أول طفلة بحرينية وخليجية وعربية تترأس البرلمان العربي للطفل وتحصل على الدبلوم المهني لمهارات العمل البرلماني بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.. نالت جائزة حمدان بين راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز.. صاحبة أفضل بحث علمي للأفكار القابلة للتطبيق بمسابقة مركز الموهوبين بالمملكة.. مثلت وطنها بالرياض من بين أفضل 16 فريقا حول العالم.. أول يتيمة تمثل أيتام البحرين أمام جلالة الملك المعظم في مهرجان «البحرين أولا».. رتاج إبراهيم العباسي لــ«أخبار الخليج»:
قال عتبة بن أبي سفيان رضي الله عنه: «ليكن أول إصلاحك لولدك إصلاحك لنفسك.. فإن عيونهم معقودة بك.. فالحسن عندهم ما صنعت.. والقبيح ما تركت!!
نعم، القدوة تعتبر أساسا مهما في حياتنا، خاصة اذا كان الشخص في أول عمره ولم يخض بعد كثيرا من التجارب أو يعارك الحياة بصعوباتها، وانطلاقا من ذلك يبدأ أي طفل بالبحث عن قدوة يتخذها مثلا له تساعده على اتباع الطريق القويم، وتمده بالخبرات التي تصقل شخصيته وتساعد في تكوينها ، وليس هناك أجمل من ان تكون تلك الأسوة هي الأم، وهذا بالفعل ما حدث مع هذه الفتاة التي ولدت يتيمة الأب فكانت والدتها بالنسبة لها الاب والام والأخت والصديقة والمصدر الذي استمدت منه القوة والتحدي والعزم على المواصلة مهما واجهت من صعوبات أو عثرات.
رتاج إبراهيم العباسي، أول طفلة بحرينية وخليجية وعربية تترأس البرلمان العربي للطفل وتحصل على الدبلوم المهني لمهارات العمل البرلماني بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة الشارقة، نالت جائزة حمدان بن راشد المكتوم للأداء التعليمي المتميز، كما كانت صاحبة أفضل بحث للأفكار المتميزة في مجال البحث العلمي في مسابقة مركز الموهوبين على مستوي المملكة.
صحيح أن التجربة صغيرة العمر لكنها غاية في الثراء، لذلك استحقت وعن جدارة التوقف عند أهم محطاتها.
حول هذه التجربة النموذجية الملهمة كان الحوار التالي:
كيف أثرت نشأتك على مسيرتك؟
كان لنشأتي وسط عائلة تسعى دوما لتوفير بيئة سليمة وصحية لأبنائها أبلغ الأثر على مسيرتي، بل يمكن القول بأنها كانت وراء كل ما حققته اليوم، وأخص بالذكر هنا والدتي التي اعتبرها قدوتي في الحياة وسندي الكبير على مر مشواري، فقد ولدت يتيمة الأب وأصبحت بالنسبة لي الأم والأب والاخت والصديق، وتعلمت منها الكثير من القيم والمبادئ الجميلة أهمها الصبر والتحدي والإصرار على مواصلة المسيرة مهما واجهت من عثرات أو تعرضت لخسائر، حتي أوصلتني لأن أكون أول يتيمة تمثل أيتام البحرين أمام جلالة الملك المعظم في مهرجان البحرين أولا وهو شرف أفخر به كثيرا، وهناك مقولة لها أتذكرها دوما كانت ولا تزال ترددها لأبنائها الأربعة.
وما هي تلك المقولة؟
مقولة والدتي التي ترددها لنا دوما هي: «أنا مثل القاعدة وأنتم الأعمدة الأربعة»، وهي جملة طبعت في ذهني منذ نعومة أظافري، والمعروف أن الطفل في مرحلة مبكرة يبدأ مرحلة البحث والاستكشاف، وتحفر بداخله الكثير من الذكريات والمواقف وحتى المقولات التي قد تترك في نفسه علامات وتحفزه على النجاح، وكم أنا سعيدة بأن قصة نجاحي بدأت من الصفر.
متى بدأ اهتمامك بالقانون؟
في بداية حياتي شعرت برغبة شديدة في دراسة المجال الإعلامي، وترجمت ذلك عمليا عبر المشاركة بكثافة في الكثير من البرامج والأنشطة محليا وخارجيا، وحين التحقت بالبرلمان العربي للطفل عند عمر 16 عاما وهنا تبدلت رغباتي وقررت دراسة القانون بالجامعة الملكية للبنات، وخاصة أن اخواتي درسن القانون وكان هدفي من وراء ذلك الدفاع عن حقوق المرأة والطفل وتمثيل وطني بصورة مشرفة في الداخل والخارج، وكان لتميزي بفصاحة اللسان وإدارة الحوارات تأثير في نجاحي بهذا المجال.
مفارقة تعتزين بها؟
من المفارقات العجيبة التي حدثت معي عبر مشواري أنني كنت أصغر الأعضاء بالبرلمان من بين خمسين عضوا من العالم العربي، ثم أصبحت ثاني أكبر الأعضاء في البرلمان بدورته الجديدة، وكم كنت فخورة حين تم تعييني النائب الأول لرئيس البرلمان ثم انتخابي لرئاسة البرلمان عند عمر 17 عاما كأول فتاة بحرينية تحقق هذا الإنجاز.
أهم النجاحات؟
من أهم الإنجازات التي أفخر وأعتز بها أنني كنت أول بحرينية وخليجية وعربية تحصل على رئاسة البرلمان العربي للطفل وعلى الدبلوم المهني لمهارات العمل البرلماني بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة الشارقة بالتعاون مع البرلمان العربي للطفل، كما نلت جائزة حمدان بن راشد المكتوم للأداء التعليمي المتميز، إضافة إلى ابتكار أفضل بحث للأفكار المتميزة والقابلة للتطبيق في مجال البحث العلمي ضمن مسابقة بتنظيم من مركز الموهوبين بالمملكة.
إنجازات لصالح الجيل الجديد؟
هناك موضوعات مهمة تمت مناقشتها داخل البرلمان الموضوع تختص بالطفل من أهمها ما يتعلق بتعليمه في ظل الثقافات المتنوعة الدخيلة عليه اليوم، والعمل على فتح آفاق جديدة امام الطفل، وتوسيع دائرة معارفه، إضافة إلى تعامله مع السوشيال ميديا بالشكل الصحيح ومواكبة العصر ومتطلباته في المجال التكنولوجي، ودور الاسرة تجاه ذلك مع توفير الرقابة اللازمة عن بعد، وهذا ما فعلته والدتي معي على ارض الواقع، وقد كان لي شرف تمثيل مملكة البحرين في المحافل الدولية وعلى سبيل المثال مشاركتي في ملتقى الشارقة للأطفال العرب الذي حصلت خلاله على ميداليتين للتميز، كما مثلت مملكة البحرين بالرياض من بين أفضل 16 فريقا حول العالم، ومن أهم مشاركاتي كطالبة قانونية كان ذلك في منافسة التحكيم التجاري الدولية بالرياض من بين 134 جامعة دولية و921 طالبا ومشرف، وقد تأهلت للمراحل المتقدمة.
ماذا مثل لك لقاء جلالة الملك؟
من أهم المحطات في مشواري كان استقبال جلالة الملك المعظم لي وكان ذلك على إثر حصولي على رئاسة البرلمان العربي للطفل، وقد كان لقاء عفويا واستثنائيا وفارقا ولن انسى كلماته الأبوية لي المحفزة لي على النجاح والمواصلة، ولا يفوتني هنا أن أثني على تشجيع ودعم كل من صاحب السمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة وسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة.
ما ترتيب الأولويات في حياتك؟
التحلي بفن إدارة الوقت يلعب دورا أساسيا في حياة أي انسان من حيث تحديد الأولويات ومن ثم إحداث التوازن بين مسؤولياته المتشعبة، وقد تدربت على ذلك وأتقنته كثيرا، وساعدتني بشدة في هذا الأمر والدتي، ولا شك أن الاولوية كانت للدراسة في معظم الأحيان.
كيف تتعاملين مع الفشل؟
أتعامل مع الفشل بكل قوة وإصرار وهذا ما حدث معي بالفعل حين شاركت في جائزة حمدان بن راشد المكتوم للأداء التعليمي المتميز على مستوى دول مجلس التعاون لثلاث سنوات، حيث لم يحالفني الحظ بالفوز ولكني صممت على تكرار المحاولة إلى أن فزت في المرة الرابعة وعن جدارة، ومع كل مرة فشلت فيها لم أشعر قط باليأس بل كنت أقول لنفسي يكفيني شرف المشاركة، وكانت والدتي تحفزني على المواصلة وتقول لي بأنه ليس هناك شيء اسمه مستحيل.
أسعد اللحظات؟
كان فوزي بجائزة حمدان بين راشد المكتوم قد تزامن مع حصولي على منصب رئاسة البرلمان العربي للطفل، ولا شك ان تحقيق هذين الانجازين في نفس الوقت مثل لي أسعد اللحظات في حياتي، ولذلك اصبح لدي قناعة تؤكد أن أي فشل ما هو إلا بداية للنجاح بل والتميز وعلى أن الله سبحانه وتعالى سيحقق أي طموح أسعي إليه في الوقت المناسب، فقط يتطلب الأمر السعي الجاد والدؤوب والصبر.
حلمك القادم؟
أتمنى ان أصبح مستقبلا امرأة قانونية بحرينية متميزة ترفع راية مملكة البحرين عاليا، وتعكس صورة مشرفة لوطنها ليس فقط محليا بل ودوليا، وان اواصل مسيرتي بكل قوة واصرار ونجاح كما نصحني جلالة الملك المعظم، كما أطمح الى وجود برلمان شبابي للأطفال دائم في وطني على غرار بعض الدول العربية.
كلمة أخيرة؟
أتوجه بالشكر والامتنان إلى كل أفراد عائلتي على دعمهم وتشجيعهم لي فقد كان كل منهم منارة استمد منها النور الذي يضيء لي الطريق عبر مشواري، فلولاهم ما حققت ما وصلت اليه اليوم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك