العدد : ١٧٢٢٥ - الأربعاء ٢١ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢٥ - الأربعاء ٢١ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

حكاية تستحق الرواية

‮«‬مصطفى‭ ‬محمد‮»‬‭ ‬لاعب‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬نادي‭ ‬فرنسي،‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬يلعب‭ ‬مهاجما‭ ‬وهدافا‭ ‬في‭ ‬الفريق‭.. ‬قرر‭ ‬الغياب‭ ‬عن‭ ‬مباراة‭ ‬فريقه،‭ ‬لأن‭ ‬الفريق‭ ‬سوف‭ ‬يلعب‭ ‬مباراة‭ ‬مخصصة‭ ‬للتنديد‭ ‬بالعنف‭ ‬والتمييز‭ ‬ضد‭ ‬المثليين‭ ‬جنسيا،‭ ‬وعليه‭ ‬أن‭ ‬يرتدي‭ ‬شارة‭ ‬يتم‭ ‬وضعها‭ ‬على‭ ‬كتف‭ ‬اللاعب،‭ ‬وتحمل‭ ‬ألوان‭ ‬المثليين‭.‬

على‭ ‬حسابه‭ ‬في‭ ‬منصة‭ ‬‮«‬الانستجرام‮»‬‭ ‬كتب‭ ‬اللاعب‭ ‬‮«‬مصطفى‭ ‬محمد‮»‬‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬هناك‭ ‬قيم‭ ‬راسخة‭ ‬ومتجذرة،‭ ‬مرتبطة‭ ‬بأصولي‭ ‬وإيماني،‭ ‬تجعل‭ ‬مشاركتي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المباراة‭ ‬صعبة‭.. ‬لن‭ ‬أشارك‭ ‬في‭ ‬مباراة‭ ‬الفريق‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬المقبل‭.. ‬أشعر‭ ‬اليوم‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬نهجي‭ ‬دون‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬تأجيج‭ ‬النقاش‭.. ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬داخله‭ ‬تاريخا‭ ‬وثقافة‭ ‬وحساسية‭.. ‬إن‭ ‬العيش‭ ‬معا‭ ‬يعني‭ ‬أيضا‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬التنوع‭.. ‬يمكن‭ ‬التعبير‭ ‬عنه‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬الشخص‭.. ‬أؤمن‭ ‬بالاحترام‭ ‬المتبادل‭.. ‬الاحترام‭ ‬الذي‭ ‬ندين‭ ‬به‭ ‬للآخرين،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭ ‬الاحترام‭ ‬الذي‭ ‬ندين‭ ‬به‭ ‬لأنفسنا‭ ‬ومعتقداتنا‭.. ‬هذا‭ ‬الاختيار‭ ‬شخصي،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬الرفض‭ ‬أو‭ ‬الحكم،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ببساطة‭ ‬إخلاص‭ ‬لما‭ ‬يمثلني‭.. ‬آمل‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬استقبال‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬بهدوء‭ ‬وتفهم‮»‬‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يرفض‭ ‬اللاعب‭ ‬‮«‬مصطفى‮»‬‭ ‬خوض‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المباريات‭.. ‬لقد‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬رفض‭ ‬المشاركة‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬الموسمين‭ ‬الماضيين‭.. ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬ردة‭ ‬الفعل‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬كانت‭ ‬أكثر‭ ‬وقعا،‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬ومجتمع‭ ‬يتغنى‭ ‬بالتسامح‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر‭ ‬والحرية،‭ ‬واحترام‭ ‬حق‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬والمعتقد‭.‬

إدارة‭ ‬النادي‭ ‬فرضت‭ ‬غرامة‭ ‬مالية‭ ‬على‭ ‬اللاعب،‭ ‬وأعلنت‭ ‬أن‭ ‬الغرامة‭ ‬سيتم‭ ‬التبرّع‭ ‬بها‭ ‬لإحدى‭ ‬الجمعيات‭ ‬الداعمة‭ ‬للمثلية‭.. ‬نكاية‭ ‬في‭ ‬اللاعب،‭ ‬واعتذارا‭ ‬للمثليين‭.‬

وزيرة‭ ‬المساواة‭ ‬الفرنسية‭ ‬والمعنية‭ ‬بمكافحة‭ ‬التمييز‭ ‬‮«‬أورويه‭ ‬بيرجيه‮»‬،‭ ‬دخلت‭ ‬على‭ ‬الخط‭ ‬وأعلنت‭ ‬مناصرة‭ ‬المثليين،‭ ‬وطالبت‭ ‬بمعاقبة‭ ‬اللاعب‭ ‬‮«‬مصطفى‭ ‬محمد‮»‬،‭ ‬وكتبت‭ ‬في‭ ‬حسابها‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬‮«‬إكس‮»‬‭: ‬‮«‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬الفرنسية،‭ ‬الإيمان‭ ‬ليس‭ ‬فوق‭ ‬القانون،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬أبدا‭.. ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬عقوبات‭ ‬واضحة‭ ‬لمن‭ ‬يعادون‭ ‬المثلية‮»‬‭.‬

والآن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬عاقل‭ ‬أن‭ ‬يتساءل‭: ‬لماذا‭ ‬حينما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بمعتقدات‭ ‬وحقوق‭ ‬الآخرين‭ ‬يتحدث‭ ‬الغرب‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭.. ‬ولكن‭ ‬حينما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬والثوابت‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬والفطرة‭ ‬السليمة‭ ‬ينبري‭ ‬الغرب‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر؟‭ ‬والمشكلة‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬منا‭ ‬يصدقهم،‭ ‬ويؤمن‭ ‬بما‭ ‬يقولونه،‭ ‬بل‭ ‬ويدعو‭ ‬الآخرين‭ ‬إلى‭ ‬الانصياع‭ ‬لحديثهم‭!‬

هي‭ ‬معايير‭ ‬غربية‭.. ‬مزدوجة‭ ‬ومتناقضة،‭ ‬في‭ ‬قياس‭ ‬الأمور‭ ‬والحكم‭ ‬عليها‭ ‬والتعامل‭ ‬معها،‭ ‬وفرضها‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭.. ‬سواء‭ ‬في‭ ‬حكاية‭ ‬اللاعب‭ ‬‮«‬مصطفى‭ ‬محمد‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أمامنا‭.. ‬وهي‭ ‬الأهم‭.. ‬أو‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭.. ‬وهي‭ ‬الأخطر‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا