عن المشهد الروائي في البحرين يتساءل الكاتب الصحفي أسامة الماجد عـبر عـموده في جريدة البلاد «سوالف» ضمن عدد يوم الخميس الموافق 1 مايو 2025، حيث يعقد مقارنة مع الجيل السابق في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين ويجزم في هذا السياق بأنهُ «قد ولى زمن الازدهار الأدبي والفني؟! وأن كل ما نشاهده اليوم مجرد رواية طفلة» يستحيل أن تقترب من الكمال والنمو، تخبطات وتناقضات ومآس ولغـة هجينة غير واضحة، روايات مسجلة على الواقع نعم، لكنها بلا أصول وسطحية وأقرب إلى السذاجة، ولا أعـرف كيف يطلق هؤلاء على أنفسهم كتاب رواية أو «روائيين على الطريق».
وعلى ذات المنوال يواصل «الماجد» فيقول:
«منذ فترة طويلة جدًا لم نسمع بجيل جديد من الشباب فرض نفسه بقوة في الساحة الأدبية، فإذا تقصّـينا كل ما هو مطبوع ويحمل اسم رواية، فإننا لن نعثـر على أي رواية جديرة بالقراءة حتى لو وصل العدد المطبوع إلى ماـئة، وإذا ما تحرينا الدقـة وجدنا أن ما يُكتب لا ينتمي شـرعًـا إلى الفن الروائي».
بدايـة وكتعليق افتتاحي على ما تفضل به زميلنا الصحفي الكاتب أسامة الماجد عبر عموده الصحافي المذكور أعـلاه، من البديهي هنا أن هذا الرأي مردود عليه ويمكن وضعـه في ميزان التثبـت من حيث صحتـه أو عدمها كواقع ثقافي تعيشـه الساحة الثقافية في مملكة البحرين ولنا الحق ككاتب بحريني بالرد عـلى حيثياتـه التي أعـدنا كتابة أبرز النقاط التي جاءت فيه فنقول: عقد المقارنة مع جيل الستينات والسبعينات والثمانينات وتوصيفه بأن له الأفضلية من حيث الرؤية الإبداعـية والنظرة الجمالية والفلسفية وتحقق كمال الشرط الروائي، هي بالمجمل حالة انبهار ومعيارية خلق أدبي لها ظروف فترتها وما تمخضت عـنه الساحة آنذاك من صراعـات أدبية وفكرية وأيديولوجية وسياسية أعطتها قصب السبق ورفعت من جودتها ولكون كتاب تلك الحقب قاعدة تأسيسهم الثقافي مشحونة بالصراع الحياتي والقيمي كتحديات صنعت تلك الأجيال وصقلت خبراتهم.
الكاتب تلك الأيام لا يتمكن من الحصول على جواز مرور إلى عـوالم الكتابة بمثل سهولة اليوم، فلا بد لتجربته من التعميـد بالرفض والاستفزاز ومطاردة السجون وحصار القناعـات وصراع الأفكار وعليه فالكاتب آنذاك هو نتاج المعاناة بمختلف أشكالها التي صنعت قدره ومجده حتى بلوغ بصمته الفارقة وتحقيق وجوده.
وعـليه.. كتاب تلك المراحل الماضية من القرن العشرين في البحرين شكلوا كجيل مرحلة ذهبيـة مختلفة بما قدموا من عـطاء أدبي وثقافي، لكن ألا تجد أخي الفاضل «الماجد» بأن حالة التفضيل التي تتمسك بها في المقارنة ما بين مشهد الأمس وواقـع اليوم يشوبها الكثير من التحامل وعـشوائية خلط المشهـد وضعت فيها جميع الكتاب الشباب في سلة واحـدة، معتبرًا المشهد الروائي كنتاج في الساحة، رواية طفلة وسطحية وأقرب للسذاجة.. إلخ ممـا ذهبت إليه في إجمالك للحراك الروائي البحريني.
أنت محـق بوجود السطحية أو السذاجة في بعض التجارب الروائية «من دون ذكـر أسماء» لحساسية الموقف لكن من غـير المنطقي تعـمم كلية المشهد على جميع الكتاب الشباب و (أنه لا يوجد جيل جديد من الشباب فرض نفسه بقوة في الساحة الأدبية)! فالكتاب مثل.. (عبد العزيز الموسوي / رسول درويش / أيمن جعفر / فتحية ناصر / جابر خمدن / أمينة الكوهجي / ناجي جمعـة، وليد هاشم / وأسماء أخرى لا تحضرني الآن، كلها أسهمت في اثراء المكتبة الأدبية البحرينية، هل يُعقل بأنه لا أهمية لوجود كل هذه الأسماء وأنك فعليًـا قد توقفت عـند محطاتها كلها وقرأت نتاجها الروائي بأكمله ثم قيمت فحكمت.. (روايات مسجلة على الواقع نعم، لكنها بلا أصول وسطحية وأقرب إلى السذاجة، ولا أعـرف كيف يطلق هؤلاء على أنفسهم كتاب رواية أو روائـيين على الطريق)! ما هكذا يُـفترض بالنزاهة الصحافية الراصدة لعمومية المشهد الثقافي تقليب أوراق الساحة على عجالة بشكل عـشوائي غير متبصر يخلط الحابل بالنابـل.
فقلم شاب مثل «فتحية ناصر» واحدة من التجارب الجريئة التي غاصت في البُعد الإنساني بالذات في ثلاثيتها «أبحث عن نفسي» الطبعة الأولى 2012 / المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت، قلم أنيق كيف يُتجاهل؟! تمكن من نقل الرواية البحرينية إلى فضاء اللغـة الهندية «المليالايم».
وهنا أيضًا رسول درويش كقلم قادم بقوة وحماس نحو المشهد الروائي، بدأت أعماله المترجمة إلى اللغـة الإنجليزية تتصدر واجهات المكتبات في لندن وسيدني والعديد من العواصم العربية كما بدأ في حصد الجوائز وهناك أمثلة أخرى لكتاب وكاتبات حيث يجتهد الجميع في تأثيث حضور الرواية البحرينية لكن للأسف صحافتنا المحلية هي التي تغيب عـن المشهد ولا تتعقب الخبر عن حقيقة تطورات الساحة، لكون «مطرب الحي لا يُطـرب» فقد بات اليوم الكاتب البحريني لا يُعترف بوجوده إلا حينما تبروزه الجوائز المخملية، حراك الساحة الخليجية على الصعيد الروائي قطع أشواطًا بعيدة في تقدير وتكريم الكتاب ونحن هنا نعمل على تحطيم مـجاديف بعضنا ولا يعجبنا العجب وما هكذا عـزيزي «الماجد» يكون الإنصاف، أتمنى عليك التريث في تحليل المشهد الروائي البحريني بموضوعـية أكثر فرأيك يُحسب سلبًـا بتهميش ساحتنـا الثقافية البحرينية مهمشًـا مكاسبها وما حققته.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك