وقت مستقطع

علي ميرزا
الأوراق المخفية
مع انطلاق منافسات بطولة كأس الأمم الآسيوية للكرة الطائرة المقامة في المملكة، بدأت ملامح المنافسة تتضح نسبيا، إلا أن المتابع المحنك يدرك جيدا أن ما يقدّم في دور المجموعات لا يعكس الصورة الكاملة لقدرات المنتخبات المشاركة، فحتى الآن، من أصل 11 منتخبا مشاركا، هناك من سجل ظهوره الأول وحقق الفوز، وهناك من خسر اللقاء الافتتاحي، بينما لم يدخل البعض أجواء المنافسة بعد نتيجة الجدولة الفنية المعتمدة.
ورغم تباين هذه الانطلاقات، إلا أن القاسم المشترك بين الجميع هو أن الصورة الحقيقية لهذه المنتخبات لا تزال غير مكتملة.
وتاريخ البطولات الإقليمية والقارية يؤكد أن الانطلاقة القوية لا تعني بالضرورة الوصول إلى منصة التتويج، كما أن العثرة الأولى لا تعني الخروج المبكر. كثير من المنتخبات تستخدم مباريات الدور الأول لإعادة ترتيب الصفوف، وتجربة الخطط، وتقييم مستويات اللاعبين، خصوصا في البطولات التي تعتمد نظام المجموعات ثم الإقصاء المباشر.
بعض المنتخبات الكبيرة قد تبدو «باهتة» في البدايات، لكنها تدريجيا تصعد نسق الأداء، وتكشف تدريجيا عن أوراقها الرابحة في الأدوار المتقدمة، فالأمر لا يتعلق بالتقليل من شأن دور المجموعات، بل هو حساب استراتيجي للجهد والتكتيك، وخاصة عندما يكون التأهل شبه مضمون نظريا أمام منتخبات أقل تصنيفًا أو خبرة.
المنتخبات التي خاضت مباراتها الأولى، سواء انتصرت أو خسرت، قدمت مؤشرات مبدئية حول جاهزيتها البدنية والفنية، لكن لا تزال اللمسة التكتيكية الكاملة غائبة، وهذا أمر متوقع، المدربون لهم حساباتهم الخاصة، ويدركون أن كل لقاء في هذه المرحلة هو فرصة لاختبار عناصر جديدة، أو إعطاء دقائق لعب للاعبين بدلاء، بهدف إعدادهم الذهني والبدني لما هو قادم، هناك شيء من المناورات إن صحت التسمية.
بالمقابل، المنتخبات التي لم تدخل بعد غمار المنافسة، تجد نفسها أمام تحدّ مضاعف، إذ عليها أن تظهر بأداء قوي في أول ظهور، لكنها في الوقت ذاته لا ترغب بكشف كل أوراقها من الوهلة الأولى.
ما بين مدرب يدير الدقائق، وآخر يدور التشكيلة، وثالث يقرأ الخصوم القادمين، تبدو الصورة الحالية غير مكتملة، الجميع يخطط لما بعد دور المجموعات، لأن حسابات التأهل تبقى مفتوحة على احتمالات متعددة، والتألق في هذه المرحلة ليس الهدف النهائي، بل وسيلة لعبور أكثر أمانا نحو ربع النهائي ثم المربع الذهبي.
ومع دخول البطولة مراحلها الحاسمة، سنرى حينها النسخ الحقيقية للمنتخبات، وسنكتشف من أجاد التحضير، ومن كان يخفي قوته الحقيقية خلف ستار الدور الأول. بل إن بعض المنتخبات قد تفاجئ المتابعين، لأنها تحفظ أداءها العالي للمواجهات الكبرى، إذ النتيجة لا تحتمل أنصاف الحلول.
بطولات الكرة الطائرة، شأنها شأن الرياضات الجماعية الكبرى، تلعب على مراحل نفسية وفنية، ومن المبكر جدا الحكم على مستويات المنتخبات الآسيوية من أولى مباريات البطولة، فما نشاهده الآن هو النسخة التجريبية من كل فريق، أما النسخة المثالية، فسنراها عندما تدق ساعة الحسم، وتبدأ الفرق القوية بالكشف عن أنيابها، والطموحات ترتفع فوق حدود المجموعات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك