في كل عام، وتحديدًا في شهر مايو، يحتفل العالم بشهر التوعية بمرض الذئبة الحمراء، أحد أكثر أمراض المناعة الذاتية غموضًا وتحديًّا. وعلى الرغم من كونه مرضًا غير معدٍ، إلا أن تأثيره الواسع على أعضاء الجسم المختلفة يجعله يستحق وقفة توعوية جادة، سواء من المرضى أو المجتمع أو الكادر الصحي. في اللقاء التالي مع الدكتورة منار الطواش استشاري الأمراض الباطنية والروماتيزم بمستشفى رويال البحرين ستكشف بعض الحقائق المهمة عن مرض الذئبة الحمراء ومضاعفاته.
أوضحت الدكتورة منار ان الذئبة الحمراء هو اضطراب مناعي ذاتي مزمن، يهاجم فيه جهاز المناعة خلايا وأنسجة الجسم السليمة بدلًا من حمايتها. مبينة انه قد يؤثر المرض على الجلد، المفاصل، الكلى، القلب، الرئتين، الدماغ، والدم، بدرجات متفاوتة من مريض الى آخر. ويُصنف المرض ضمن الأمراض المزمنة التي تتطلب متابعة مستمرة وخطة علاج طويلة الأمد.
واشارت الى ان مرض الذئبة يصيب النساء أكثر من الرجال، خصوصًا في سن الإنجاب (من 15 إلى 45 عامًا)، كما يشيع أكثر في بعض الأعراق مثل الآسيويين والأفارقة، ولكن يمكن أن يصيب أي شخص، وفي أي عمر.
وحذرت من خطورة الذئبة في تنوع أعراضها وتشابهها مع أمراض أخرى، ما يجعل تشخيصها تحديًّا حقيقيًّا. ومن أبرز أعراض الذئبة الحمراء ما يلي: التعب الشديد المستمر من دون سبب واضح، آلام وتيبس في المفاصل، طفح جلدي يشبه جناحي الفراشة على الوجه، تساقط الشعر، الحمى المتكررة، تورم الأطراف، الحساسية الزائدة لأشعة الشمس، اضطرابات في الكلى أو الجهاز العصبي، تقرحات في الفم أو الأنف، تغير لون الأطراف عند التعرض للبرد (ظاهرة رينود).
ولا يوجد اختبار واحد يمكنه تأكيد الإصابة بالذئبة، بل يعتمد التشخيص على مزيج من الأعراض السريرية والتحاليل المخبرية. ومن أهم التحاليل المستخدمة: تحليل الأجسام المضادة النووية (ANA) تحاليل الدم والبول لمتابعة وظائف الكلى، فحوصات سرعة الترسيب والمؤشرات الالتهابية، فحص الأجسام المضادة الموجهة للحمض النووي (Anti-dsDNA)
يقوم الطبيب بتقييم الأعراض والفحوصات وفق معايير علمية معتمدة لتحديد التشخيص بدقة، وغالبًا ما يتطلب الأمر المتابعة مع طبيب مختص في أمراض الروماتيزم.
واضافت، رغم عدم وجود علاج شافٍ حتى الآن، إلا أن التطورات الطبية وفهم المرض بشكل أفضل أسهمت في توفير علاجات فعالة تساعد في السيطرة على الأعراض وتقليل النوبات وتحسين جودة الحياة. ويشمل العلاج: الأدوية المضادة للالتهاب (مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية)، أدوية كبح المناعة (مثل الهيدروكسي كلوروكين والكورتيزون)، الأدوية البيولوجية الحديثة، نمط حياة صحي يشمل التغذية السليمة، تقليل التوتر، وتجنب الشمس المباشرة.
ومن أبرز أسباب مضاعفات الذئبة تأخر التشخيص أو عدم الالتزام بالعلاج. لذلك، فإن زيارة الطبيب عند الشعور بأي من الأعراض المذكورة أعلاه أمر بالغ الأهمية. كذلك يجب على المرضى المتشخّصين المتابعة المنتظمة لتعديل خطة العلاج بحسب تطور الحالة وتجنّب المضاعفات التي قد تصيب الأعضاء الحيوية.
ان من المهم كسر الحواجز الاجتماعية والصحية المحيطة بمرض الذئبة. فالمصاب ليس معديًا، ويستطيع أن يعيش حياة طبيعية بالإرادة والعلاج والدعم النفسي والاجتماعي. كما أن التوعية تساعد على اكتشاف الحالات مبكرًا، وتقليل الوصمة، وتحقيق فهم أعمق لطبيعة المرض.
وفي الختام يبقى شهر مايو فرصة لنرفع الوعي حول الذئبة الحمراء، وأن نؤكد أهمية الرعاية الصحية المستمرة والتشخيص المبكر والدعم المجتمعي. فالعلم والوعي هما خط الدفاع الأول ضد هذا المرض الصامت.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك