العدد : ١٧٣٩٢ - الثلاثاء ٠٤ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٩٢ - الثلاثاء ٠٤ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

دمية «لابوبو».. في بيتنا..!!

رحم‭ ‬الله‭ ‬أياما‭ ‬كان‭ ‬أقصى‭ ‬الأمنيات‭ ‬فيها‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬لعبة‭ ‬تعمل‭ ‬بالبطارية‭ ‬لشخصية‭ ‬كارتونية‭.. ‬أو‭ ‬صورة‭ ‬لبطل‭ ‬كارتوني‭ ‬داخل‭ ‬كيس‭ ‬‮«‬المينو‮»‬‭.. ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فقد‭ ‬تعددت‭ ‬الأمنيات‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين‭ ‬وحتى‭ ‬الكبار‭.. ‬وتحولت‭ ‬إلى‭ ‬دمية‭ ‬اسمها‭ ‬‮«‬لابوبو‮»‬‭.. ‬التي‭ ‬غزت‭ ‬العالم‭ ‬ودخلت‭ ‬معظم‭ ‬البيوت‭.‬

بالأمس‭ ‬طلبت‭ ‬مني‭ ‬ابنتي‭ ‬الصغرى‭ ‬مبلغ‭ ‬20‭ ‬دينارا‭.. ‬لم‭ ‬أسألها‭ ‬ماذا‭ ‬ستشتري‭ ‬بها‭..‬؟‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ساعة‭ ‬كان‭ ‬عامل‭ ‬توصيل‭ ‬الطلبات‭ ‬يطرق‭ ‬الباب‭ ‬وبيده‭ ‬صندوق‭ ‬صغير‭.. ‬أخذته‭ ‬ابنتي‭ ‬وهي‭ ‬فرحة‭ ‬جدا‭.. ‬وعندما‭ ‬فتحت‭ ‬العلب‭ ‬وجدت‭ ‬دمية‭ ‬ذات‭ ‬لون‭ ‬أزرق‭ ‬وأبدت‭ ‬سعادتها،‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬الدمية‭ ‬التي‭ ‬تنتظر‭..!!‬

سألت‭ ‬ابنتي‭ ‬ما‭ ‬حكاية‭ ‬هذه‭ ‬الدمية؟‭ ‬فردت‭ ‬عليّ‭ ‬قائلة‭ ‬بكل‭ ‬استغراب‭ ‬وتعجب‭: ‬ألا‭ ‬تعرف‭ ‬هذه‭ ‬الدمية؟‭! ‬انها‭ ‬‮«‬لابوبو‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يتهافت‭ ‬عليها‭ ‬الجميع‭.. ‬وكل‭ ‬الصغار‭ ‬والشباب‭ ‬يقتنونها‭ ‬ويتسابقون‭ ‬لشرائها،‭ ‬بل‭ ‬يقومون‭ ‬ببيعها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بضعف‭ ‬السعر‭.. ‬فهناك‭ ‬إقبال‭ ‬شديد‭ ‬عليها‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭.. ‬أحسست‭ ‬لحظتها‭ ‬أنني‭ ‬خارج‭ ‬الزمن‭.. ‬وأن‭ ‬اهتمامات‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي‭ ‬تتسابق‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الهبة‮»‬‭ ‬أيًّا‭ ‬كان‭ ‬نوعها‭ ‬وتأثيرها‭.. ‬وحتى‭ ‬تفاهتها‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬تفكير‭ ‬أبناء‭ ‬جيلي‭ ‬‮«‬جيل‭ ‬الطيبين‮»‬‭.‬

هرعت‭ ‬مسرعا‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬الكترونية‭ ‬وإعلامية‭ ‬أتصفح‭ ‬وأقرأ‭ ‬المعلومات‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الدمية‭.. ‬ووجدت‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬منشور‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬عن‭ ‬الدمية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬حديث‭ ‬الناس‭ ‬والمراهقين‭.. ‬ليس‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والخليج‭ ‬العربي‭.. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭..!!‬

يقول‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭: ‬أبصرت‭ ‬دمية‭ ‬‮«‬لابوبو‮»‬‭ ‬النور‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الفنان‭ ‬كاسينغ‭ ‬لونغ،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬هونغ‭ ‬كونغ‭.. ‬تتميز‭ ‬الدمية‭ ‬بأذنيها‭ ‬الطويلتين‭ ‬الشبيهتَين‭ ‬بأذنَي‭ ‬الأرنب،‭ ‬وبعينَيها‭ ‬الواسعتَين‭.. ‬أما‭ ‬أغرب‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬ملامحها‭ ‬فهي‭ ‬تلك‭ ‬الابتسامة‭ ‬الكبيرة‭ ‬والماكرة،‭ ‬التي‭ ‬تتدلّى‭ ‬منها‭ ‬أسنان‭ ‬حادّة‭.‬

ولدى‭ ‬‮«‬لابوبو‮»‬‭ ‬رفاقٌ‭ ‬يتشاركون‭ ‬معها‭ ‬الملامح‭ ‬ذاتها،‭ ‬مع‭ ‬اختلافاتٍ‭ ‬طفيفة‭. ‬أما‭ ‬أسماؤهم‭ ‬فهي‭: ‬‮«‬زيمومو‮»‬،‭ ‬و‮«‬موكوكو‮»‬،‭ ‬و«تيكوكو‮»‬،‭ ‬و«سبوكي‮»‬،‭ ‬و«باتو‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬اللافت‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬وظيفة‭ ‬معيّنة‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬‮«‬لابوبو‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬انها‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للكلام‭ ‬أو‭ ‬الحركة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مجرّد‭ ‬دمية‭ ‬صامتة‭ ‬تُذهل‭ ‬المستهلكين‭ ‬رغم‭ ‬جمادها‭.‬

ما‭ ‬يضاعف‭ ‬جاذبية‭ ‬الدمى‭ ‬أنها‭ ‬تُباع‭ ‬في‭ ‬صناديق‭ ‬مغلقة‭ ‬لا‭ ‬غلاف‭ ‬شفّاف‭ ‬عليها،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬المشتري‭ ‬أي‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬الدمية،‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬لون‭ ‬سيحصل‭ ‬حتى‭ ‬يفتح‭ ‬الصندوق،‭ ‬مما‭ ‬يضيف‭ ‬عنصر‭ ‬التشويق،‭ ‬ويشجع‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬النسخ‭.‬

وقد‭ ‬تعاملت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬بوب‭ ‬مارت‮»‬‭ ‬المصنّعة‭ ‬بذكاء‭ ‬مع‭ ‬تجارة‭ ‬الدمية؛‭ ‬فاعتمدت‭ ‬خطة‭ ‬تسويقية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تشويق‭ ‬المستهلك‭.. ‬حيث‭ ‬تُصدر‭ ‬الشركة‭ ‬الصينية‭ ‬نسخاً‭ ‬محدودة‭ ‬من‭ ‬‮«‬لابوبو‮»‬‭ ‬بتصاميم‭ ‬خاصة،‭ ‬ثم‭ ‬تُسحب‭ ‬من‭ ‬الأسواق‭ ‬بسرعة،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬نادرة‭ ‬ومطلوبة‭ ‬بشدة،‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬قيمتها‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬المقتنيات‭.‬

لقد‭ ‬تعمدت‭ ‬أن‭ ‬أعرض‭ ‬للقارئ‭ ‬الكريم‭ ‬حكاية‭ ‬دمية‭ ‬‮«‬لابوبو‮»‬‭.. ‬حتى‭ ‬يدرك‭ ‬الناس‭ ‬كيف‭ ‬أصبح‭ ‬التأثير‭ ‬الإعلامي‭ ‬العالمي‭ ‬يتجاوز‭ ‬كافة‭ ‬الحدود‭.. ‬وحتى‭ ‬يواكب‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬اهتمامات‭ ‬أبنائهم‭.. ‬فقد‭ ‬أصبحنا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬نتحسر‭ ‬على‭ ‬أيامنا‭ ‬الجميلة‭.. ‬والشخصيات‭ ‬الكارتونية‭ ‬في‭ ‬زماننا‭.. ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الهبة‮»‬‭ ‬والموضة‭ ‬أصبحت‭ ‬سحرا‭ ‬شاملا‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين‭ ‬والشباب‭.. ‬وهدرا‭ ‬لأموال‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭.. ‬نحن‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬‮«‬لابوبو‮»‬‭.. ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬بيتنا‭.. ‬فأهلا‭ ‬وسهلا‭ ‬به‭ ‬وزملائه‭..!!‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا