الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
عبدالعزيز بوحجي.. حينما توقفت الإشارة المرورية
هل فعلا لن نستمع صباح اليوم في إذاعة البحرين، إلى صوت الخبير المروري «عبدالعزيز بوحجي»، ونحن متوجهون إلى أعمالنا وجامعاتنا ومدارسنا..؟ هل صحيح أن الصوت البحريني الأصيل واللهجة المحرقاوية المتميزة ستغيب عنا برحيل السيد الفاضل «عبدالعزيز بوحجي» الذي انتقل إلى جوار ربه تعالى بالأمس؟
مآثر وأعمال الشخصيات الوطنية لا تمحى ولا تنسى من ذاكرة الوطن ووجدان المجتمع.. والراحل «عبدالعزيز بوحجي» قبل أن يكون خبيرا مروريا، فهو جار لبيتنا بمنطقة البسيتين بالمحرق.. ومازلت أذكر ذات يوم أنه أوقفني في الطريق قرب المنزل، حينما شاهدني مسرعا في الطريق.. ونصحني بأسلوب أبوي كريم.
وللراحل «عبدالعزيز بوحجي» بصمات واضحة في التوعية والثقافة المرورية في مملكة البحرين وعلى مستوى المنطقة الخليجية والعربية.. يكفي أنه زودنا بالكثير من المعلومات عن تاريخ المرور في البحرين.. فأول سيارة دخلت البلاد كانت في عام 1914 وكانت من نوع (كينج) وكانت تمتلك من قبل المغفور له بإذن الله الشيخ عبدالله بن عيسى بن علي آل خليفة والتي جلبها معه من الهند عن طريق البحر، وكان يتم استيراد البترول آنذاك من الخارج نظرا لعدم اكتشاف النفط في البحرين.
وأن البلدية هي أول من تولى أمور تنظيم الحركة المرورية، وأصدر أول قانون لتنظيم الحركة المرورية ضمن قانون البلديات، وكان يعنى بتنظيم الحركة المرورية قرابة 10 أفراد في مقر الشرطة بسوق المنامة بالقرب من البلدية، وأن أوقات عمل المرور في ذلك الوقت كانت ملتزمة بأوقات عمل الحكومة خلال أوقات العمل الرسمي حتى ارتفع عدد المركبات إلى 26 مركبة خلال عام 1926. وأن المرأة البحرينية بدأت تقود السيارة في عام 1952، وتم تحويل السير في البحرين من اليسار إلى اليمين في عام 1967.
الراحل الفاضل «عبدالعزيز بوحجي» من خريجي كلية الشرطة بالقاهرة بجمهورية مصر العربية عام 1966، وبدأ برامجه الإذاعية الأسبوعية منذ عام 1967م، وكان موظفًا بإدارة الجمارك، ثم التحق بوزارة الداخلية في عام 1973، وهو أول خبير مروري عربي في التوعية المرورية، ونال التكريم من العديد من الدول، كما قام بتأليف كتاب «لمحات من تاريخ المرور في البحرين خلال السنوات 1914 1969»، وهو أحد الكتب التي ضمت إلى مجموعة الكتب التابعة لمكتبة الكونغرس الأمريكي، بالإضافة إلى مكتبة الإسكندرية وعدد من المكتبات العامة المهمة.. «كما ذكر ذلك السفير العزيز خليل الذوادي».
حتى حينما بدأت الدول الخليجية بالاحتفال السنوي بأسبوع المرور عام 1983 كان للراحل «عبدالعزيز بوحجي» دور محوري وأساسي في التوعية المرورية.. وكان حديثه الإذاعي اليومي «مادة جميلة ودسمة» يستمع إليها الجميع، الكبار والصغار معا.. وكان كلامه يدخل القلب ورسالته المرورية سهلة وممتعة.
ذات مرة سئل الراحل «عبدالعزيز بوحجي» عن المخالفات المرورية؟ فأجاب قائلا: إن المخالفات المرورية، تحكمها الثقافة وأخلاق السياقة، وأن الوعي المروري من أهم المرتكزات للتقليل من المخالفات والحوادث، ومن شأنه تحقيق النجاح المروري.. وأتصور أن هذه الإجابة هي الركيزة الأساسية التي تحكم وتنظم العملية المرورية.
خالص التعازي والمواساة إلى معالي الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، وإلى أسرة «بوحجي» الكريمة.. وإلى كل أصدقاء وزملاء ومعارف ومحبي الراحل الفاضل والجار الكريم «عبدالعزيز بوحجي».. وأحسب اليوم أن الإشارة المرورية في البلاد قد توقفت حدادا وحزنا على رحيله.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك