العدد : ١٧٣٣٤ - الأحد ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٤ - الأحد ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

أزمة انهيار مصداقية وكالة الطاقة الذرية!

بقلم: د. منار الشوربجي

السبت ٠٥ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

ان‭ ‬التركيز‭ ‬الاعلامي‭ ‬والسياسي‭ ‬على‭ ‬تصديق‭ ‬رواية‭ ‬أو‭ ‬سردية‭ ‬مزاعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بانتصارها‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬يحقق‭ ‬أحد‭ ‬أهداف‭ ‬نتنياهو‭ ‬بالنجاة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬غرق‭ ‬في‭ ‬وحل‭ ‬غزة‭. ‬فالمطلوب‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬استعادة‭ ‬سمعة‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الردع‭ ‬العسكري‭. ‬ونتنياهو‭ ‬يعلن‭ ‬‮«‬انتصاره‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬يتم‭ ‬التعتيم‭ ‬بالمطلق‭ ‬على‭ ‬الحجم‭ ‬الحقيقي‭ ‬للخسائر‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

‭ ‬فعشية‭ ‬قصف‭ ‬إيران،‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬تكرار‭ ‬تجربة‭ ‬‮«‬محاربة‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‮»‬،‭ ‬حظرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬البث‭ ‬الحي‭ ‬‮«‬لرويترز‮»‬‭ ‬‮«‬والأسوشيتد‭ ‬برس‮»‬‭ ‬بدعوى‭ ‬أنهما‭ ‬تمنحان‭ ‬رخصة‭ ‬للجزيرة‭ ‬لإعادة‭ ‬نشر‭ ‬مقاطع‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬‮«‬المتضررة‮»‬‭ ‬بالقصف‭ ‬الإيراني‭!‬

‭ ‬واتهمت‭ ‬السلطات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الوكالتين‭ ‬الاخباريتين‭ ‬العالميتين‭ ‬بانتهاك‭ ‬قانون‭ ‬صدر‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬يحظر‭ ‬عمل‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة،‭ ‬كما‭ ‬أخطرت‭ ‬كل‭ ‬الإعلاميين‭ ‬الأجانب‭ ‬بضرورة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬‮«‬الموافقة‭ ‬المسبقة‭ ‬للرقيب‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‮»‬‭. ‬

‭ ‬والواقع‭ ‬ان‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬تمارس‭ ‬الرقابة‭ ‬الذاتية‭ ‬أصلا‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإسرائيل‭ ‬وتخلّي‭ ‬بعضها‭ ‬بالكامل‭ ‬عن‭ ‬المهنية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الفضيحة،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬تغطية‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

لكن‭ ‬سلسلة‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ضد‭ ‬غزة‭ ‬وشعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬حد‭ ‬الإعلام‭ ‬والحكومات‭ ‬الغربية،‭ ‬باستثناءات‭ ‬قليلة‭ ‬كإيرلندا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬مثلا،‭ ‬وإنما‭ ‬تطول‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

‭ ‬ففيما‭ ‬يخص‭ ‬إيران،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬جريمة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬المدعو‭ ‬رافائيل‭ ‬جروسي‭ ‬مدير‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية،‭ ‬حين‭ ‬منح‭ ‬الغطاء‭ ‬السياسي‭ ‬لحرب‭ ‬تقوض‭ ‬ليس‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬صار‭ ‬أشلاء‭ ‬في‭ ‬رمال‭ ‬غزة،‭ ‬وإنما‭ ‬يغتال‭ ‬مهمة‭ ‬الوكالة‭ ‬التي‭ ‬يرأسها‭ ‬وسبب‭ ‬وجودها‭ ‬أصلا‭. ‬

فقد‭ ‬أصدر‭ ‬الرجل‭ ‬تقريرا،‭ ‬ثم‭ ‬حدد‭ ‬موعدا‭ ‬لتصويت‭ ‬مجلس‭ ‬محافظي‭ ‬الوكالة‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬بموجبه،‭ ‬بحيث‭ ‬يوافق‭ ‬اليوم‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬مهلة‭ ‬الستين‭ ‬يوما‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬اخترعها‭ ‬للتوصل‭ ‬الى‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬إيران‭. ‬

واجتمع‭ ‬المجلس‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬35‭ ‬دولة‭ ‬للتصويت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬اعتبره‭ ‬التقرير‭ ‬الملغوم‭ ‬‮«‬انتهاكا‮»‬‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬لالتزاماتها‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قطعتها‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬مع‭ ‬الوكالة‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬19‭ ‬دولة‭ ‬وعارضته‭ ‬ثلاث،‭ ‬بينما‭ ‬امتنعت‭ ‬11‭ ‬دولة‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬ولم‭ ‬تصوت‭ ‬اثنتان‭. ‬وقد‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬اتصلت‭ ‬بثماني‭ ‬دول‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬قبل‭ ‬التصويت‭ ‬بيومين،‭ ‬تطالبها‭ ‬إما‭ ‬بالامتناع‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬التصويت‭ ‬أصلا‭!‬

وما‭ ‬يدعو‭ ‬حقا‭ ‬الى‭ ‬الانتباه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬يعتبر‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬بتعهداتها‮»‬‭ ‬بسبب‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬العثور‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬على‭ ‬‮«‬مادة‭ ‬اليورانيوم‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬مواقع‭ ‬هي‭: ‬لافيسان‭ ‬شيان،‭ ‬وماريفان‭ ‬وفيرامين‮»‬،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نشاطا‭ ‬نوويا‮»‬‭ ‬كان‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬‮«‬تركوبازاد‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2009‭ ‬إلى‭ ‬2018‭. ‬

والملاحظ‭ ‬ان‭ ‬التقرير‭ ‬يعلن‭ ‬بنفسه‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬تلك‭ ‬المعلومات‭ ‬حصلت‭ ‬عليها‭ ‬الوكالة‭ ‬من‭ ‬‮«‬أطراف‭ ‬ثلاثة‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬عندي‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭! ‬بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬إدانة‭ ‬التقرير‭ ‬لإيران‭ ‬كان‭ ‬بخصوص‭ ‬أنشطة‭ ‬توقفت،‭ ‬باعتراف‭ ‬الوكالة،‭ ‬لا‭ ‬أنشطة‭ ‬حالية،‭ ‬فقفز‭ ‬جروسي‭ ‬منها‭ ‬لاستنتاج‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬لديها‭ ‬ما‭ ‬تخفيه‭ ‬عن‭ ‬الأعين‭!‬

أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يقول‭ ‬التقرير‭ ‬نصا‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬مؤشرات‭ ‬موثوقة‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬برنامج‭ ‬غير‭ ‬معلن‭.. ‬لكن‭ ‬التصريحات‭ ‬المتكررة‭ ‬لمسؤولين‭ ‬إيرانيين‭ ‬سابقين‭ ‬رفيعي‭ ‬المستوي‭ ‬التي‭ ‬تفيد‭ ‬بأن‭ ‬إيران‭ ‬تملك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تصنيع‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭ ‬تثير‭ ‬القلق‮»‬،‭ ‬باختصار،‭ ‬تصريحات‭ ‬مسؤولين‭ ‬‮«‬سابقين‮»‬‭ ‬كافية‭ ‬‮«‬للقلق‮»‬،‭ ‬والقلق‭ ‬كاف‭ ‬لتوجيه‭ ‬الاتهام‭ ‬الذي‭ ‬يعطي‭ ‬تاليا‭ ‬مبررا‭ ‬وغطاء‭ ‬لشن‭ ‬حرب‭ ‬كادت‭ ‬تنتهي‭ ‬بكارثة‭ ‬للمنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬لو‭ ‬حدث‭ ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭ ‬تسرب‭ ‬اشعاعي‭ ‬نووي‭ ‬نتيجة‭ ‬الضربات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والأمريكية‭ ‬للمنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭. ‬

وحين‭ ‬تقرأ‭ ‬نص‭ ‬التقرير‭ ‬وهندسة‭ ‬أمريكا‭ ‬لنتيجة‭ ‬التصويت‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬بأيام،‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬إسرائيل‭ ‬شنت‭ ‬الحرب‭ ‬وحدها‭ ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬‮«‬جر‮»‬‭ ‬أمريكا‭ ‬لاحقا‭. ‬

‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬الواقع‭ ‬والشواهد‭ ‬تؤكد‭ ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬ضالعة‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الغطاء‭ ‬الدولي،‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬تجلس‭ ‬مع‭ ‬الإيرانيين‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬المفاوضات‭ ‬لتمارس‭ ‬الخداع‭!‬

 

{ باحثة‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا