صدرت للكاتبة السعودية صباح فارسي مجموعتها القصصية الثانية المعنونة «حِبالُ اللِّيفِ» وذلك في بداية مايو 2025 م عن دار تأثير في المملكة العربية السعودية، في عمل أدبي يتأرجح بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا، ويعكس رؤية سردية تنبض بالإنسان وهمومه الداخلية.
تضم المجموعة ستة وأربعين نصًا، تتناول في مجملها أزمات الإنسان، وتقترب من مشاعره وتقلّباته الوجدانية، عبر لغة قصصية مكثفة تمزج بين الشاعرية والرمزية، وتبتعد عن المباشرة التقليدية. وقد أهدت الكاتبة العمل إلى «الحكّاء الذي بداخل كُل منا..»، في إشارة إلى الحكايات الدفينة التي ترافق الإنسان وتشكل وعيه.
في «حِبالُ اللِّيفِ» تميّزت صباح فارسي بإتقانها لبناء الراوي، إذ قدّمت نماذج متعددة للأصوات السردية، ما منح كل قصة طابعًا خاصًا وأسلوبًا متفردًا. كما منحت العناوين اهتمامًا خاصًا، فجاءت جذابة وموحية، تشكّل بوابات فنية للنصوص، وتُبرز وعي الكاتبة بأهمية التفاصيل الصغيرة في القصة. وتُعد هذه المجموعة امتدادًا لتجربة فارسي الأدبية، التي بدأت بعدد من الاصدارات ثم مجموعتها القصصية الأولى «مخرج»، وها هي اليوم تواصل مسيرتها من خلال «حِبالُ اللِّيفِ»، التي كرّست بها حضورها في المشهد الثقافي.
تتنوع القضايا المطروحة في النصوص بين الألم الإنساني الصامت، وهموم الناس، والحنين الذي يمرّ من خلال تفاصيل الحياة اليومية، بأسلوب لا يكتفي بالسرد، بل يعمّق الشعور ويثير التأمل. وقد قدم للمجموعة الاستاذ محمد بن ربيع وكتب عن تجربته مع المجموعة قائلاً: «بكيت في بعضها بعين واحدة، أرمق عالمنا بعين أخرى، ثم بكيت بعينين هربًا من عالم لا يعرف شيئًا عن أفئدتن».
فهذه المجموعة ليست مجرد مجموعة قصصية، بل تجربة سردية تسير بالقارئ بين الحكاية والتأمل، وتدعوه لالتقاط ما يتجاوز ظاهر الكلمات، في نصوص تلامس الروح، وتعيد تشكيل علاقتنا بالقصّة.
كما سجل الدكتور في النقد: عادل الغزال من تونس مقولة عن المجموعة على الغلاف حبال الليفّ: الحكي في حكم قيافة الوجود. استجمعت الكتابة في المجموعة القصصيّة، «حبال الليِفّ»، ما في القصّ من قدرة على التسرّب إلى غيهب المعنى لاقتفاء أثر حضور الإنسان في الوجود، ولتمارس فضيلة كشف الأشياء ووصف شفيف غيابها في ظاهر حضورها.
الجدير بالذكر أن لوحة الغلاف إهداء من الفنان التشكيلي عبد الكريم الأزهر من المغرب.
«القارئ والتأويل»: تأمّلات في عالم عبدالفتاح كيليطو الأدبي
صدر حديثًا عن دار (الآن ـ ناشرون وموزعون) كتاب للناقد صدّوق نور الدين بعنوان «القارئ والتأويل: تأملات في العالم الأدبي لعبدالفتاح كيليطو».
يستهل نور الدين كتابه بمقدّمة بعنوان «من أجل هموم مشتركة»، يسترجع فيها مشهدًا شخصيًّا جمعه بكيليطو عام 1988، متأمّلًا تفاصيل اللحظة بكثافة سردية وشاعرية توحي بطبيعة العلاقة التي تجمع القارئ بالنصّ والمبدع بمرآته الداخلية.
ويشتمل الكتاب على عدد من المحاور الرئيسة، منها: «نحو نقد أدبي جديد... بين عبدالكبير الخطيبي وعبدالفتاح كيليطو»، و«صورة ابن رشد في الأدب»، و«شعرية الاستطراد»، و«كيليطو والكتابة الروائية»، بالإضافة إلى تأملات نقدية تربط كيليطو بأعلام مثل خورخي لويس بورخيس ومصطفى لطفي المنفلوطي.
ويرى المؤلف أن كيليطو القارئ والمفكر يتميّز بموسوعية لافتة في الأدبين العربي والعالمي، تتجلّى في كتاباته النقدية القائمة على التحليل والتأويل، مضيفًا أن سؤال الأدب الحديث لا يغيب عن مشروعه الفكري، رغم هيمنة الأدب الكلاسيكي على اهتماماته.
ويؤكد أن خصوصية الأدب المغربي الحديث، وتأخر ظهوره، تفرض على الدارسين مقاربة نقدية واعية تُوازن بين التأصيل والمقارنة، وهي مسارات برع كيليطو في استكشافها بلغة تتوسل بالعمق من دون أن تفارق البساطة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك