الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
وماذا بعد رسوم قناة السويس؟
لا حديث اليوم في الساحة العربية عموما، والمصرية خصوصا، سوى الدعوة التي أطلقها الرئيس الأمريكي، والتي طالب بها وزير خارجيته بمتابعة تنفيذها فورا، والمتعلقة بإعفاء السفن الأمريكية من رسوم المرور في قناة السويس.. ذلك أن الهواجس والمخاوف اليوم تعتقد أن الأمر سيشمل أمورا عديدة تتعلق بمصالح دول المنطقة والمشاريع ذات الموارد والعوائد التي تعتمد عليها.
الرئيس الأمريكي كتب على منصة «تروث سوشيال»، وقال: «يجب السماح للسفن الأمريكية، العسكرية والتجارية على حد سواء، بالمرور مجانًا عبر قناتي بنما والسويس! هاتان القناتان ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة الأمريكية»، وأنه طلب من وزير الخارجية ماركو روبيو «التعامل فورًا مع هذا الوضع..».
المثير في الأمر أن المفكر والكاتب المصري د. مصطفى الفقي سبق أن حذر من هذا الأمر، وكتب مقالا في فبراير الماضي تحدث فيه حول مستقبل المضايق المائية، وعن قراءته لعقل الرئيس الأمريكي الجديد، وما يدور في ذهنه، وفهم شخصيته، والذي يوحي في مجمله، بأنه سوف يدس أنفه في كل صغيرة وكبيرة، في العلاقات المعاصرة في عالم اليوم.
لا شك أن هذا الطلب الأمريكي الغريب يتناقض تمامًا مع القوانين الدولية والأعراف المتبعة، كما يؤكد د. الفقي، ذلك أن اتفاقية القسطنطينية عام 1888 تؤكد بوضوح سيادة مصر على قناة السويس، ولم يفكر أحد بمثل هذا النمط الشاذ الذي يتعارض مع الشرعية الدولية والاتفاقيات المرعية، ولم تعلق الحكومتان حتى الآن حول هذا الموقف الأحادي الغريب من جانب رئيس أكبر دولة في العالم، ونرى أن ذلك مؤشر خطير لخروقات محتملة لجوهر العلاقات الدولية، ومصداقية الاتفاقيات المعترف بها.
وقد تفاعل الشارع المصري والعربي العام مع الموضوع في كافة المستويات، وكتب النائب بالبرلمان المصري، مصطفى بكري، ردا على تصريح الرئيس الأمريكي قال فيه: «يقول ترامب: لولا أمريكا ما كانت قناة السويس.. بأمارة إيه يا عم الحاج.. يا راجل عندما حفر المصريون قناة السويس في الفترة من 1859 إلى 1869، كانت أمريكا يا دوب في الحضانة.. يبدو أنك في حاجة إلى قراءة التاريخ، بعيدا عن الهرتله والكوابيس.. مصر لن تقبل بهذا الابتزاز الرخيص، هناك قواعد دولية يجب احترامها، وهناك سيادة مصرية لا يجوز تجاوزها، وهناك قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 30 لسنة 1957، لتحديد رسوم عبور السفن يجب مراعاته.. أما الابتزاز فاسمحلي!!».
وتابع بكري قوله: «لا أعرف على أي أساس يطالب الرئيس الأمريكي بالسماح للسفن الأمريكية، التجارية والعسكرية بالمرور مجانا في قناة السويس؟!.. هناك سبب واحد في تقديري، يتمثل في سياسة البلطجة الأمريكية، ومحاولات ابتزاز الدول ذات سيادة، وهي أيضا سرقة علنيه وفرض إتاوة على بلد مستقل، وعضو في الأمم المتحدة.. يا سيد ترامب، نحن لسنا من جمهوريات الموز، أو لسنا ولاية أمريكية جديدة..».
عموما.. لا ندري كيف ستنتهي وتؤول إليه الأمور؟ ولكن من الواضح جدا أن السياسة الأمريكية الحالية ستواصل في تنفيذ ما يدور في عقلية «رجل الأعمال الجشع» الذي يريد أن «يكوش» على كل شيء، ويسابق الزمن في تحقيق مآربه.
وهو بحاجة إلى سياسة أشبه بالسياسة الصينية التي أجادت فن التعامل معه، واستراتيجية الرد الفعال، وامتلكت ما تفتقده العديد من دول المنطقة والعالم.. التي بدأت تتساءل فيما بينها، وبانتظار دورها: وماذا بعد رسوم قناة السويس؟
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك