الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
نهاية التمويل الخارجي للجماعات
لطالما تحدث العديد من الإعلاميين والسياسيين، العرب والخليجيين، عن «غموض» عمليات التمويل الأجنبية للدكاكين الحقوقية والمنظمات الناشطة في المجتمع المدني، المقيمة في دولنا أو المقيمة في الخارج.
ولطالما كانت هذه المسألة محل ريبة وشك من الجميع، لأنها تصل إلى حد «خيانة الوطن» والإضرار بمصالحه.. ولطالما حاول «القبيضة» أن يبرروا موقفهم ويضعوا الشرعية الحقوقية والعالمية على تمويلاتهم، مع دعم ومساندة من دول أخرى، لا تخجل بإعلان التمويل، تحت مبرر ومسوغ وغطاء «دعم الحرية والديمقراطية ونشر ثقافة حقوق الإنسان».
ما زلت أذكر أن العديد من الإعلاميين أشاروا إلى خطورة الموضوع، وأن ذلك يضر بالعلاقات والمصالح بين الدول، كما يضر بالمواطن الأجنبي «دافع الضرائب» في بلاده، لأنه من المفترض أن تذهب عوائد الضرائب لتطوير الخدمات في بلاده، لا أن يتم صرفها وتوزيعها على جماعات وجمعيات ومنظمات، تعمل ضد بلادها تحت شعار «تعزيز الديمقراطية والحقوق».
وأخيرا.. يبدو أن الدول الأجنبية أدركت صواب ما تحدث وطالب به الآخرون منها، وما نادى به وأيده العديد من المواطنين والإعلاميين هناك، بأن تمويل الجماعات والمنظمات لا فائدة منه، وأن التعامل المباشر، أفضل وأجدى من التمويل الخارجي.
بالأمس أعلن وزير الخارجية الأمريكي عن إلغاء تمويل بقيمة 214 مليون دولار كان يستفيد منه 139 منظمة خارج الولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات.
وقال الوزير: «بتوجيه مني.. ألغت وزارة الخارجية الأمريكية 139 منحة بقيمة 214 مليون دولار، حيث لا ينبغي لدافعي الضرائب الأمريكيين تمويل برامج مضللة.. مشيرا إلى أن من أبرز المنظمات التي أوقف عنها التمويل «حركة عاملات المنازل المهاجرات للدفاع عن حقوق العاملات المنزليات الوافدات إلى لبنان من دول مختلفة، ومنظمة «أخرجوا الوحوش» لمكافحة الكراهية الدينية في بريطانيا.. ومؤكدا بأن الخارجية الأمريكية تركز على وضع أمريكا أولا».
ما قام به الوزير الأمريكي، سبق أن قامت به بعض الدول الأجنبية التي كانت تمول الجماعات والمنظمات داخل الدول العربية، بسبب توجهات كل حزب حاكم في الدول الأجنبية، ثم تكتشف تلك الدول أنها أضاعت أموالها على جماعات لا تأثير لها في الشارع، أو أن ولاءها التام لدولة أخرى، وأن الأموال المدفوعة كان من المفترض أن تصرف لمشاريع تنموية لا أغراض وغايات سياسية وحزبية.
التمويل الأجنبي للجمعيات والمنظمات داخل الدول، يعد نوعا من التطاول على سيادة الدولة، والتدخل في شؤونها الداخلية، وقد وضعت الدول قوانين وتشريعات صارمة وواضحة في هذا الشأن، وجعلت أي تمويل يأتي من الخارج، حتى وإن جاء على شكل دورات تدريبية أو منح دراسية أو برامج توعوية، يكون من خلال الجهات الرسمية داخل الدولة، وتحت إشراف الجهات المختصة.
وهذا هو عين الصواب، وتعديل للمسار، وتصحيح للميزان الذي اختل ذات يوم.. ولا بد من الاقتناع التام من تلك الدول «الممولة»، بنهاية عهد تمويل المنظمات والجماعات.. وفشل مشروع التمويل ومخططاته، وأن المجموعات الحاصلة على التمويل، تظل في عين وضمير ووجدان الشعوب مجرد جماعات خائنة وخائبة.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك