص حركة البيع والشراء وكأنما الخلق كفت عن استهلاك القراءة كأسلوب حياة وتعتبرها مجرد ترف فكري لا لزوم له في عصر «السوشيال ميديا» وطغيان الهاتف الذكي.
بالنظر إلى هذا الوضع المؤسف -كما أسلفنا- نستنتج بديهية المشهد الثقافي لدينا بوضعه في خانة النمو المتكاسل نتيجة غياب التسهيلات والتشريعات الكفيلة التي تدعـم تطور وحضور تجربة الكاتب المحلي في بـلده حيث تتحول البيئة المحلية من تشريعات وقوانين إلى أسوار شاهقـة تكبح نشاط الكاتب أو تحبط فعله الثقافي عن الارتقاء.. فماذا يعني أن يلـزم الكاتب المحلي بدفع ضريبة على كتابه المطبوع خارج المملكة أو يتوجب عليه الاتفاق مع من يخلص اجراءات كتابه وسلسلة طويلة من المعوقات إلى الدرجة التي تزرع في نفس الكاتب الكآبة فيبدأ بلعن اليوم الذي أصبح فيه كاتبا في بيئة طاردة!
الكاتب المحلي المتجذر في تجربته يسلخ من جلده حتى ينشر نتاجه الأدبي، قلنا هذا في مناسبات سابقة ولا نزال نكـرره حتى ينقطع النفس، وعليـه.. إلى متى تبقى تشريعاتنا الرسمية على حالها وآلياتها في تعاملها مع الكاتب المحلي. كل المؤشرات الواقعية تؤكد أن روح التجارة بعيدة عن الكاتب البحريني ولا يفقه في معادلاتها «البورصوية» ولا يملك منصة إلكترونية تسوق كتبه الخاصة بعيدًا عن هيمنة دور النشر العربية حتى يعامل بهذا الشكل أو يشك في ذمته المالية مثل مليونير يتهرب من دفع ضرائبه.
المعذرة.. لسنا بوارد السخرية من تشريعاتنا الرسمية فكلنا نحترم سلطة القانون من الناحية التنظيمية وسواها لكن لو جئنا على صعيد الواقع نضع المسألة في بوتقة المعادلة الرياضية
لنحسب عـدد الروائيين والشعراء والكتاب والباحثين في مملكتنا الغالية بحسب كثافتها السكانية وضربنا العدد في مقدار قيمة الضريبة المتحصلة من هذا العدد الكلي، فلا أعتقد أنها مجدية من الناحية العملية.
لسنا بلدا مليونيا كجمهورية مصر العربية، فهذا الاجراء القانوني لا يخدمنا وهل سيدر على خزينة الدولة أرباحا من الوزن الثقيل بالنظر إلى قلة الكتاب المساكين والكادحين في الساحة ممن لا يشتري أحدا كتبهم، فهم في الأغلب الأعـم يوزعونها هدايا مجانية في حفلات التدشين أو.. تذهب كصدقـة جارية في مآتم وداعـهم حين رحيلهم عن هذه الدنيا الفانية المتعبـة!
اليوم أسرة أدباء وكتاب البحرين وحضرات النواب في المجلس وهيئة الثقافة وكل من لهم علاقة بحراك الثقافة في مملكة البحرين، مطلوب تصحيح هذا الوضع القانوني بإعادة النظر في جدواه التشريعية لتخفيف الضغط عن كاهل الكاتب البحريني، فحينما نقول:
(أن الكاتب خير سفير لبلده في الدول المتقدمة).. فهذا يعني حيازته امتيازات تقديرية وتحفيزية تدعـم مسيرته للقيام بدوره، غني عن البيان ثمـة دول عـربية معروفة شرعت باستثمار حضور كتابها على صعيد الساحة الأدبية ودعمت حراكهم الثقافي بسخاء كجزء من مشروعها التنموي والحضاري لتشكل قوة ناعـمة، أما نحن هنا فلا أدري لماذا نُصرّ على وضع العصي في دولاب الثقافة، ولماذا يتم الاستثمار في الرياضي بينما يبقى الكاتب والمثقف يتيمًــا تحاصره غـربته المجتمعية؟!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك