في خضم الحياة اليومية، ووسط الانشغالات المتعددة والواجبات المتراكمة والالتزامات المتنوعة، نمرُّ بالكثير من المواقف والظروف التي تجعلنا نشعر كأننا جزء منها، ولكن لو تأملنا العديد من هذه الحالات والأمور فسندرك أن هناك أشياء كثيرة ليس من الضروري أن نهتم بها أو نقاتل من أجلها، أو نعلّق لوحات الآمال على مشجبها.
1- فليس من الضروري أن ندخل في كل مناقشة، وأن يكون لنا رأي في كلّ مجلس، وتحليلٌ في كلّ قضية، بل يكفي أن تكون وجهة نظرنا في ضوء التخصص والتجربة، فلكل فنّ رجال، ولكل ميدان فوارس وأبطال.
2- وليس من الضروري أن يكون رأينا صوابًا دائمًا وحقّا محضا، ورأي غيرنا خطأ وباطلا، أو أن نجادل الآخرين ونلزمهم برأينا؛ فكلّ واحد منّا يؤخذ من قوله ويُرَدّ عليه إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم؛ كما قال بعض السلف، رحمهم الله.
3- وليس من الضروري أن يكون أبناؤنا نسخة مكّررة منّا، فهم ليسوا مجرد انعكاس لصورتنا، بل هم أفراد مستقلون ولكلّ واحد منهم مواهب وميول، بل يجب أن نمنحهم الفرصة لاستكشاف أنفسهم وتنمية مواهبهم، ونبذل الجهد في تربيتهم وندعو لهم بظهر الغيب.
4- ليس من الضروري والحكمة كذلك أن يعرف الناس كلّ شيء عنّا، أو أن تكون لنا حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي ننشر فيها يومياتنا، ونشارك فيها كل لحظة من حياتنا (يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق).
5- ليس من الضروري أن ترد على كل واحد، وأن تكسب جميع المعارك؛ فالسلامة وبقاء الودّ أفضلُ من كسب المعركة التي تستهلك طاقتك ووقتك ونشاطك وحيويّتك.
6- ليس من الضروري أن تأخذ كلّ شيء بجدّية؛ فأنت لست في ساحة حرب، استمع، ثم ابتسم، ثم تجاهل؛ حتى تعيش سليم الصدر مطمئن البال.
7- ليس من الضروري أن يكون كل شيء على ما تهواه؛ فالحياة ليست دائمًا كما نخطط لها أو نرغب. فقد «تجري الرياح بما لا تشتهي السفن» كما يقول المثل.
8- ليس من الضروري أن تتوافق مع آراء الجميع؛ فالآراء ووجهات النظر كثيرة ومتنوعة وأنت لست مجبولًا على قبولها، ورضا الناس غاية لا تدرك.
9-ليس من الضروري أن تكون الرقم الأول في كلّ مكان ومجلس؛ في البيت، في العمل، في الدراسة؛ فمراعاة الرتب وإنزال الناس منازلهم أمرٌ مُهمٌ في الاستمتاع بالحياة.
10- ليس من الضروري أن ندقق في كل شيء؛ فكثيرا ما نحتاج إلى شيء مِنَ التغافل والتسامح، ورحم الله مَنْ تغافلَ لإبقاء الودّ، والوفاء العهد، وحسن الصلة وجبر الخواطر «فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم». (يوسف: 77).
شمعة أخيرة:
«ليس من الضروري أن يكون كلّ الناس عباقرة ولا موهوبين، وإنّما من الضروري فقط أن يختار كلّ إنسان لنفسه المجال الصحيح الذي يعبّر فيه عن نفسه وتنطلق فيه قدراته».
عبد الوهاب مطاوع (صديقي ما أعظمك) الطبعة الأولى عام 1991م.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك