يلعب القطاع العقاري دورًا محوريًّا في تحفيز النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، فهو ليس فقط محركًا رئيسيًّا للاستثمار، بل يعكس أيضًا التنظيم العمراني في المملكة. ومن هنا، فإن صياغة حلول واستراتيجيات متكاملة للقطاع العقاري تمثل ضرورة ملحّة لدعم مسار التنمية المستدامة في البحرين، خصوصًا في ظل التحولات السكانية والاقتصادية المتسارعة عالميّاً.
أحد أبرز المحاور يتمثل في مراجعة التشريعات العقارية القائمة وتحديثها بما يتماشى مع احتياجات المرحلة الحالية. يجب أن تتسم القوانين الجديدة بالمرونة والكفاءة، مع توفير أدوات تنظيمية واضحة تضمن التوازن بين حقوق المطورين، واحتياجات المواطنين، ومتطلبات الأسواق الاستثمارية. هذه القوانين ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار نوعية المشاريع، طبيعة المناطق، وأولويات التنمية العمرانية بشكل عام.
كما أن إجراء دراسة شاملة لكل منطقة على حدة يُعد من الخطوات الأساسية لصياغة حلول مخصصة لكل حي أو نطاق عمراني. ويجب أن تُبنى هذه الدراسات على تحليل واقعي للاحتياجات السكنية والتجارية، سواء للمواطن أو المقيم أو المستثمر، بما يسمح بتوجيه المشاريع إلى حيث الحاجة الفعلية، بدلًا من التوسع العشوائي الذي يضعف من جدوى التطوير ويثقل كاهل البنية التحتية.
من التحديات اليومية في المناطق السكنية والتجارية، أزمة مواقف السيارات. وهنا يأتي دور تعديل اشتراطات البناء لتشمل حلولًا ذكية وواقعية لمواقف السيارات، مثل فرض الحد الأدنى من المواقف لكل وحدة سكنية أو تجارية، وتشجيع إنشاء مواقف متعددة الطوابق في المناطق ذات الكثافة العالية. كما يمكن تقديم حوافز للمطورين الذين يلتزمون بتوفير حلول مواقف متكاملة ضمن مشاريعهم.
ومن الجوانب المهمة أيضًا تنظيم النشاط التجاري داخل المناطق العمرانية. يجب وضع معايير واضحة لتوزيع السجلات التجارية ومنع تكرار الأنشطة نفسها داخل نفس المنطقة من دون حاجة سوقية حقيقية. هذا يشمل وضع آلية تقييم مسبق لكل سجل تجاري جديد لضمان وجود تنوّع اقتصادي وتوزيع متوازن للنشاطات التجارية، ما يعزز من كفاءة السوق ويحسن تجربة المستهلك.
كذلك، فإن ربط إصدار السجلات التجارية بدراسة جدوى عمرانية لكل منطقة سيسهم في حماية البنية التحتية من الضغط العشوائي، وضمان أن كل نشاط اقتصادي يُمنح ضمن سياق مدروس يتماشى مع الإمكانات الفعلية للمنطقة، من حيث المرافق، الطرق، الطاقة، والخدمات.
تحت قيادة جلالة الملك المعظم، وبدعم سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظهم الله ورعاهم، تمضي البحرين في تطوير بيئة عمرانية وتنظيم عقاري يعكس تطلعات التنمية المستدامة، ويوفر حلولًا واقعية تستجيب لاحتياجات المجتمع، وتعزز من مكانة المملكة كوجهة استثمارية رائدة ومتوازنة في محيطها الإقليمي.
* ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA)
عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية العالمية (MIET)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك