العدد : ١٧٢٦٤ - الأحد ٢٩ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٦٤ - الأحد ٢٩ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ محرّم ١٤٤٧هـ

الثقافي

قصة قصيرة:
غرام

السبت ٢٨ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

لم‭ ‬يهدها‭ ‬قط‭ ‬باقة‭ ‬من‭ ‬الورد‭ ‬لكن‭ ‬حين‭ ‬تضع‭ ‬رأسها‭ ‬على‭ ‬صدره‭ ‬تبتسم‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ضلوعه‭ ‬زهرة‭.‬

يشق‭ ‬نهر‭ ‬العمر‭ ‬بينهما‭ ‬فراقا‭ ‬لكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬ينتهي‭ ‬مصبه‭ ‬بين‭ ‬ذراعيها،‭ ‬تعلم‭ ‬جيداً‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬لكن‭ ‬منذ‭ ‬متى‭ ‬امتلك‭ ‬أحدهم‭ ‬القمر‭ ‬أو‭ ‬استوطن‭ ‬أرض‭ ‬الشمس؟

كل‭ ‬عام‭ ‬يمر‭ ‬يمنحهما‭ ‬أسبابا‭ ‬قوية‭ ‬للفراق‭ ‬لكنه‭ ‬الفراق‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬بلقاءات‭ ‬وشيكة‭ ‬تنسيهما‭ ‬معا‭.. ‬مر‭ ‬الاشتياق‭.‬

يجلس‭ ‬بغرفة‭ ‬مكتبه‭ ‬ليقرأ‭ ‬ويكتب‭ ‬ويعمل‭ ‬منشغلا‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬لكنه‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعيدا‭ ‬رغم‭ ‬المسافات‭ ‬يوجد‭ ‬قلب‭ ‬ينبض‭ ‬بأحرف‭ ‬اسمه‭ ‬نبضاً‭ ‬متصلاً‭ ‬لا‭ ‬ينقطع‭ ‬إلا‭ ‬بموت‭.‬

قد‭ ‬تفتتن‭ ‬بشعره‭ ‬الفضي،‭ ‬وسامته‭ ‬اللافتة،‭ ‬طوله‭ ‬الفارع،‭ ‬بنيته‭ ‬القوية،‭ ‬بزته‭ ‬الأنيقة‭ ‬ذات‭ ‬الأزرار‭ ‬الذهبية‭ ‬ورابطة‭ ‬عنقه‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬يلتقيها‭ ‬حتى‭ ‬يتحرر‭ ‬منها‭ ‬وكأن‭ ‬وجودها‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬قدسية‭ ‬اللقاء‭. ‬يمنحها‭ ‬ابتسامة‭ ‬مبهرة،‭ ‬يفتح‭ ‬لها‭ ‬ذراعيه‭ ‬لترتمي‭ ‬بينهما‭ ‬منتشية،‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بعبور‭ ‬جنته‭ ‬لكن‭ ‬يحرم‭ ‬عليها‭ ‬استيطانها،‭ ‬تعلم‭ ‬ألا‭ ‬وطن‭ ‬لها‭ ‬سوى‭ ‬ابتسامته‭ ‬فتختزنها‭ ‬بين‭ ‬طيات‭ ‬مخيلتها‭ ‬ثم‭ ‬تعود‭ ‬لتجترها‭ ‬حين‭ ‬الحنين‭.‬

ويل‭ ‬تعيشه‭ ‬هناك‭ ‬بعيدا‭ ‬حيث‭ ‬يظن‭ ‬العالم‭ ‬أنه‭ ‬الوطن،‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬سواه‭ ‬أنها‭ ‬منذ‭ ‬التقته‭ ‬هاجرت‭ ‬حيث‭ ‬شوق‭ ‬لا‭ ‬ينطفئ‭ ‬ونيران‭ ‬ممتعة‭ ‬لا‭ ‬تحرق‭ ‬سوى‭ ‬ذكريات‭.‬

يمنحها‭ ‬روح‭ ‬الأبوة‭ ‬التي‭ ‬يعذبها‭ ‬فقدانها‭ ‬ثم‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تنتشي‭ ‬مسامها‭ ‬بلمسات‭ ‬حبيب‭ ‬قوي‭ ‬يقرأ‭ ‬صفحات‭ ‬قلبها‭ ‬كأنه‭ ‬من‭ ‬خط‭ ‬بيده‭ ‬قدر‭ ‬الصفحات‭.‬

عادل‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬معها،‭ ‬تظن‭ ‬أن‭ ‬بحبها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تشتري‭ ‬دقائق‭ ‬عمره‭ ‬وثوانيه،‭ ‬تتجاهل‭ ‬أنانيتها‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يوما‭ ‬ملكاً‭ ‬سوى‭ ‬لأحلامه،‭ ‬يزعجها‭ ‬انشغاله‭ ‬الدائم‭ ‬لكن‭ ‬منذ‭ ‬متى‭ ‬فتنت‭ ‬برجل‭ ‬لا‭ ‬تمتلئ‭ ‬ساعات‭ ‬يومه‭ ‬بانشغال؟

سرها‭ ‬الأعظم‭ ‬وهي‭ ‬الواضحة‭ ‬تماما‭ ‬لا‭ ‬تتقن‭ ‬إخفاء‭ ‬الأسرار‭ ‬لكنه‭ ‬تميمة‭ ‬الحظ‭ ‬التي‭ ‬تخشى‭ ‬عليها‭ ‬عيون‭ ‬الحساد‭ ‬وابتسامة‭ ‬القدر‭ ‬التي‭ ‬أهداها‭ ‬لها‭ ‬أخيراً‭ ‬فصارت‭ ‬تتلمس‭ ‬صدرها‭ ‬كل‭ ‬برهة‭ ‬حتى‭ ‬تتأكد‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يلمحه‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬حنايا‭ ‬القلب‭ ‬النازف‭.‬

عام‭ ‬جديد‭ ‬يلوح‭ ‬مبتسما‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬محبتهما‭ ‬يتزامن‭ ‬مع‭ ‬ذكرى‭ ‬ميلاده،‭ ‬تظن‭ ‬أن‭ ‬سينشغل‭ ‬باحتفالاته‭ ‬وينسى‭ ‬تهنئتها‭ ‬بعام‭ ‬جديد‭ ‬ويظن‭ ‬أنها‭ ‬ستتجاهل‭ ‬ذكرى‭ ‬ميلاده‭ ‬فهي‭ ‬تخشى‭ ‬عليه‭. ‬

‮«‬كبرنا‭ ‬عاما‮»‬‭ ‬يفاجئها‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬اللحظة‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬تبتسم‭ ‬للمفاجأة‭ ‬التي‭ ‬تتكرر‭ ‬دوما‭ ‬فترد‭ ‬مبتسمة‭ ‬يا‭ ‬غرام‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نكبر‭ ‬يزيد‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا