الكواليس

وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
ثقافة الأرقام
متى ستتحرر مجتمعاتنا العربية من ثقافة الأرقام التي غرسوها في عقولنا منذ آلاف السنين؟ على الرغم من أننا تقدمنا وتحضرنا في كل شيء فإن هذه الأفكار البالية المغروسة في عقولنا أصبحت كالعادات والتقاليد منها: وصف كل سن برقم!!
ما إن تصبح البنت في سن الـ(18) حتى تصبح في نظر المجتمع العربي (جاهزة للزواج)، وما إن تتجاوز الـ(25) حتى تتسارع دقات قلب أمها خوفا لأن ابنتها اقتربت من العنوسة وعليها أن تسرع قبل ان تطأ قدمها سن الـ(30)، حيث إنها تصبح في نظر المجتمع عانسا ومسكينة بغض النظر عن نجاحها العملي أو جمالها فهي مسكينة في (30) ولم تتزوج وكأن الزواج مرتبط بسن معينة فقط بعدها تنتهي صلاحية وجودة المرأة، أما لو فكرت المرأة العزباء في الزواج وهي في سن الـ(40) أو (50) فينظرون إليها نظرة البضاعة المعيوبة وعليها أن تفكر في واحد معيوب ويجب أن يكون (مطلقا، أرمل، كسيحا، رد سجون، متزوجا من ثلاث غيرها، مدمنا سابقا) أي رجل غير عازب.. وعليها أن ترضى بأي وكل شروطه مهما كانت صعبة؛ لأنها بضاعة فاسدة في نظر المجتمع بغض النظر عن شكلها ولياقتها البدنية والصحية وعن أهميتها أو قيمتها في الحياة العملية فهي تخطت الرقم المغروس في ثقافتنا العربية لسنوات الزواج بمراحل.
بعيدا عن رقم سن الزواج، فهناك أرقاما أخرى في ثقافتنا مثل اللبس والألوان فالمرأة ما إن تدخل سن الـ(40) فمن عيب أن تلبس اللون الأحمر والوردي فما بالك لو كانت في سن الخمسين (يا نهار اسود ومنيل بستين نيلة الست اتجننت يا ناس وبتلبس الاحمر من غير خشى)، أما سن (60) فهو سن الكبار سنا عندنا ويجب على المرأة والرجل ان يتجهزا للقبر والموت وتكون قائمة الممنوعات والعيب أطول فالرياضة، الرشاقة، التزيين، الجمال وعالم الموضة، الزواج، الضحك، الرقص، الغناء، الخروج مع الأصحاب، السفر، الكوفي شوب، مطاعم، كلها عيب وحرام.
لقد ارتبط التمتع بالحياة والسعادة بسن معينة في ثقافتنا العربية فقط، مع الأسف الشديد فالإنسان يجب أن ينسى نفسه وكل متع الحياة لمجرد انه وصل إلى سن (60 أو 70) خوفا من كلام الناس.
اعترف انني في سن الـ(50) ام لبنت جميلة وجدة لحفيدات جميلات أحب الحياة جدا جدا نذهب جميعا للصالون (ندلع روحنا) ونضع المناكير مع بعض ابنتي تميل منذ صغرها للألوان الهادئة (النود) عكسي تماما، فأنا منذ صغري أحب الألوان الصارخة هي تضع ألوان النود وأنا وحفيداتي نضع اللوان الوردي والأحمر الفلاش، لن أخجل أو أخاف من كلام الناس سألبس ما أريد واللون الذي أحبه وسأسافر واستمتع بكل لحظة في حياتي ولن ألتفت أبدا لثقافة الأرقام غير المنصفة أبدا في مجتمعنا العربي.
أما الكارثة الحقيقية أن كل من يعاير النساء العربيات اللاتي يتمتعن بحياتهن ولياقتهن وملابسهن واهتمامهن بأنفسهن وينعتهن بالتصابي هم أنفسهم يمدحون المرأة الأجنبية التي تهتم بنفسها مهما تقدمت في العمر فأي ثقافة هذه وأي أفكار هذه مازلتم مؤمنين ومتمسكين بها؟!
يا ترى أنتم من أي نوع وبأي ثقافة تؤمنون؟!
إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك