كمن يحلّق، صعودا، نحو جمال وسحر متجدد، هكذا اختلجت أحاسيس من حضرّ مهرجان الريف المسرحي العاشر الكوميدي؛ فالضحكات ارتدت حلّة شعورية ترادف الحب، الوجع، والأمل، في طقوس تجسيدية فريدة، شعّت بقناديل ريفيّة بث فيها ضوء المسرح قبل عشرين عاماً، فأثمرت حتى اليوم إنجازات فنية خلاقة.
المهرجان المُقام في الصالة الثقافية في الفترة ما بين (9 -13 مايو 2025)، حمل اسم المؤلف والمسرحي الراحل حمزة محمد، في تكريم لقامة مسرحية لا يسع السطور حمل مآثرها الإنسانية والثقافية بأجمعها على سياق الوصف؛ فإن أدركت بالذكر ستظل تتسع بلا انتهاء في فضاءات المعنى.
وشهد المهرجان المتزامن مع الذكرى العشرين لتأسيس مسرح الريف، ومئوية المسرح البحريني، حفلاً افتتاحياً مميزاً شهد وقوفا دقيقة حداد على روح الراحل حمزة محمد.
تضمن الحفل برنامجاً ثريا بالفقرات أهمها عرض أرشيفي لمقتطفات من أبرز المسرحيات التي احتضنها مسرح الريف، فيديو وثائقي عن الفنان الراحل حمزة محمد، وكلمة لكل من نائب رئيس مجلس إدارة مسرح الريف أحمد عيسى، ومدير المهرجان جاسم العالي، ألقي الضوء فيها على مسيرة الريف المسرحية الممتدة عقدين من الزمن، كما كرّمت نخبة من رموز الفن الكوميدي البحريني وهم: «أحمد عيسى، حسن محمد، سامي رشدان، حسين شمعول، عبد الحسين مرهون، وسعيد محمد».
العروض
وقدمت ثلاثة عروض كوميدية وهي «توم سوير»، للمخرج صادق عبد الرضا، «ملجة طلاق» للمخرج عقيل الماجد، و«القمقم» للمخرج سلام السنان.
وفي مسرحية «توم سوير» رؤية إخراجية معاصرة تجيب بالطرح الرمزي الاجتماعي على سؤال افتراضي: (ماذا لو عاش توم سوير في البحرين؟). العمل المستلهم من رواية «مغامرات سوير» للكاتب الأمريكي مارك توين، من إعداد وإخراج صادق عبدالرضا، وحصد فيه الفنان أحمد بن علي جائزة أفضل عنصر بتصويت الجمهور.
أما مسرحية «ملجة طلاق» فركزت في طرحها على الجانب الاجتماعي المظلم الذي تروح ضحيته المرأة جراء قيود الطلاق واستغلال الدين في تكبيل حريتها، دون أن تغفل عن تناول القضايا الأسرية الأخرى كمصاعب تربية الأبناء، والتعامل مع الجيل الحالي. والعمل من تأليف عدنان بالعيس وإخراج عقيل الماجد الذي حاز جائزة أفضل عنصر في العمل.
وتنقل مسرحية «القمقم» حكاية السجين وائل الذي يُسجن ظلماً دافعاً ثمن جريمة لم يرتكبها؛ مما يقلب حياته رأساً على عقب ليكابد معاناة نفسية كبيرة. والعمل قدمته فرقة (كوميديا كافيه) من المملكة العربية السعودية، من تأليف عبدالعزيز اليوسف وإخراج سلام السنان. وحصد فيه الفنان حسين يوسف جائزة أفضل عنصر بتصويت الجمهور.
الفعاليات
وعلى هامش المهرجان قدّمت فعاليات نوعيّة، كندوة نظمت بالتعاون مع اتحاد جمعيات المسرحيين البحرينيين، بعنوان «الكوميديا بين السخرية وفن الإضحاك» من تقديم الفنان أحمد جاسم والدكتورة زهراء المنصور، بإدارة بدور الوردي.
كما قدمت ندوة مغلقة تشريحية للأعمال، بالشراكة مع اللجنة الدائمة للفرق الأهلية المسرحية لدول مجلس التعاون الخليجي، أدارها الفنان خالد الرويعي.
كتابان
ومواكبة لاحتفالية مئوية المسرح البحريني، ومرور عشرين عاما على تأسيس مسرح الريف، اختيرت ليلة افتتاح مهرجان الريف المسرحي العاشر؛ لتوقيع اتفاقيتين لطباعة كتابين عن المسرح (لم تحدد جهة طبع الكتاب بعد)؛ الأول تحت عنوان «مسرح الريف احتفالية مرور 20 عاما على تأسيس المسرح» وهو من تأليف الدكتور محمد حميد السلمان. أما الكتاب الثاني فهو بعنوان «حمزة محمد... الراحل الذي لم يرحل».
شركاء النجاح
يذكر أن مهرجان الريف المسرحي العاشر بحلتّه الكوميدية أقيم في ضوء الإيمان بالشراكة ما بين المجتمع والمؤسسات؛ حيث اشتركت العديد من الجهات في تنظيم وإقامة المهرجان وهي: هيئة الثقافة والآثار، وزارة الإعلام، مسرح أوال، نادي مدينة عيسى، اتحاد جمعيات المسرحيين البحرينيين، واللجنة الدائمة للفرق الأهلية المسرحية لدول مجلس التعاون الخليجي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك