«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (حديث شريف)
تتشارك دول الخليج العربي، وهي المملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة، والكويت، وقطر، وسلطنة عمان، في قيم دينية موحدة، وأصول اجتماعية واحدة، وعادات وتقاليد متشابهة، ما يجعل العلاقات بينها تتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية والاقتصادية، لتصل إلى عمق اجتماعي وإنساني راسخ. ويُعدّ الترابط الأسري والأخوي والاجتماعي من الركائز الأساسية التي تميّز هذه المنطقة، وتشكّل جزءًا من هويتها التاريخية والثقافية والدينية.
وقد حافظ هذا الترابط على جوهره وتعزّز بفضل تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981، الذي أسهم في توحيد الرؤى في العديد من المجالات الاقتصادية والتعليمية والصحية والثقافية، كما عزّز الروابط الاجتماعية بين أبناء الشعب الخليجي. ويتشارك أبناء الخليج في احتفالاتهم ومناسباتهم الدينية والاجتماعية، ويتواصلون في أفراحهم عبر اللقاءات العائلية أو وسائل التواصل الاجتماعي. كما يلعب الإعلام الخليجي دورًا مهمًا في بناء وعي مشترك وتعزيز شعور الانتماء والوحدة.
لطالما تنقّل سكان الخليج بين دولهم بحرية بفعل التقارب الجغرافي، تربطهم علاقات دم ونسب ومصاهرة وصداقة، إذ نجد العديد من العائلات موزّعة بين أكثر من دولة خليجية.
لذا، تبقى الروابط قوية، مدعومة بالتقاليد والقيم الإسلامية التي تحث على صلة الرحم والتكافل. وقد شكّل هذا الامتداد العائلي والاجتماعي عمقًا حضاريًا وثقافيًا وإنسانيًا يعكس روح الخليج الحقيقية، ويعبّر عن وحدة المصير والرؤية المشتركة لمستقبل أفضل لأبناء الشعب الخليجي.
كما أن الحياة البسيطة التي عاشها معظم أهل الخليج في الماضي، أسهمت في خلق روح من التعاون والتكافل، حيث تقاسموا الرزق والمسؤولية، ومدّوا يد العون إلى بعضهم في الشدة والرخاء.
وقد شكل هذا التماسك قوة تدعم الأمن والاستقرار الداخلي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، كما يعزز مواقف دول الخليج العربي في المحافل الدولية، ويرسّخ قدرة الشعب الخليجي على مواجهة المستقبل بروح جماعية وتضامن أصيل.
وتجلّت هذه الروح الأخوية والمحبة المتبادلة في الهجوم الذي تعرّضت لها الشقيقة قطر، عندما نُفّذ القصف الصاروخي الإيراني على قاعدة العديد الأمريكية العسكرية. لم تكن الضربة موجهة إلى الأرض القطرية والشعب القطري فحسب، بل شعر بالاستياء والغضب منها كل مواطن خليجي. فهبّ أبناء الشعب الخليجي جميعًا يعبرون عن مشاعر القلق والتعاطف مع قطر وأهلها الاعزاء، وأكدت دول الخليج تضامنها الكامل معها.
وهذا هو جوهر علاقة الأخوة والدم التي يظهر معدنها الأصيل في مثل هذه الظروف الحساسة التي تمر بها المنطقة، حيث استنكر الجميع هذا الهجوم وأُدين من الهيئات الرسمية والتجمعات الاهلية والشعبية، وبرزت مناصرة قطر ودعمها إعلاميا وإلكترونيا.
حفظ الله دولة قطر وجميع دول الخليج من كل شر وسوء، ومن كيد كل حاقد لا يرجو لنا الخير. اللهم إنّا نستودعك خليجنا وأهلنا وأمننا، ونسألك أن تصرف عنا الحروب والفتن، وتدفع عنّا البلاء والمحن، وتغرس الأمن في قلوبنا وديارنا، وتحفظ ولاة أمورنا وجنودنا وأهلينا جميعا، وتوفق قادتنا لما فيه خير البلاد والعباد. اللهم اجعل خليجنا آمنًا مطمئنًا، وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمين يا رب العالمين.
nshowaiter98@gmail.com

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك