العدد : ١٧٢٠٦ - الجمعة ٠٢ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠٦ - الجمعة ٠٢ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

حكاية الوزير.. والرسالة المطلوبة

إلقاء‭ ‬الكلمات‭ ‬والخطب،‭ ‬وتقديم‭ ‬العروض‭ ‬والشرح،‭ ‬يعد‭ ‬علما‭ ‬وفنا‭.. ‬من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لكلماته‭ ‬أثر‭.. ‬ولبياناته‭ ‬وقع‭.. ‬ولحديثه‭ ‬تفاعل‭.. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتبع‭ ‬بعض‭ ‬القواعد،‭ ‬ويعرف‭ ‬حزمة‭ ‬المفاتيح،‭ ‬ويلتزم‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الاشتراطات‭.. ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬المتحدث‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يوصل‭ ‬رسالة‭ ‬معينة،‭ ‬واستثمار‭ ‬توقيت‭ ‬معين،‭ ‬واستهداف‭ ‬جمهور‭ ‬محدد،‭ ‬محلي‭ ‬أو‭ ‬خارجي‭.‬

هناك‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬والمشاهير‭ ‬والخطباء‭ ‬والمحاضرين‭ ‬من‭ ‬يشد‭ ‬انتباهك‭ ‬عند‭ ‬أول‭ ‬كلمة‭ ‬وإطلالة‭.. ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يسرح‭ ‬بذهنك‭ ‬منذ‭ ‬أول‭ ‬عبارة‭ ‬وتتمنى‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭.. ‬أتصور‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬قارئ‭ ‬يستحضر‭ ‬أسماء‭ ‬تلك‭ ‬الشخصيات‭ ‬الذين‭ ‬جذبته‭ ‬كلماتهم‭ ‬ومداخلاتهم‭ ‬ومحاضراتهم‭.. ‬والعكس‭ ‬كذلك‭.‬

من‭ ‬أبرز‭ ‬مقومات‭ ‬نجاح‭ ‬الكلمات‭ ‬والمحاضرات‭ ‬استخدام‭ ‬أسلوب‭ ‬القصص‭ ‬الواقعية،‭ ‬حيث‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬إلقاء‭ ‬الكلمات،‭ ‬وعند‭ ‬تقديم‭ ‬المحاضرات،‭ ‬فهي‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬توصيل‭ ‬الأفكار‭ ‬والمفاهيم،‭ ‬بطريقة‭ ‬مشوقة‭ ‬وسهلة‭ ‬الفهم‭.. ‬وتكمن‭ ‬أهميتها‭ ‬في‭ ‬جذب‭ ‬الانتباه،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الفهم،‭ ‬وإعمال‭ ‬العقل،‭ ‬وإثارة‭ ‬العواطف،‭ ‬وبناء‭ ‬رابط‭ ‬شخصي‭ ‬مع‭ ‬الجمهور،‭ ‬وإيصال‭ ‬رسالة‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬المؤسسة‭.. ‬فالقصص‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬وسيلة‭ ‬ترفيهية،‭ ‬بل‭ ‬وسيلة‭ ‬لتوجيه‭ ‬رسائل‭ ‬معينة‭.‬

في‭ ‬كلمة‭ ‬سعادة‭ ‬د‭. ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬جمعة‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬خلال‭ ‬حفل‭ ‬تخريج‭ ‬الفوج‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬لطلبة‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬المفتوحة،‭ ‬حكى‭ ‬واقعة‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬أوقفه‭ ‬وأبلغه‭ ‬برغبته‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الدراسة،‭ ‬وكيف‭ ‬تحرك‭ ‬الوزير‭ ‬وتابع‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬الدراسة،‭ ‬بكل‭ ‬التفاصيل،‭ ‬والرعاية‭ ‬التي‭ ‬نالها‭ ‬الطفل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬المؤسسة‭ ‬الملكية‭ ‬للأعمال‭ ‬الإنسانية‭ ‬باعتباره‭ ‬من‭ ‬الأيتام‭.‬

كما‭ ‬قام‭ ‬الوزير‭ ‬بالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬تكريم‭ ‬الطالب‭ ‬إياد‭ ‬حسين‭ ‬المطوع‭ ‬من‭ ‬مدرسة‭ ‬عراد‭ ‬الابتدائية‭ ‬الإعدادية‭ ‬للبنين،‭ ‬نظير‭ ‬إسهامه‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الوزارة‭ ‬لعودة‭ ‬الطالب‭ ‬المنقطع‭ ‬عن‭ ‬المدرسة‭ ‬إلى‭ ‬مقاعد‭ ‬الدراسة‭.‬

لقد‭ ‬استثمر‭ ‬الوزير‭ ‬المكان‭ ‬والزمان،‭ ‬وأكد‭ ‬حرص‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬إلزامية‭ ‬التعليم،‭ ‬وحق‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬المكفول‭ ‬دستوريا،‭ ‬وواجب‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬تدريس‭ ‬أبنائهم،‭ ‬واهتمام‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬منظومة‭ ‬التعليم،‭ ‬وضرورة‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي،‭ ‬وأهمية‭ ‬دور‭ ‬المنابر‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬حق‭ ‬التعليم‭. ‬

وأحسب‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الحكاية‭ ‬التي‭ ‬سردها‭ ‬الوزير‭ ‬أخذت‭ ‬الجانب‭ ‬الأكبر‭ ‬والاهتمام‭ ‬الأوسع،‭ ‬من‭ ‬الحضور‭ ‬والقراء‭ ‬والمتابعين،‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬البلاد،‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬كلمات‭ ‬وفقرات‭ ‬أخرى‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬التخريج‭.. ‬كما‭ ‬تناقلتها‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المحلية‭ ‬والخليجية،‭ ‬وتحول‭ ‬موضوع‭ ‬حق‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬واهتمام‭ ‬الدولة‭ ‬والمسؤولين،‭ ‬إلى‭ ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬بحرينية‭ ‬ورسالة‭ ‬نبيلة‭.‬

علما‭ ‬أن‭ ‬كلمة‭ ‬الحكاية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مكتوبة،‭ ‬ولكن‭ ‬الوزير‭ ‬ألقاها‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قراءة‭ ‬من‭ ‬الورقة‭ ‬المطبوعة،‭ ‬بأسلوب‭ ‬سلس،‭ ‬وطريقة‭ ‬متميزة،‭ ‬فكان‭ ‬وقعها‭ ‬إلى‭ ‬العقل‭ ‬والقلب‭ ‬قبل‭ ‬السمع‭.. ‬وكان‭ ‬أثرها‭ ‬عند‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬أكبر‭ ‬وأكثر‭.. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تبين‭ ‬سهولة‭ ‬تواصل‭ ‬الناس،‭ ‬كبارا‭ ‬وصغارا،‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

حكاية‭ ‬عودة‭ ‬الطفل‭ ‬إلى‭ ‬الدراسة‭ ‬تفتح‭ ‬مسؤولية‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬حاجة‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬جوانب‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية،‭ ‬وعن‭ ‬الدور‭ ‬الإيجابي‭ ‬والشراكة‭ ‬المجتمعية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقدمها‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬منا،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬سنه‭ ‬ومركزه‭ ‬وموقعه،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والأفراد‭.. ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬يعتز‭ ‬ويفتخر‭ ‬بثوابته‭ ‬الوطنية،‭ ‬ومبادئه‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وقيمه‭ ‬الإنسانية‭ ‬الحضارية،‭ ‬وبدستوره‭ ‬وقوانينه‭ ‬العصرية‭.‬

لذلك‭ ‬كله‭ ‬ولكثير‭ ‬غيره‭.. ‬أتمنى‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬المقبلة‭ ‬أن‭ ‬يراعي‭ ‬الخطباء‭ ‬والمسؤولين‭ ‬والمتحدثين‭ ‬أهمية‭ ‬فن‭ ‬الإلقاء،‭ ‬وإيصال‭ ‬الرسالة‭ ‬الهادفة‭ ‬للوطن‭ ‬والمجتمع‭.. ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬سعادة‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬مشكورا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا