العدد : ١٧٢٠٠ - السبت ٢٦ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠٠ - السبت ٢٦ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ شوّال ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

أمي أو فلذة كبدي؟

وقفت‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬أمي‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬وصرخت‭ ‬بأعلى‭ ‬صوتي‭ ‬الذي‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬أحشاء‭ ‬قلبي‭ ‬المكسور،‭ ‬وقلت‭: ‬إلا‭ ‬ابنتي‭!! ‬لن‭ ‬أسمح‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تدمري‭ ‬حياتها‭ ‬كما‭ ‬دمرتِ‭ ‬حياتي‭!‬

كان‭ ‬هذا‭ ‬جواب‭ ‬صديقتي‭ ‬الصادم‭ ‬عندما‭ ‬سألتها‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬غضب‭ ‬أمها‭ ‬منها‭ ‬ورفضها‭ ‬القاطع‭ ‬لمصالحتها‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬ترجع‭ ‬عن‭ ‬قرارها‭.. ‬وهو‭ ‬مساندة‭ ‬ابنتها‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬الطلاق‭ ‬من‭ ‬زوجها‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يمر‭ ‬على‭ ‬زواجهم‭ ‬إلا‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭.‬

قلقت‭ ‬كثيرا‭ ‬عليها‭ ‬وعلى‭ ‬ابنتها‭ ‬الصغيرة‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬احتفلنا‭ ‬جميعا‭ ‬وبكل‭ ‬فرح‭ ‬بزفافها‭ ‬منذ‭ ‬مدة‭ ‬قصيرة،‭ ‬لذلك‭ ‬طلبت‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬تفسر‭ ‬الموضوع‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬صادما‭ ‬جدا،‭ ‬وخصوصا‭ ‬انني‭ ‬أعرف‭ ‬مدى‭ ‬حب‭ ‬وبر‭ ‬صديقتي‭ ‬لأمها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬سعيها‭ ‬لطلاق‭ ‬ابنتها‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬أمر‭ ‬محير‭ ‬جدا،‭ ‬فالتفتت‭ ‬علي‭ ‬بعيون‭ ‬منكسرة‭ ‬فيها‭ ‬حزن‭ ‬وألم‭ ‬الدنيا‭ ‬وقالت‭: ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬أنقذ‭ ‬ابنتي‭ ‬فلذة‭ ‬كبدي‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬مصيري‭ ‬فأنا‭ ‬لم‭ ‬أضحِّ‭ ‬بحياتي‭ ‬وسعادتي‭ ‬وصحتي‭ ‬لكي‭ ‬أتعسها‭ ‬بل‭ ‬لكي‭ ‬تسعد‭ ‬في‭ ‬حياتها‭!! ‬فازداد‭ ‬الأمر‭ ‬حيرة‭ ‬لذلك‭ ‬دعيتها‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬تسترسل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬اقاطعها،‭ ‬وقالت‭: ‬مازلت‭ ‬أشعر‭ ‬بألم،‭ ‬بل‭ ‬أسمع‭ ‬صوت‭ ‬الصفعة‭ (‬الكف‭)‬‮ ‬الذي‭ ‬ضربتني‭ ‬إياه‭ ‬والدتي‭ ‬على‭ ‬وجهي‭ ‬عندما‭ ‬ذهبت‭ ‬إليها‭ ‬بعد‭ ‬زواجي‭ ‬بستة‭ ‬أشهر‭ ‬اشتكي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬زوجي‭ ‬لم‭ ‬يلمسني‭ ‬خلالها‭ ‬وأنا‭ ‬عروس‭ ‬جديدة‭ ‬إلا‭ ‬4‭ ‬مرات‭ ‬فقط‭ ‬وبطريقة‭ ‬وحشية‭ ‬وسريعة‭ ‬لم‭ ‬أشعر‭ ‬خلالها‭ ‬إلا‭ ‬بالألم،‭ ‬وعندما‭ ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬أتكلم‭ ‬معه‭ ‬ينظر‭ ‬اليّ‭ ‬باحتقار‭ ‬ويقول‭ ‬لي‭ (‬عيب‭ ‬اخجلي‭ ‬من‭ ‬نفسك‭) ‬ألم‭ ‬يربكِ‭ ‬أهلك‭ ‬بأن‭ ‬كلام‭ ‬البنت‭ ‬أو‭ ‬مطالبتها‭ ‬لحقها‭ ‬الشرعي‭ ‬عيب؟‭ ‬فأسكت‭ ‬منكسرة،‭ ‬ولكنني‭ ‬كعروس‭ ‬جديدة‭ ‬كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬أشعر‭ ‬بما‭ ‬قرأته‭ ‬أو‭ ‬أشاهده‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬أو‭ ‬سمعت‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬الصديقات‭ ‬أو‭ ‬أو‭ ‬أو،‭ ‬فلم‭ ‬تجعلني‭ ‬أمي‭ ‬أكمل‭ ‬كلامي‭ ‬بل‭ ‬طلبت‭ ‬مني‭ ‬السكوت‭ ‬والرضا‭ ‬بنصيبي‭ ‬وبما‭ ‬كتبه‭ ‬لي‭ ‬الله‭ ‬وخصوصا‭ ‬أن‭ ‬زوجي‭ ‬في‭ ‬نظرها‭ ‬ونظر‭ ‬المجتمع‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬حيت‭ ‬الشكل‭ ‬والأخلاق‭ ‬والحالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬أما‭ ‬الحقوق‭ ‬الشرعية‭ ‬فهذا‭ ‬من‭ ‬الكماليات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬الشريفة‭ ‬المتربية‭ ‬تربية‭ ‬صالحة‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬أو‭ ‬تطالب‭ ‬بها‭.‬

بعد‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬والحرمان‭ ‬العاطفي‭ ‬تكلمت‭ ‬مع‭ ‬والدي‭ ‬الذي‭ ‬نظر‭ ‬إليّ‭ ‬بنظرة‭ ‬احتقار‭ ‬وخيبة‭ ‬أمل‭ ‬مازلت‭ ‬أذكرها،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬ما‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬الذي‭ ‬تقوله‭ ‬امرأة‭ ‬شريفة؟‭ ‬عيب‭ ‬يا‭ ‬بنت‭ ‬ولو‭ ‬طلبتي‭ ‬الطلاق‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬التافه‭ ‬سأتبرأ‭ ‬منك‭ ‬ولن‭ ‬تدخلي‭ ‬بيتي‭ ‬ما‭ ‬حييتِ‭ (‬سكتي‭ ‬بس‭ ‬ولا‭ ‬تفشلينا‭)‬،‭ ‬فسكت‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اكتشفت‭ ‬بأنني‭ ‬حامل‭ ‬بالشهر‭ ‬الثالث‭.‬

أنا‭ ‬امرأة‭ ‬عمري‭ ‬45‭ ‬متزوجة‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬سنة،‭ ‬مازلت‭ ‬أشعر‭ ‬بالحزن‭ ‬والخجل‭ ‬عندما‭ ‬أشاهد‭ ‬مشهدا‭ ‬رومانسيا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬فيلم‭ ‬رومانسي‭ ‬مازلت‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬معنى‭ ‬القبلة‭ ‬الحقيقية‭ ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة،‭ ‬لم‭ ‬أجرب‭ ‬ولم‭ ‬أستمتع‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬بحقي‭ ‬الشرعي‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬امرأة‭ ‬جميلة‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬محطمة‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬مكتئبة‭ ‬طول‭ ‬الوقت،‭ ‬أصبت‭ ‬بالضغط‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬المزمنة‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬السعادة‭ ‬والفراغ‭ ‬العاطفي‭ ‬فهل‭ ‬أسمح‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬لفلذة‭ ‬كبدي‭ ‬ما‭ ‬أصابني؟‭ ‬هل‭ ‬أحطم‭ ‬ابنتي‭ ‬التي‭ ‬ضحيت‭ ‬بسعادتي‭ ‬لأجلها؟‮ ‬‭ ‬أعلم‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬تطور‭ ‬وأن‭ ‬الرجل‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يتعالج‭ ‬من‭ ‬البرود‭ ‬الجنسي‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬معظم‭ ‬الرجال‭ ‬يرفضون‭ ‬أن‭ ‬يعترفوا‭ ‬بهذا‭ ‬المرض‭ ‬المخجل‭ ‬في‭ ‬نظرهم،‭ ‬لذلك‭ ‬تكون‭ ‬زوجاتهم‭ ‬ضحايا‭ ‬للأفكار‭ ‬القديمة‭ ‬البالية‭ ‬بأن‭ ‬المرأة‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬ولا‭ ‬يحق‭ ‬لها‭ ‬أصلا‭ ‬أن‭ ‬تطالب‭ ‬بحقها‭ ‬الشرعي‭!! ‬فلماذا‭ ‬يتعالج‭ ‬أو‭ ‬يطور‭ ‬من‭ ‬أسلوبه‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يستمتع‭ ‬هو‭ ‬فقط،‭ ‬أما‭ ‬المرأة‭ ‬فعيب‭. ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الشرع‭ ‬والدين‭ ‬والقانون‭ ‬أعطاها‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬ألا‭ ‬أن‭ ‬مجتمعنا‭ ‬وأفكاره‭ ‬حرمها‭ ‬منها‭.‬

أحب‭ ‬أمي‭ ‬ولكن‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ثمن‭ ‬مصالحتها‭ ‬سعادة‭ ‬ابنتي‭ ‬فلا‭ ‬وألف‭ ‬لا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا