العدد : ١٧٣٨١ - الجمعة ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٨١ - الجمعة ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

التضامن الخليجي يستند إلى عمق اجتماعي وإنساني راسخ

بقلم: نجاة بنت علي شويطر

الأحد ٢٩ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

‮«‬مَثَلُ‭ ‬الْمُؤْمِنِينَ‭ ‬فِي‭ ‬تَوَادِّهِمْ‭ ‬وَتَرَاحُمِهِمْ‭ ‬وَتَعَاطُفِهِمْ‭ ‬مَثَلُ‭ ‬الْجَسَدِ،‭ ‬إِذَا‭ ‬اشْتَكَى‭ ‬مِنْهُ‭ ‬عُضْوٌ‭ ‬تَدَاعَى‭ ‬لَهُ‭ ‬سَائِرُ‭ ‬الْجَسَدِ‭ ‬بِالسَّهَرِ‭ ‬وَالْحُمَّى‮»‬‭ (‬حديث‭ ‬شريف‭)‬

تتشارك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وهي‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬ومملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬والكويت،‭ ‬وقطر،‭ ‬وسلطنة‭ ‬عمان،‭ ‬في‭ ‬قيم‭ ‬دينية‭ ‬موحدة،‭ ‬وأصول‭ ‬اجتماعية‭ ‬واحدة،‭ ‬وعادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬متشابهة،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬العلاقات‭ ‬بينها‭ ‬تتجاوز‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬عمق‭ ‬اجتماعي‭ ‬وإنساني‭ ‬راسخ‭. ‬ويُعدّ‭ ‬الترابط‭ ‬الأسري‭ ‬والأخوي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬من‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تميّز‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتشكّل‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬هويتها‭ ‬التاريخية‭ ‬والثقافية‭ ‬والدينية‭.‬

وقد‭ ‬حافظ‭ ‬هذا‭ ‬الترابط‭ ‬على‭ ‬جوهره‭ ‬وتعزّز‭ ‬بفضل‭ ‬تأسيس‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬عام‭ ‬1981،‭ ‬الذي‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬الرؤى‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والصحية‭ ‬والثقافية،‭ ‬كما‭ ‬عزّز‭ ‬الروابط‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الخليجي‭. ‬ويتشارك‭ ‬أبناء‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬احتفالاتهم‭ ‬ومناسباتهم‭ ‬الدينية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬ويتواصلون‭ ‬في‭ ‬أفراحهم‭ ‬عبر‭ ‬اللقاءات‭ ‬العائلية‭ ‬أو‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬كما‭ ‬يلعب‭ ‬الإعلام‭ ‬الخليجي‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وعي‭ ‬مشترك‭ ‬وتعزيز‭ ‬شعور‭ ‬الانتماء‭ ‬والوحدة‭.‬

لطالما‭ ‬تنقّل‭ ‬سكان‭ ‬الخليج‭ ‬بين‭ ‬دولهم‭ ‬بحرية‭ ‬بفعل‭ ‬التقارب‭ ‬الجغرافي،‭ ‬تربطهم‭ ‬علاقات‭ ‬دم‭ ‬ونسب‭ ‬ومصاهرة‭ ‬وصداقة،‭ ‬إذ‭ ‬نجد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬موزّعة‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬خليجية‭. ‬

لذا،‭ ‬تبقى‭ ‬الروابط‭ ‬قوية،‭ ‬مدعومة‭ ‬بالتقاليد‭ ‬والقيم‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬تحث‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬الرحم‭ ‬والتكافل‭. ‬وقد‭ ‬شكّل‭ ‬هذا‭ ‬الامتداد‭ ‬العائلي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬عمقًا‭ ‬حضاريًا‭ ‬وثقافيًا‭ ‬وإنسانيًا‭ ‬يعكس‭ ‬روح‭ ‬الخليج‭ ‬الحقيقية،‭ ‬ويعبّر‭ ‬عن‭ ‬وحدة‭ ‬المصير‭ ‬والرؤية‭ ‬المشتركة‭ ‬لمستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬لأبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الخليجي‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬معظم‭ ‬أهل‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬روح‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬والتكافل،‭ ‬حيث‭ ‬تقاسموا‭ ‬الرزق‭ ‬والمسؤولية،‭ ‬ومدّوا‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬إلى‭ ‬بعضهم‭ ‬في‭ ‬الشدة‭ ‬والرخاء‭.‬

وقد‭ ‬شكل‭ ‬هذا‭ ‬التماسك‭ ‬قوة‭ ‬تدعم‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬كما‭ ‬يعزز‭ ‬مواقف‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية،‭ ‬ويرسّخ‭ ‬قدرة‭ ‬الشعب‭ ‬الخليجي‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬المستقبل‭ ‬بروح‭ ‬جماعية‭ ‬وتضامن‭ ‬أصيل‭.‬

وتجلّت‭ ‬هذه‭ ‬الروح‭ ‬الأخوية‭ ‬والمحبة‭ ‬المتبادلة‭ ‬في‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬تعرّضت‭ ‬لها‭ ‬الشقيقة‭ ‬قطر،‭ ‬عندما‭ ‬نُفّذ‭ ‬القصف‭ ‬الصاروخي‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬العديد‭ ‬الأمريكية‭ ‬العسكرية‭. ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الضربة‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭ ‬القطرية‭ ‬والشعب‭ ‬القطري‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬شعر‭ ‬بالاستياء‭ ‬والغضب‭ ‬منها‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬خليجي‭. ‬فهبّ‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الخليجي‭ ‬جميعًا‭ ‬يعبرون‭ ‬عن‭ ‬مشاعر‭ ‬القلق‭ ‬والتعاطف‭ ‬مع‭ ‬قطر‭ ‬وأهلها‭ ‬الاعزاء،‭ ‬وأكدت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تضامنها‭ ‬الكامل‭ ‬معها‭. ‬

وهذا‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬علاقة‭ ‬الأخوة‭ ‬والدم‭ ‬التي‭ ‬يظهر‭ ‬معدنها‭ ‬الأصيل‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الحساسة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬المنطقة،‭ ‬حيث‭ ‬استنكر‭ ‬الجميع‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬وأُدين‭ ‬من‭ ‬الهيئات‭ ‬الرسمية‭ ‬والتجمعات‭ ‬الاهلية‭ ‬والشعبية،‭ ‬وبرزت‭ ‬مناصرة‭ ‬قطر‭ ‬ودعمها‭ ‬إعلاميا‭ ‬وإلكترونيا‭.‬

حفظ‭ ‬الله‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬وجميع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شر‭ ‬وسوء،‭ ‬ومن‭ ‬كيد‭ ‬كل‭ ‬حاقد‭ ‬لا‭ ‬يرجو‭ ‬لنا‭ ‬الخير‭. ‬اللهم‭ ‬إنّا‭ ‬نستودعك‭ ‬خليجنا‭ ‬وأهلنا‭ ‬وأمننا،‭ ‬ونسألك‭ ‬أن‭ ‬تصرف‭ ‬عنا‭ ‬الحروب‭ ‬والفتن،‭ ‬وتدفع‭ ‬عنّا‭ ‬البلاء‭ ‬والمحن،‭ ‬وتغرس‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬قلوبنا‭ ‬وديارنا،‭ ‬وتحفظ‭ ‬ولاة‭ ‬أمورنا‭ ‬وجنودنا‭ ‬وأهلينا‭ ‬جميعا،‭ ‬وتوفق‭ ‬قادتنا‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬خير‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد‭. ‬اللهم‭ ‬اجعل‭ ‬خليجنا‭ ‬آمنًا‭ ‬مطمئنًا،‭ ‬وسائر‭ ‬بلاد‭ ‬المسلمين،‭ ‬اللهم‭ ‬آمين‭ ‬يا‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭.‬

nshowaiter98@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا