العدد : ١٧٢٦٠ - الأربعاء ٢٥ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٦٠ - الأربعاء ٢٥ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

منظومــة قـيـاس الأداء للتنويع الاقتصادي في دول الخليج

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٢٥ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

تعدُّ‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬كمصدر‭ ‬رئيسي‭ ‬للدخل،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬فرض‭ ‬عليها‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬والتوجه‭ ‬نحو‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وزيادة‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتصنيع‭ ‬والاقتصاد‭ ‬المعرفي‭ ‬كأهداف‭ ‬استراتيجية‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستدامة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والازدهار‭ ‬المجتمعي‭ ‬والمنعة‭ ‬الأمنية‭. ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬بتفاوت‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تعد‭ ‬منظومة‭ ‬قياس‭ ‬الأداء‭ ‬أداة‭ ‬حيوية‭ ‬لتقييم‭ ‬مدى‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬وتأثيره‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬والأمني‭.‬

منظومة‭ ‬قياس‭ ‬الأداء‭ ‬ليست‭ ‬أرقام‭ ‬منفصلة‭ ‬وانما‭ ‬هي‭ ‬مؤشرات‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬علاقات‭ ‬مترابطة‭ ‬بين‭ ‬عمليات‭ ‬وأفعال‭ ‬وأنشطة‭ ‬وسياسات‭ ‬ورؤى‭ ‬تحكم‭ ‬عملية‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتوزيع‭ ‬وتتفاعل‭ ‬معها‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وتعبر‭ ‬عن‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمجتمع‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬أهمية‭ ‬تصميم‭ ‬منظومة‭ ‬قياس‭ ‬الأداء‭ ‬ومؤشراتها‭ ‬بحيث‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬مستويات‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬والنتائج‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬النهائي‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وفي‭ ‬الفكر‭ ‬الناظم‭ ‬لها‭.‬

من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬يتطلب‭ ‬تصميم‭ ‬منظومة‭ ‬قياس‭ ‬الأداء‭ ‬استخدام‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬جوانب‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وعن‭ ‬العوامل‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬نجاحه‭ ‬ومدى‭ ‬استفادة‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬نتائجه،‭ ‬ويمكن‭ ‬تصنيف‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬في‭ ‬ترتيب‭ ‬هرمي‭ ‬يشمل‭:‬

1-‭ ‬المؤشرات‭ ‬الرئيسية‭: ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬النتائج‭ ‬النهائية‭ ‬للتنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬مثل‭ ‬مؤشر‭ ‬جيني،‭ ‬ونسبة‭ ‬إسهام‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬ومعدل‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ومستوى‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل،‭ ‬ومستويات‭ ‬الأجور‭ ‬ومدى‭ ‬تقليص‭ ‬الطبقات‭ ‬المتدنية‭ ‬والمحدودة‭ ‬الدخل،‭ ‬وتقليل‭ ‬معدلات‭ ‬الفقر‭ ‬بأنواعه‭.‬

2-‭ ‬المؤشرات‭ ‬الفرعية‭: ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬المدخلات‭ ‬والعمليات‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬التنويع‭ ‬وتحرك‭ ‬الإنتاج‭ ‬مثل‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية،‭ ‬وعدد‭ ‬المشاريع‭ ‬الصناعية‭ ‬الجديدة،‭ ‬ومستوى‭ ‬الابتكار‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬ومدى‭ ‬الانفتاح‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬تحقق‭ ‬ليدعم‭ ‬نشر‭ ‬القدرات‭ ‬الابتكارية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

المؤشرات‭ ‬الداعمة‭: ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الرؤى‭ ‬والسياسات‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تحفز‭ ‬التنويع‭ ‬مثل‭ ‬السياسات‭ ‬الضريبية،‭ ‬والتشريعات‭ ‬الداعمة‭ ‬للاستثمار،‭ ‬وبرامج‭ ‬التدريب‭ ‬والتأهيل،‭ ‬وقوانين‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ودور‭ ‬غرف‭ ‬التجارة‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬المناقشة‭ ‬والحوار‭ ‬الداعم‭ ‬للتنويع‭.‬

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬ومن‭ ‬منطلق‭ ‬بناء‭ ‬القدرات‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والمعرفية،‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يركز‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬قطاع‭ ‬التصنيع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشجيع‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬الصناعات‭ ‬التحويلية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬وبدائل‭ ‬الواردات‭ ‬مستفيدين‭ ‬من‭ ‬الإمكانات‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬والعمق‭ ‬العربي‭ ‬والآسيوي‭. ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬التنويع‭ ‬مؤثرا‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬لتقليل‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة‭ ‬وتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يعزز‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستدامة‭ ‬المالية‭ ‬ومعالجة‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحسين‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بناء‭ ‬القدرات‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والبحثية‭ ‬يدعم‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭ ‬وسلامتها‭.‬

من‭ ‬ضمن‭ ‬الإجراءات‭ ‬والمشاريع‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬تبنيها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬نذكر‭:‬

1-‭  ‬تكثيف‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬حوافز‭ ‬مالية‭ ‬وضريبية‭ ‬للمستثمرين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات‭.‬

2-‭  ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬ورفع‭ ‬قدرتها‭ ‬الاستيعابية‭ ‬لتوفير‭ ‬البيئة‭ ‬المناسبة‭ ‬لنمو‭ ‬الصناعات‭ ‬التحويلية‭ ‬والمعرفية‭ ‬والتكنولوجية‭.‬

3-‭  ‬تتمتع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬بكفاءات‭ ‬بشرية‭ ‬وقوى‭ ‬عاملة‭ ‬محلية‭ ‬عالية‭ ‬المستوى‭ ‬قد‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬لتزويدها‭ ‬بالمهارات‭ ‬اللازمة‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬والصناعات‭ ‬الجديدة،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬حقب‭ ‬سابقة‭.‬

4-‭  ‬ترشيد‭ ‬التشريعات‭ ‬وتبسيط‭ ‬الإجراءات‭ ‬البيروقراطية‭ ‬لتشجيع‭ ‬الاستثمار،‭ ‬يدخل‭ ‬ضمن‭ ‬ذلك‭ ‬إعادة‭ ‬هندسة‭ ‬العمليات‭ ‬واعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬التنموية‭ ‬والاستثمارية‭ ‬لإزالة‭ ‬أي‭ ‬معوقات‭ ‬محتملة‭.‬

5-‭  ‬استخدام‭ ‬منهجية‭ ‬شاملة‭ ‬لقياس‭ ‬الأداء‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬قياس‭ ‬النتائج‭ ‬والمخرجات‭ ‬وجودة‭ ‬العمليات‭ ‬والمدخلات‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تأثير‭ ‬السياسات‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬توزيع‭ ‬الثروة‭ ‬الناتجة،‭ ‬كذلك‭ ‬استخدام‭ ‬البيانات‭ ‬الضخمة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لتحليل‭ ‬المؤشرات‭ ‬وتقديم‭ ‬تقارير‭ ‬دقيقة‭ ‬وشاملة‭.‬

النجاح‭ ‬في‭ ‬التنويع‭ ‬يواجه‭ ‬تحديات‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬أولا‭: ‬التحديات‭ ‬المالية،‭ ‬قد‭ ‬تتطلب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬كبيرة،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يشكل‭ ‬عبئًا‭ ‬على‭ ‬الميزانيات‭ ‬الحكومية‭ ‬والشركات‭ ‬الخاصة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تقلبات‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭. ‬

ثانيا‭: ‬تحديات‭ ‬ثقافية‭ ‬واجتماعية‭ ‬تتعلق‭ ‬بإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬وتقبل‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الصناعات‭. ‬بعض‭ ‬مواطني‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لم‭ ‬يعتادوا‭ ‬العمل‭ ‬المهني‭ ‬في‭ ‬الصناعة‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحتاج‭ ‬الحكومات‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬جهد‭ ‬توعوي‭ ‬لجعل‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬مقبولا‭ ‬مجتمعيا‭. ‬ومع‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬سوف‭ ‬تتمكن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬غير‭ ‬الماهرة‭ ‬وتخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬وتقليل‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تمثلها‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬المتزايدة‭.‬

ثالثا‭: ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تعمد‭ ‬الحكومات‭ ‬إلى‭ ‬إجراءات‭ ‬بيروقراطية‭ ‬معقدة‭ ‬قد‭ ‬تعيق‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشاريع‭ ‬الجديدة‭. ‬لذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬التنويع‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬التشريعات‭ ‬وتبسيط‭ ‬الإجراءات،‭ ‬قد‭ ‬يتطلب‭ ‬ذلك‭ ‬وقتًا‭ ‬وجهدًا‭ ‬كبيرين‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭. ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬مقاومة‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬الرسمية‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬التغيرات،‭ ‬لذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬برامج‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬التغيير‮»‬،‭ ‬تأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬المصالح‭ ‬والمخاوف‭ ‬لمختلف‭ ‬مستويات‭ ‬المسؤولين‭ ‬والموظفين‭ ‬والعمالة‭ ‬اليدوية‭.‬

رابعا‭: ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬تتعلق‭ ‬بتطوير‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والبيئة‭ ‬المؤسسية‭ ‬والقاعدة‭ ‬الفكرية‭ ‬لدعم‭ ‬الابتكار،‭ ‬سوف‭ ‬تتطلب‭ ‬استثمارات‭ ‬كبيرة‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬نجاح‭ ‬التنويع‭. ‬

خامسا‭: ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬بعض‭ ‬المشاريع‭ ‬الصناعية‭ ‬تحديات‭ ‬بيئية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتلوث‭ ‬واستهلاك‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭. ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاستدامة‭ ‬البيئية‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬تحديًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬وضع‭ ‬تصور‭ ‬خليجي‭ ‬موحد‭ ‬وخصوصا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتلوث‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‭. ‬

سادسا‭: ‬إن‭ ‬السياسات‭ ‬الداعمة‭ ‬للتنويع‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬مقاومة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستفيدة‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬القائم،‭ ‬مثل‭ ‬قطاع‭ ‬العقار‭ ‬والقطاع‭ ‬المالي،‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬بذل‭ ‬جهود‭ ‬تفاوضية‭ ‬لضمان‭ ‬تعاون‭ ‬هذه‭ ‬الجهات،‭ ‬واعتماد‭ ‬التدرج‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬المصالح‭ ‬القائمة‭. ‬

لقد‭ ‬نجحت‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مستوى‭ ‬من‭ ‬التنويع‭ ‬مثل‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية‭ ‬والبحرين،‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬مثل‭ ‬السياحة‭ ‬والطيران‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والعقارات‭. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬النجاحات‭ ‬تتطلب‭ ‬تعزيزا‭ ‬وتوجها‭ ‬نحو‭ ‬التصنيع‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬لحماية‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬التغول‭ ‬والعبث‭ ‬الأجنبي‭. ‬بناء‭ ‬القدرات‭ ‬الصناعية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬المعرفة‭ ‬محليا‭ ‬هو‭ ‬الضمان‭ ‬لدولنا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقلال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والقدرات‭ ‬الأمنية‭.‬

من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬الحكومات‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬قياس‭ ‬تأثير‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وعلى‭ ‬بناء‭ ‬القدرات‭ ‬اللازمة،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬ذلك‭ ‬مدى‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬التحديات‭ ‬وتأثيرها‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬التنويع‭. ‬لقياس‭ ‬ذلك‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬مثل‭ ‬الاستبانات،‭ ‬والمقابلات،‭ ‬وتحليل‭ ‬البيانات‭ ‬الاقتصادية‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬تقييم‭ ‬مستوى‭ ‬الرضا‭ ‬الوظيفي،‭ ‬وتحليل‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة،‭ ‬ودراسة‭ ‬تأثير‭ ‬التنويع‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬وجودة‭ ‬الحياة‭ ‬وتقليص‭ ‬نسبة‭ ‬الفئات‭ ‬الفقيرة‭ ‬وذات‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭.‬

في‭ ‬الختام،‭ ‬يعد‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬هدفًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستدامة‭ ‬المالية‭ ‬والاستقلال‭ ‬الاقتصادي‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطبيق‭ ‬منظومة‭ ‬قياس‭ ‬أداء‭ ‬فعالة،‭ ‬يمكن‭ ‬تقييم‭ ‬تأثير‭ ‬التنويع‭ ‬في‭ ‬التصنيع‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬والازدهار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتقدم‭ ‬المجتمعي‭.‬

drmekuwaiti@gmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا