الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
عن نظرية «الحصان الميت»
في حياتنا اليومية.. على مستوى الأفراد والشركات والمجتمعات.. ثمة إصرار على أسلوب معين يثبت عدم جدواه، مع الإصرار على المضي فيه، من دون تغيير للمسار، ولا تعديل في الأسلوب، ولا تصحيح في المنهجية.
مؤخرا قرأت الكثير عن نظرية «الحصان الميت».. ووجدت في مجلة ((العلوم والتكنولوجيا))، تفصيلا وشرحا وتبسيطا للموضوع، وأتصور أنه من الأهمية بمكان أن يطلع عليه الناس، كل بحسب موقع، لمراجعة حساباته وطريقته في الحياة والعمل.
حيث تُعد نظرية «الحصان الميت» واحدة من أبرز الأمثلة التي تستخدم لتوضيح عبثية الاستمرار في بذل الجهد على أمور أو أساليب فاشلة، وتعكس هذه النظرية فكرة مأخوذة من المثل الشهير: «لا يمكنك ضرب حصان ميت لإحيائه»، وهو تعبير عن أن أي محاولات إضافية لن تُغيِّر النتيجة إذا كان الوضع قد تجاوز مرحلة الإصلاح.
وقد نشأت هذه النظرية من الحكمة الشعبية التي تشير إلى أن محاولة تحفيز شيء قد مات أو انتهى، هي مجرد مضيعة للوقت والجهد.. ومع مرور الوقت، أصبحت هذه الفكرة تُستخدم بشكل واسع في مجالات الإدارة، والعمل، وحتى في الحياة اليومية على ممارسات غير فعّالة أو جهود غير مثمرة.
ومن مظاهر تطبيق النظرية في بيئة العمل، عندما يصر المديرون على استخدام استراتيجيات أو خطط قد أثبتت فشلها، أو حين يستمر الفريق في مشروع رغم وضوح عدم جدواه أو قلة فائدته، ويتم تخصيص الموارد لمعالجة مشكلة من دون النظر إلى الحلول البديلة.
في الحياة اليومية، يمكننا ملاحظة النظرية في قراراتنا الشخصية، مثل: الإصرار على إصلاح جهاز قديم أكثر من مرة، رغم أنه قد يكون من الأفضل شراء جهاز جديد، أو البقاء في علاقة شخصية سامة رغم وضوح عدم نجاحها.
وبدلاً من الاعتراف بفشل الأسلوب أو الخطة، قد يلجأ البعض إلى استراتيجيات غير منطقية للتعامل مع «الحصان الميت»، مثل: شراء سوط أقوى.. تشكيل لجنة لدراسة حالة الحصان الميت.. تغيير الفارس الذي يركب الحصان الميت.. خلق جو من التنافس بين الحصان الميت ومجموعة من الخيول الميتة لتطوير أدائه.. تصوير إيجابية الموضوع بأن الحصان الميت يوفر في التكاليف.. مقارنة الحصان الميت بحصان أكثر موتاً.. التعاقد مع فرسان من خارج المؤسسة لركوب الحصان الميت.. تهديد الحصان الميت بإنهاء خدمته.
وتدعونا نظرية «الحصان الميت» إلى التفكير بواقعية، والاعتراف بالفشل عند الضرورة، والتحرك نحو حلول بديلة.. ومن أهم الدروس المستفادة ضرورة التوقف عن إهدار الموارد، فعندما يكون الحل مستحيلاً، من الأفضل التوقف عن المحاولة والبحث عن طرق أخرى.
الخلاصة.. أن نظرية «الحصان الميت» تُعلمنا أن التمسك بالمشاريع أو القرارات الخاطئة لن يؤدي إلا إلى إهدار الوقت والجهد.. وأن الاعتراف بالفشل والتعلم منه ليس علامة ضعف، بل هو خطوة نحو اتخاذ قرارات أكثر حكمة وفعالية في المستقبل.
«الحصان الميت» أسلوب يستخدمه الكثير منا في حياتهم اليومية.. بانتظار النجاح الذي لن يحصل.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك