العدد : ١٧٢٥٥ - الجمعة ٢٠ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٥٥ - الجمعة ٢٠ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

العدو الخفي

في‭ ‬عالم‭ ‬الرياضة،‭ ‬لا‭ ‬يتساوى‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬درجة‭ ‬الموهبة،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يولد‭ ‬بقدرات‭ ‬فنية‭ ‬ومهارات‭ ‬طبيعية‭ ‬لافتة،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬لكنه‭ ‬يملك‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أكثر،‭ ‬ويتمثل‭ ‬في‭ ‬الإرادة‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التعويض‭ ‬بالاجتهاد،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬الأسف‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬اللاعبين‭ ‬غير‭ ‬المصنفين‭ ‬ضمن‭ ‬فئة‭ ‬‮«‬المتميزين‮»‬‭ ‬يضيعون‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬فرصا‭ ‬ذهبية‭ ‬لإثبات‭ ‬الذات،‭ ‬لا‭ ‬بسبب‭ ‬عجزهم،‭ ‬وإنما‭ ‬لكسلهم‭ ‬وتبرير‭ ‬تقاعسهم‭.‬

ومتى‭ ‬عرفنا‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬الرياضي‭ ‬ليس‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬الموهوبين‭ ‬وحدهم،‭ ‬إذ‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬التي‭ ‬سطعت‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬الرياضة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الأبرز‭ ‬مهاريا‭ ‬في‭ ‬بداياتها،‭ ‬لكنها‭ ‬امتلكت‭ ‬الأهم‭: ‬الانضباط،‭ ‬والالتزام،‭ ‬والشغف،‭ ‬فالفرق‭ ‬بين‭ ‬الموهبة‭ ‬والاجتهاد‭ ‬المستمر‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الأولى‭ ‬قد‭ ‬تتراجع‭ ‬متى‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬بينما‭ ‬الثانية‭ ‬تصعد‭ ‬وتنمو‭ ‬بثبات‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬بطيء‭.‬

اللاعب‭ ‬العادي‭ ‬‮«‬غير‭ ‬الموهوب‭ ‬بالفطرة‮»‬‭ ‬أمامه‭ ‬خياران‭ ‬لا‭ ‬ثالث‭ ‬لهما،‭ ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬يستثمر‭ ‬محدودية‭ ‬موهبته‭ ‬ويحولها‭ ‬إلى‭ ‬دافع‭ ‬للعمل‭ ‬الشاق‭ ‬وإثبات‭ ‬النفس،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يتخذ‭ ‬منها‭ ‬عذرا‭ ‬للكسل‭ ‬والتراجع‭.‬

وقد‭ ‬لقينا‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الكرة‭ ‬الطائرة‭ ‬عددا‭ ‬يزيد‭ ‬أو‭ ‬ينقص‭ ‬من‭ ‬اللاعبين‭ ‬تأتيهم‭ ‬الفرص‭ ‬من‭ ‬أوسع‭ ‬الأبواب،‭ ‬ولكنهم‭ ‬يختارون‭ ‬الطريق‭ ‬الثاني،‭ ‬فيلجأون‭ ‬إلى‭ ‬مبررات‭ ‬من‭ ‬شاكلة‭ ‬‮«‬المدرب‭ ‬أو‭ ‬الفرص‭ ‬مقتصرة‭ ‬على‭ ‬النجوم‭ ‬أو‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬مستواي‭ ‬مهما‭ ‬فعلت‮»‬،‭ ‬وكلها‭ ‬أعذار‭ ‬واهية‭ ‬يعلق‭ ‬عليها‭ ‬تقصيرا‭ ‬داخليا‭ ‬لا‭ ‬أكثر‭.‬

فالموهبة‭ ‬ليست‭ ‬المقياس‭ ‬الوحيد‭ ‬بين‭ ‬لاعب‭ ‬وآخر،‭ ‬بل‭ ‬بدرجة‭ ‬استعداده‭ ‬لبذل‭ ‬الجهد،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬فريق،‭ ‬هناك‭ ‬لحظات‭ ‬يغيب‭ ‬فيها‭ ‬النجوم‭ ‬لأسباب‭ ‬مختلفة،‭ ‬وهنا‭ ‬تمنح‭ ‬الفرصة‭ ‬لغيرهم،‭ ‬ولكن‭ ‬وللأسف،‭ ‬يفاجأ‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المدربين‭ ‬بأن‭ ‬بعض‭ ‬اللاعبين‭ ‬لم‭ ‬يستثمروا‭ ‬فترات‭ ‬الغياب‭ ‬تلك‭ ‬لرفع‭ ‬مستواهم،‭ ‬فالنجومية‭ ‬لا‭ ‬تفرض‭ ‬وإنما‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يسعى‭ ‬إليها‭.‬

وخاتمة‭ ‬الكلام،‭ ‬فالموهبة‭ ‬نعمة،‭ ‬لكنها‭ ‬وحدها‭ ‬لا‭ ‬تصنع‭ ‬نجما،‭ ‬والكسل‭ ‬عدو‭ ‬خفي‭ ‬يسلب‭ ‬الإنسان‭ ‬كل‭ ‬إمكاناته‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشعر،‭ ‬وأمام‭ ‬اللاعب‭ ‬العادي‭ ‬فرصة‭ ‬ليصنع‭ ‬لنفسه‭ ‬مكانة،‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يؤمن‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬قرار‭ ‬لا‭ ‬قدر،‭ ‬فمن‭ ‬يعمل‭ ‬يصل،‭ ‬ومن‭ ‬يتقاعس‭ ‬يظل‭ ‬عاديا‭... ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.. ‬فالخيار‭ ‬لك‭.‬

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا