الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
حكاية الوزير.. والرسالة المطلوبة
إلقاء الكلمات والخطب، وتقديم العروض والشرح، يعد علما وفنا.. من يريد أن يكون لكلماته أثر.. ولبياناته وقع.. ولحديثه تفاعل.. يجب أن يتبع بعض القواعد، ويعرف حزمة المفاتيح، ويلتزم بعدد من الاشتراطات.. وخاصة إذا كان المتحدث يريد أن يوصل رسالة معينة، واستثمار توقيت معين، واستهداف جمهور محدد، محلي أو خارجي.
هناك من المسؤولين والمشاهير والخطباء والمحاضرين من يشد انتباهك عند أول كلمة وإطلالة.. وهناك من يسرح بذهنك منذ أول عبارة وتتمنى أن يتوقف.. أتصور الآن أن كل قارئ يستحضر أسماء تلك الشخصيات الذين جذبته كلماتهم ومداخلاتهم ومحاضراتهم.. والعكس كذلك.
من أبرز مقومات نجاح الكلمات والمحاضرات استخدام أسلوب القصص الواقعية، حيث تلعب دوراً محورياً في إلقاء الكلمات، وعند تقديم المحاضرات، فهي تساعد على توصيل الأفكار والمفاهيم، بطريقة مشوقة وسهلة الفهم.. وتكمن أهميتها في جذب الانتباه، وتعزيز الفهم، وإعمال العقل، وإثارة العواطف، وبناء رابط شخصي مع الجمهور، وإيصال رسالة الدولة أو المؤسسة.. فالقصص ليست مجرد وسيلة ترفيهية، بل وسيلة لتوجيه رسائل معينة.
في كلمة سعادة د. محمد بن مبارك جمعة وزير التربية والتعليم، خلال حفل تخريج الفوج السابع عشر لطلبة الجامعة العربية المفتوحة، حكى واقعة الطفل الذي أوقفه وأبلغه برغبته للعودة إلى الدراسة، وكيف تحرك الوزير وتابع عودته إلى الدراسة، بكل التفاصيل، والرعاية التي نالها الطفل بعد ذلك من المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية باعتباره من الأيتام.
كما قام الوزير بالإشارة إلى تكريم الطالب إياد حسين المطوع من مدرسة عراد الابتدائية الإعدادية للبنين، نظير إسهامه الكبير في مساعدة الوزارة لعودة الطالب المنقطع عن المدرسة إلى مقاعد الدراسة.
لقد استثمر الوزير المكان والزمان، وأكد حرص مملكة البحرين على إلزامية التعليم، وحق الأفراد في التعليم المكفول دستوريا، وواجب أولياء الأمور في تدريس أبنائهم، واهتمام الدولة في تطوير منظومة التعليم، وضرورة الوعي المجتمعي، وأهمية دور المنابر ومؤسسات المجتمع المدني في دعم حق التعليم.
وأحسب أن تلك الحكاية التي سردها الوزير أخذت الجانب الأكبر والاهتمام الأوسع، من الحضور والقراء والمتابعين، داخل وخارج البلاد، عن أي كلمات وفقرات أخرى وردت في حفل التخريج.. كما تناقلتها منصات التواصل الاجتماعي المحلية والخليجية، وتحول موضوع حق التعليم في البحرين، واهتمام الدولة والمسؤولين، إلى قصة نجاح بحرينية ورسالة نبيلة.
علما أن كلمة الحكاية لم تكن مكتوبة، ولكن الوزير ألقاها مباشرة من دون قراءة من الورقة المطبوعة، بأسلوب سلس، وطريقة متميزة، فكان وقعها إلى العقل والقلب قبل السمع.. وكان أثرها عند الرأي العام أكبر وأكثر.. كما أنها تبين سهولة تواصل الناس، كبارا وصغارا، مع المسؤولين في مملكة البحرين.
حكاية عودة الطفل إلى الدراسة تفتح مسؤولية البحث عن حاجة المجتمع إلى معالجة جوانب كثيرة في الحياة اليومية، وعن الدور الإيجابي والشراكة المجتمعية التي يمكن أن يقدمها كل فرد منا، مهما كان سنه ومركزه وموقعه، من أجل خدمة الوطن والأفراد.. في مجتمع يعتز ويفتخر بثوابته الوطنية، ومبادئه الإسلامية، وقيمه الإنسانية الحضارية، وبدستوره وقوانينه العصرية.
لذلك كله ولكثير غيره.. أتمنى في الأيام المقبلة أن يراعي الخطباء والمسؤولين والمتحدثين أهمية فن الإلقاء، وإيصال الرسالة الهادفة للوطن والمجتمع.. كما فعل سعادة وزير التربية والتعليم مشكورا.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك