احتضنت مدينة سانت بطرسبرغ الروسية مؤخرا منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في نسخته الثامنة والعشرين بحضور أكثر من 20000 مشارك من 144 دولة، حيث كانت مملكة البحرين ضيف شرف المنتدى الذي شهد ترؤس سمو الشيخ ناصر بن حمد بن عيسى آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب وفد مملكة البحرين لهذا المنتدى المهم وبمشاركة بحرينية كبيرة تتناسب مع الاحتفاء بمملكة البحرين كضيف شرف تكريما واعتزازا بدورها وعلاقاتها مع روسيا الاتحادية.
وكان للكلمة البليغة التي ألقاها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة في المنتدى الأُثر البالغ على الحضور الذين صفقوا طويلا لسموه إعجابا واستحسانا.
وإذا نظرنا لهذه المشاركة من مختلف الجوانب ولهذا الاحتفاء نجد على الأقل 3 عناصر مهمة نتوقف عندها تحليلا وتعليقا بما يتناسب ومكانة هذا المنتدى العالمي وبمكانة مملكة البحرين ودورها في العالم.
أولا: المكانة الرفيعة التي تحظى بها العلاقات البحرينية الروسية منذ ما لا يقل عن 35 سنة توطدت بشكل خاص بعد الزيارات التاريخية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم لروسيا الاتحادية واحتفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بجلالته وبالبحرين تأكيدا للمستوى الرفيع من علاقات الصداقة بين البلدين والشعبين الصديقين ولا ننسى هنا المواقف الإيجابية التي وقفتها روسيا الاتحادية في كل المراحل التي أكدت دعم روسيا للبحرين ومواقفها في السراء والضراء. ولا شك ان العلاقات بين الزعيمين قد أسهمت في ترسيخ العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية.
ومن الواضح أن هذا الاحتفاء هو تتويج لمسار طويل من التعاون والتضامن وتقارب المواقف السياسية في القضايا الدولية، وخاصة ما يتعلق بدعم السلام والأمن الدوليين وتعزيز قيم التسامح في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العالم وتأثيراتها الخطيرة على الاستقرار العالمي.
ثانيا: البعد الاقتصادي التنموي لهذه العلاقة بين البلدين والشعبين في ظل ما تشهده مملكة البحرين من نمو وتطور وما تشهده روسيا الاتحادية من نمو وتطور وتصاعد دورها في مجالات الصناعة والتكنولوجيا والتجارة والدليل على ذلك توقيع مذكرات تفاهم عديدة في مجالات مختلفة، وخاصة في مجال التقنيات والصناعة والطاقة إضافة إلى الاتفاق على جعل البحرين مركزا لتوزيع بعض الصناعات والأغذية الروسية لتوزيعها في المنطقة بما يعزز الدور الاقتصادي للبحرين وبما يؤكد الثقة بين البلدين الصديقين. وقد أكد ذلك سمو الشيخ ناصر بن حمد في كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة عندما أشار إلى السياسات الاقتصادية المنفتحة للبحرين وروسيا، ما أدى إلى تحفيز عدد من الصناعات الاستراتيجية وخاصة قطاع الطاقة والصناعة بما انعكس بشكل إيجابي على البيئة الاستثمارية حيث نجحت روسيا في هذا المجال بشكل واضح من خلال تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول المنطقة والعالم، ما فتح الباب مشرعا أمام الفرص التجارية والاستثمارية الكبيرة.
ثالثا: أهمية حضور مملكة البحرين في هذا المنتدى لسنوات متتالية وتكريمها كضيف شرف حيث ترى البحرين في منتدى سانت بطرسبورغ منصة عالمية فاعلة لعرض المبادرات الاقتصادية الطموحة وتوسيع آفاق التعاون بين المستثمرين ورجال الأعمال من مختلف أرجاء العالم، وذلك لأن الاستثمار لا يتوقف عند توفير رأس المال فقط بل يتعدى ذلك إلى الأفكار المبدعة والتخطيط والتعاون الدولي لضمان نجاح هذه المشروعات واستدامتها مع تبني سياسات اقتصادية مدروسة مثلما جاء في كلمة سمو الشيخ ناصر بن حمد «نستهدف تطوير القطاعات الاقتصادية المختلفة بما في ذلك القطاعات التي تعتمد على الابتكار التكنولوجي وزيادة الاستثمار بما يحقق الهدف المطلوب لتحسين الأوضاع التنموية وجعل الاقتصاد في خدمة الإنسان في البحرين».
وبالإضافة إلى الورقة البحرينية البارزة، فإن هذا المنتدى الدولي أوضح بما لا يدع مجالا للشك أن روسيا الاتحادية تحقق النجاح تلو النجاح وانها تسير على خط التنمية، على الرغم من خوضها حربا شرسة ضد أعدائها في حلف شمال الأطلسي، وعلى الرغم من آلاف العقوبات التي فرضت عليها خلال السنوات الثلاث الماضية. كما يشكل هذا المنتدى أحد أهم المؤشرات على أن روسيا الاتحادية لم تتأثر كثيرا بكل تلك الترسانة الضخمة من العقوبات ولا على أمنها ووحدتها الجغرافية والسياسية. وقد تضمن خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بهذه المناسبة أرقاما ومعلومات دالة وقيمة حول صمود الاقتصاد الروسي وتطوره رغم الضغوطات غير المسبوقة والمحاولات الهادفة إلى خنق الاقتصاد الروسي وهذا الصمود عزز من ثقة العالم في الاقتصاد الروسي والتقنية الروسية.
إن هذا المنتدى كان فرصة لروسيا لتوضيح مواقف الرئاسة الروسية من القضايا الدولية الكبرى، ومواقف روسيا إزاء الحرب بين إسرائيل وإيران وغير ذلك من القضايا الحساسة التي بينت حقيقة المواقف الروسية حولها بعيدا عن التشويه الذي مارسه الإعلام الغربي والدعاية الغربية ولا يزال يمارسه بشكل لا يتوقف.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك