لطالما أسرت المجوهرات الإنسان بجمالها وقيمتها، ولكن التفكير في ارتداء قطعة صُنعت من مادة سافرت عبر الفضاء لآلاف السنين، واخترقت الغلاف الجوي لتستقر على سطح الأرض، ليست مجرد فكرة خيالية، بل واقع يتجسد في نوعية جديدة من المجوهرات المصنوعة من النيازك والمعادن الفضائية.
تتكون النيازك من بقايا كويكبات أو مذنبات أو حتى كواكب صغيرة لها تركيبها المعدني الفريد، والذي غالبًا ما يحتوي على مزيج خاص من الحديد والنيكل وبعض العناصر النادرة الأخرى ، ما يجعلها مادة غير تقليدية لصناعة المجوهرات. وتُظهر بعض النيازك أنماطًا بلورية على هيئة خطوط متقاطعة لا يمكن أن تتشكل إلا في بيئة باردة جدًا وعلى مدى زمني طويل جدًا، مما يمنح كل قطعة مظهرًا لا مثيل له.
وقبل البدء بتحويل النيازك إلى حلق أو خاتم أو حتى ساعة يد ثمينة، يخضع المعدن الفضائي لعمليات تنظيف دقيقة لإزالة الصدأ والشوائب، ثم يُقطّع ويُشكل بحرفية عالية، وفي كثير من الأحيان يُدمج مع المعادن الثمينة كالذهب الأبيض أو الوردي أو البلاتين ليجمع بين سحر الفخامة وندرة المادة. ويذكر بأن أشهر النيازك المستخدمة في هذه الصناعة هو نيزك Muonionalusta الذي سقط على الحدود السويدية الفنلندية منذ نحو مليون سنة، ويشتهر بتركيبته الغنية بالحديد والنيكل والعناصر النادرة مثل الغاليوم والجرمانيوم والإيريديوم. كما أن نيزك Campo del Cielo الذي سقط في شمال الأرجنتين قبل نحو خمسة آلاف سنة يُستخدم في صنع أساور وقلائد تتميز بصلابتها ولونها المعدني المائل للرمادي الداكن. وهناك أيضاً نيزك Gibeon الذي اكتُشفت شظاياه في ناميبيا، ويُعرف بنقوش Widmanstätten المذهلة التي تزين سطحه، في حين اختصّ حجر Moldavite الذي نشأ بفعل اصطدام نيزكي منذ نحو خمسة عشر مليون سنة في منطقة تمتد بين جنوب ألمانيا وجمهورية التشيك بكونه زجاجاً طبيعيّاً أخضر مصهوراً، يُستعمل في المجوهرات لإضفاء لونٍ نابض بالحياة ولمسةٍ غامضة ذات أصلٍ فضائي. كما طوّرت بعض الشركات إلى جانب هذه المواد طرقاً مبتكرة لالتقاط جزيئات ذرية من الفضاء باستخدام هياكل من الأيروجل وهي المادة المسامية التي استعملتها ناسا في مهمة Stardust لالتقاط غبار الكويكبات. وقد أُدخلت هذه الجسيمات الدقيقة في بعض تصاميم المجوهرات لتجسّد حرفية تجمع بين العلم والفن.
من المتوقع أن يشهد الطلب على المجوهرات المصنوعة من النيازك والمعادن الفضائية ازدياداً كبيراً في المستقبل القريب، خاصة بين الجيل الجديد الذي يبحث عن التفرّد والتعبير عن شخصيته بقطع تحمل قصصاً فريدة ومعانٍ عميقة تتجاوز المألوف.كما انها بلا شك ستستهوى محبّي علم الفلك والباحثين عن الفريد والمختلف، كما تُمثّل هدية استثنائية في المناسبات الخاصة إذ تحمل رسالة حب أبدية من «خارج هذا العالم». وجدير بالذكر بأنه لا بد من التأكد من مصدر المجوهرات وشرعيتها عبر شراء القطع من بيوت مجوهرات معروفة تقدم شهادات تثبت أصل النيزك أو الحجر الفضائي المستخدم، علماً بأن بعض العينات التي جمعتها وكالات فضاء مثل ناسا تُعتبر ملكية حكومية و علمية ولا يُسمح ببيعها. ومن المحتمل أن تبدأ علامات المجوهرات الشهيرة والفاخرة في تبني هذه المعادن والأحجار الفضائية ضمن مجموعاتها، مستغلةً ندرتها وجاذبيتها الفريدة لتعزيز مكانتها في السوق وتقديم تصاميم مبتكرة تجمع بين الفخامة والتكنولوجيا المتطورة، مما يفتح آفاقاً جديدة في عالم صناعة المجوهرات ويكشف عن انجازٍ يجسد أروع معاني التميّز والندرة والإبداع البشري في رحلةٍ بدأت من أعماق الفضاء وانتهت في مجوهرات ذات تفاصيل كونية تفوق الخيال .
باعتقادك ،هل ستلاقي المجوهرات المرصعة بالأحجار الفضائية رواجا في الاسواق ؟ شاركونا بآرائكم ونتطلع إلى مقترحاتكم للمواضيع القادمة والاجابة على تساؤلاتكم على البريد الالكتروني: seemajewelsbh@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك