زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
الحل في تهريب البعوض
لفت انتباهي مؤخرا أن مواطني جميع الدول الخليجية باتوا يشكون من غزو البعوض لمدنهم وقراهم، وأقول لهم: شدة وتزول، والصيف على الأبواب، وسيتولى الفتك بالبعوض حتى يندم على دخوله منطقتكم متسللا من شرق آسيا وإفريقيا، واستبشرت خيرا باكتشاف مستعمرة من الناموس الناقل لمرض حمى غرب النيل في الريف البريطاني مؤخرا، وليس مرد ذلك كرهي للريف البريطاني أو أهله، بل حبي لأهلي ولجميع تعساء إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وقد قلت مرارا إن الإنفلونزا، خطفت الأضواء من أمراض أكثر منه فتكا بالناس، وأن أمر مقاومتها واحتوائه مقدور عليه رغم عدم وجود سابق خبرة للطب الحديث في التعامل مع فيروسات الإنفلونزا الجديدة، والسبب في ذلك أن الإنفلونزا تضرب مناطق فيها فلوس وحركة تجارية نشطة مثل هونغ كونغ وكندا، أوروبا، ومن ثم تنشط كل دوائر البحوث الطبية والصيدلانية للتعرف على الفيروس والانقضاض عليه، وهكذا وخلال أشهر معدودة تم قبل سنوات احتواء إنفلونزا الطيور والخنازير، وبصراحة شديدة ومن دون فخر فإن جسمي وكبدي على وجه التحديد مستودع لطفيليات الملاريا، وياما عانيت من الهذيان والغيبوبة بسبب ارتفاع درجة حرارة جسمي كلما نشطت تلك الطفيليات وتحركت كما العلوج لغزو مناطق مختلفة من جسمي، وفي السودان يموت بضعة آلاف شهريا بالملاريا، بعد أن صار البعوض يتمتع بحصانة ضد المبيدات بل صار يتغذى عليها، ويتوالد حتى في غياب المياه الراكدة، ولا سبيل لاحتواء خطر الملاريا إلا بتوصيل المرض إلى أوروبا وأمريكا، فعلماء تلك الجهات لا يحفلون بأمر أي مرض ما لم ينتشر في بلادهم، ومن ثم فإن من مصلحتنا نحن أبناء البلدان المنتجة للأمراض، أن نقوم بتصدير الفائض منها إلى الدول الغربية حتى تنتبه لمخاطرها، وتقوم بإنتاج الأمصال الواقية منها والأدوية الناجعة التي تستأصلها، فالإيدز مثلا كان موجودا في إفريقيا دون أن يعبأ به أحد، ولكن ما أن وصل إلى أوروبا وأمريكا حتى تم تطوير تشكيلة من العقاقير لاحتوائه بدرجة أنه لم يعد «قاتلا». ثم هل رأيتم كيف تم اكتشاف علاج للكورونا بمجرد ما بدأت تفتك بالشعوب «البيضاء»؟!
وخير دليل على أن الغرب لا يعبأ إلا بالأمراض التي تهدده في عقر داره، هو أن أكثر الأمراض فتكا في عالمنا المعاصر هو الأيبولا، فرغم اكتشافه عام 1976 ورغم أنه كان موجودا قبل ذلك ربما بمئات السنين، ورغم أنه يقتل أكثر من 90% من ضحاياه، إلا أن ذلك لا يزعج دوائر البحث العلمي في الغرب كثيرا إلا من الناحية «الأكاديمية»!! والأيبولا يهاجم نظام المناعة ويشله ويظل يهاجم الجسم منذ الساعات الأولى لحدوث الإصابة فيتجلط الدم ويختنق الكبد والكلى والرئتان ثم الدماغ، وبعد ذلك يستهدف الكولاجين وهو الغراء الذي يجعل الجسم متماسكا وينتج عن ذلك تقشر الجلد وتساقطه، وما هو أبشع من ذلك هو أن الأيبولا تذيب الأمعاء والمعدة حتى تخرج من الفم مع القيء، والسبب الوحيد الذي منع انتشار الأيبولا خارج إفريقيا هو أن المصاب به لا يعيش طويلا، بحيث يتعذر على مصاب بالمرض أن يسافر إلى أي جهة، ولكن ذلك لن يدوم طويلا ومن المؤكد أن المرض سينتقل تدريجيا صوب الشمال إلى أن يصل إلى ذوي العيون الزرق وعندها فقط سنسمع أن هناك عقارا أو أكثر للتصدي له.
والشاهد هو أن صناعة الدواء في الغرب باتت غير محكومة بأي ضوابط أخلاقية أو إنسانية، فشركات الأدوية لا ترصد أي مبالغ لتطوير أدوية لأمراض الفقراء، ولو رصدت واحدا على الألف من ميزانية تطوير أدوية التحفيز الجنسي لتطوير علاج للملاريا، لما مات الملايين سنويا من هذا المرض، فلماذا لا يكون جزاء تلك الشركات من جنس عملها فنقوم نحن أبناء العالم الثالث بتهريب البعوض إلى الغرب خلال زياراتنا المريبة لبلدانه؟ كيف؟ قبل موعد إقلاع الطائرة بقليل، اذهب إلى أقرب مستنقع واغرف من مياهه في زجاجة كبيرة، لتضمن الحصول على كمية من يرقانات البعوض، وإذا سالك ضابط الجمارك في مطار أوروبي لماذا تحمل سائلا عكرا متسخا، قل له إنه مشروب غازي من إنتاج مصانع بلادك، وسيصدقك، وفي نفس الوقت لن تكون قد كذبت كثيرا فالمشروبات المتداولة في أسواقنا ليست أقل ضررا من المياه الراكدة!!
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك