عالميا يتم الاحتفال بيوم 15 فبراير من كل عام كيوم عالمي لسرطان الأطفال والهدف من الاحتفال بهذا اليوم هو رفع مستوى الوعي عند الجميع وتهدف حملة اليوم العالمي لسرطان الأطفال لعام 2025 إلى إلهام المهتمين بالأطفال المصابين بالسرطان والناجين منه من أهالي ومنظمات وعاملين في مجال الرعاية الصحية وصناع السياسات وصناع القرار وعامة الناس للعمل معا من أجل رفع مستوى الوعي عند الجميع أفراد ومنظمات، عن هذا المرض والكشف عن التحديات التي تواجه المرضى وعلاجهم لذلك تحاور الخليج الطبي الدكتورة خلود خليفة السعد استشاري أمراض الدم والأورام في الأطفال لنستعرض معا الكثير من المعلومات عن سرطان الاطفال وعلاجاته وطرق التعايش معه.
1- هل مرض سرطان الأطفال يعتبر مرضا شائعا؟
نحمد الله أن مرض سرطان الأطفال يعد من الأمراض النادرة، حيث يمثل أقل من 5% من جميع أنواع السرطانات التي تصيب جميع الأعمار، وتتراوح معدلات الإصابة الإجمالية بسرطان الأطفال بين 50 و100 إصابة لكل مليون طفل في جميع أنحاء العالم وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية (WHO) يتم تشخيص ما يقدر بنحو 350,000 – 400,000 (ثلاثة مائة وخمسون ألفا – أربعمائة ألف) حالة سرطان أطفال جديدة كل عام في جميع أنحاء العالم ممّن تقل أعمارهم عن 18 سنة.
محليا في البحرين، الإحصائيات تشير إلى أن عدد الأطفال – أقل من 14 سنة – الذين يتم تشخيصهم بالسرطان سنويا تتراوح في المتوسط بين 25 الى 32 حالة.
2- ما هو سرطان الأطفال؟ وهل له انواع؟
يشير تعبير السرطان إلى مجموعة من الأورام الخبيثة المتشابهة في خصائصها وسلوكها والتي تنشأ بخلايا الجسم. حيث تنقلب خلايا نسيج ما بالجسم لتصبح شاذة، تنمو وتتكاثر من دون تحكم، وبدلاً من أن تموت في طورها النهائي، تستمر في النمو والتكاثر منتجة لخلايا شاذة جديدة، وتتكدس الخلايا السرطانية وتكوّن كتلة أو تضخما يسمى بالورم. وسرطان الأطفال هو مجموعة أمراض السرطان التي تصيب الأطفال التي تتراوح أعمارهم بين أيام الى مرحلة البلوغ.
وسرطان الأطفال ليس مرضا واحدا بل يحتوي على أنواع عديدة وتعتمد الإجابة عن هذا السؤال على عمر الطفل. ولكن وبشكل عام، وفي معظم دول العالم وكما هو عندنا أيضا في مملكة البحرين، تعتبر السرطانات التالية هي الأكثر شيوعا عند الأطفال:
- يعد سرطان الدم (اللوكيميا) أكثر أنواع الأورام شيوعا لدى الأطفال ويشكّل نسبة تقترب من ثلث حالات أورام الأطفال. (25-30%) ويلي ذلك أورام الدماغ والحبل الشوكي: وهي ثاني أكثر الأنواع شيوعا، وتمثل نسبة تقترب من 20 % من الحالات. وتحتل الليمفوما (سرطان الغدد الليمفاوية) التي تنشأ بأنسجة الجهاز الليمفاوي، بالترتيب الثالث ضمن شيوع الأورام لدى الأطفال، وتتراوح معدلاتها بين 8 % و10% من الحالات.
هذا بالإضافة الى أنواع أخرى أقل حدوثا مثل:
- النيوروبلاستوم وهي أورام الأوليّات العصبية التي تعتبر الأكثر شيوعا ضمن الأورام الصلبة للخلايا العصبية خارج الدماغ وتشكل 8% من الأورام في الأطفال.
- أورام الكلى مثل ورم ويلمز الكلوي وهو يمثل 6% تقريبا من مجمل الأورام في الأطفال
- الساركوما وهي أورام الأنسجة الصلبة كالساركوما اللحمية والعظمية. وهناك أورام نادرة جدا مثل أورام الكبد والرئة وغيرها.
ويبدو واضحا أن هناك اختلاف كبير في أنواع السرطانات في الأطفال عنه عند البالغين، حيث نجد أن أوراماً مثل أورام الثدي، الرئة، القولون، البروستاتا والمثانة هي الأكثر شيوعا لدى البالغين. كذلك هناك اختلاف آخر بين الأطفال والكبار في السلوك والاستجابة للعلاج فأورام الأطفال أكثر استجابة وتفاعلاً تجاه المُعالجات، وحقيقة أن الأطفال أكثر قدرة على تحمّل العلاجات المكثفة، لذلك ننصح الناس بضرورة تجنب القراءة عن أورام الكبار من أجل التعلم عن أورام الأطفال، أو التكهن بفرص الشفاء الممكنة لحالة أي طفل مريض وعدم مقارنتها مع نفس النوع عند الكبار.
3- ما هي اول علامات الاصابة بالسرطان لدى الأطفال؟
من الصعب تمييز السرطان عند الأطفال بشكل مبكر لأن كثيرا من أعراض السرطان ترتبط أيضا بأمراض أخرى. وينبغي دائما التنبه بشكل خاص لأية علامات أو أعراض لا تبدو عادية، خصوصا إن استمرت لفترات طويلة من دون أن تستجب للمعالجات العادية، ومن الأعراض الشائعة والتي قد تشير إلى وجود مرض السرطان أو تثير القلق:
- ظهور تضخم أو كتلة مهما كان حجمها وبأي موضع.
- الشحوب غير المفهوم أو فقدان النشاط.
- نشوء توعك أو حمى غير مبررين، يستمران لفترات طويلة، من دون استجابة للمعالجات.
- سهولة ظهور الكدمات على الجلد، وسهولة النزف من الأنف أو الأسنان أو اللثة من دون مبرر واضح.
- وجود الم موضعي ومستمر لفترة طويلة.
- اختلال بالتوازن والترنح الحركي، أو عرج بالمشي من دون سبب محدد.
- تغيرات فجائية بالعيون أو اختلال مستمر ومتكرر بالرؤية.
- صداع مستمر يكون مصحوبا بالتقيؤ في أغلب الأحوال.
- حدوث انخفاض حاد وسريع بالوزن.
- الترنح الحركي أو اختلال بالتوازن، الكلام أو تغيير في التطور والنمو العقلي والجسماني.
ونعيد التنبيه أنه لا يعني ظهور هذه الأعراض بالضرورة وجود ورم سرطاني، غير أنها تُعد مؤشرا أوليا يستدعي ضرورة التقصي وإجراء المزيد من الفحوصات والتحقق من الأمر. كما ان وعي أطباء الأطفال وأطباء المراكز الصحية الأولية لوجود مثل هذه الأمراض في الأطفال يساعد على سرعة التشخيص وتحويل الحالات الى المختصين مبكراً.
4- ما هي أبرز الأسباب؟
- حقيقة ليس هناك سبب أو عامل معين يمكن أن يلقى عليه اللوم في حدوث السرطان في الأطفال وحتى الآن لا يعرف على وجه الدقة سبب إصابة الأطفال بالأورام. وبخلاف السرطان الذي يصيب البالغين فإن الغالبية العظمى من أنواع السرطان أثناء مرحلة الطفولة مجهولة الأسباب.
- من المهم الإشارة الى عوامل نمط المعيشة والعادات الحياتية، مثل التدخين أو التغذية غير الصحية أو العمل بصناعات تستخدم الكيماويات السامة، جميعها عوامل خطورة لأورام البالغين في 50% من حالات سرطان الكبار، ولكن لا يمكن اعتبارها كذلك وبنفس القدر بالنسبة الى الأطفال المرضى بالسرطان، إذ أنهم صغار جدا حتى يتعرضوا لمثل هذه العوامل لمتسع من الوقت. لكن هناك الكثير من الدراسات أثبتت أن تعرض الجنين أثناء مرحلة الحمل وتعرض الطفل أيضا في حياته فيما بعد للسموم المنبعثة من التدخين (تدخين الأم أو الأب) يزيد الإصابة بالسرطان في الأطفال.
- بالرغم ذكرنا أن عوامل البيئة وأنماط الحياة غير الصحية تلعب دورا صغيرا كمسبب لسرطان الأطفال إلا أننا نؤكد أهمية حماية أطفالنا من إصابتهم بالسرطان في حياتهم بعد البلوغ وذلك من خلال تعزيز أنماط الحياة الصحية في وقت مبكر من حياتهم في أثناء الطفولة: وهذا يشمل: تناول الأطعمة الصحية... ممارسة الرياضة... السيطرة على الوزن... الابتعاد عن التدخين بما فيه التدخين السلبي... وعدم التعرض كثيرا للشمس.
- وهناك عوامل وراثية في قليل من الأطفال (لا يتجاوز 8- 10% من الأطفال المصابين بالسرطان) حيث تزيد احتمال الإصابة بالسرطان مثل أمراض نقص المناعة الوراثي، أو فشل النخاع العظمي أو وجود خلل في الخلايا الوراثية مثل زيادة في الكروموسومات كما هو في حالة متلازمة داون أو وجود خلل متوارث في العائلة ينتقل من الوالدين الى الأطفال وراثيا ويسبب ظهور عدة أنواع من الأورام في أكثر من شخص في العائلة.
- كما أشير الى أنه تم الربط بين بعض أنماط معالجات أورام الأطفال، مثل الجرعات العالية من العلاج الكيماوي والعلاج الإشعاعي، وبين تطور أورام ثانوية غير الورم الأصلي المُعالج عند بعض الحالات خلال فترات لاحقة من الحياة (ربما بعد أكثر من 10 سنوات من العلاج)، فقد تسبب هذه المعالجات والعقاقير القوية تبدلات بالخلايا أو بالجهاز المناعي، تؤدي إلى نشوء التسرطن، ويكون الورم الثاني مختلفا ويُعد كنتيجة لمُعالجات الورم الأصلي.
- لابد من الإشارة الى أنه قد تختلف نسب الإصابة بسرطان الأطفال باختلاف العرقيات والأجناس والمناطق الجغرافية، حيث ترتفع معدلات ظهور أورام معينة، في المناطق التي تعرضت لكـوارث وحروب نووية، أو تعرضت للتلوث بالنفايات السامة أو لظروف غير طبيعية.
6- ما هي طرق التشخيص؟
عند وجود شك في اصابة الطفل بالسرطان من خلال الأعراض والفحص السريري يجب تحويل الحالة الى فريق الأورام في الحال. ومن ثم يتم البدء في عمل فحوصات وتحاليل خاصة لمعرفة طبيعة السرطان ومدى انتشاره. وتختلف هذه الفحوصات بحسب نوعية السرطان. وتبدأ من تحاليل الدم المختلفة ثم تحاليل أكثر دقة: فمثلا في حالة سرطان الدم: يتم عمل تحليل خزعة من نخاع العظم لدراسة العينة وإجراء عدة فحوصات عليها. وفي حالة الأورام الصلبة: يتم إجراء خزعة من أنسجة الورم، ليتم فحصها تحت المجهر لتحديد نوعه. كما يتم إجراء عدد من الأشعة كالأشعة السينية، والتصوير الإشعاعي الطبقي، والتصوير بالموجات فوق الصوتية، إضافة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير البوزيتروني (PET (SCAN لتحديد مختلف جوانب الأورام بدقة من ناحية حجمه ودرجة انتشاره ، قبل المباشرة بالخطط العلاجية.
7- هل نسب الشفاء مرتفعة؟
نحمد الله أن مرض السرطان الأطفال مرض قابل للشفاء وأن نسبة الشفاء نسبة عالية وبالذات عند مقارنتها بالكبار حيث إن متوسط نسبة الشفاء من سرطان الأطفال – في العالم وعندنا في مملكة البحرين – في السنوات الأخيرة هو 85% وفي بعض الحالات تجاوزت الـ90% بينما متوسط نسبة الشفاء من سرطان الكبار قد لا يتجاوز 50-60%.
هذه النسبة كانت جدا قليلة قبل 30 سنة ولكن وبفضل تطور العلاجات والرعاية الداعمة لهذه الأمراض ارتفعت هذه النسبة وهناك الكثير من الأطفال الناجين من هذا المرض في أنحاء العالم وكذلك عندنا في مملكة البحرين.
لكن يجب أن نشير الى أن هذه النسب للأسف تكون أقل بكثير في البلدان الفقيرة، حيث تصل إلى أقل من 30 % . وهناك عدة أسباب لهذا التباين الكبير:
1. ضعف الوعي بالعلامات المبكرة واعراض سرطان الأطفال بين العاملين في مجال الصحة وفي المجتمع. لذلك نؤكد أن وجود الوعي الكافي بين الأهل وبين العاملين في مجال الصحة الأولية والثانوية عن سرطان الأطفال يساعد على التشخيص المبكر للمرض وبدء العلاج المناسب وبالتالي الوصول الى درجات عالية من الشفاء. لذا كل طبيب يجب أن يضع احتمالية وجود هذا المرض من أجل الوصول الى التشخيص المبكر وذلك من خلال مراجعة دقيقة للتاريخ الطبي والفحص البدني.
2. التشخيص المتأخر أو التشخيص الخاطئ.
3. ضعف نظم الإحالة لمراكز أو وحدات علاج الأورام.
4. ارتفاع تكاليف العلاج والأدوية.
5. ضعف الأنظمة الصحية وضعف الموارد الصحية.
6. رفض العلاج بسبب الفقر أو الجهل.
8- ما هي الخطة العلاجية وأحدث طرق العلاج؟
منذ تلقي أية استشارة عن أي طفل قد يكون مصابا بالسرطان يقوم فريق الأورام بمراجعة الفحوصات والتحاليل ومناقشة حالته في مجلس أورام الأطفال مع جميع التخصصات المتعلقة بنوعية الورم. والتي تشمل فريق أورام الأطفال، الفريق الجراحي، فريق العلاج الإشعاعي وفريق الأشعة والتصوير وفريق علم الأمراض.
حيث يقوم الأطباء بدراسة الوضع من مختلف الجوانب، بما في ذلك الدراسة الشاملة للظروف الصحية للطفل، ونوع السرطان، وتصنيفه المرحلي ومدى انتقاله من موضع نشوئه، وتأثيره على الأعضاء الحيوية، إضافة إلى عدة عوامل جانبية، وتحدد الخطة العلاجية نوع العلاجات ودوراتها ومدتها، وتوضع بحسب المعطيات الخاصة بكل مريض، وتختلف بالتالي من حالة لأخرى حتى عند الحالات المصابة بنفس التشخيص. ويتم شرح الحالة للوالدين بالتفصيل وتتم مناقشة خطة العلاج وطرق العلاج معهم.
وتشمل علاجات سرطان الطفولة: العلاج الجراحي، العلاج الكيماوي، العلاج الإشعاعي، العلاج المناعي وزرع النخاع العظمي أو زراعة خلايا المنشأ المولّدة لخلايا الدم (الخلايا الجذعية). وتعتمد الخطط العلاجية على نوع الورم، وقد يتم الاقتصار على أحد هذه العلاجات منفردا عند بعض الحالات، أو علاجين أو أكثر بحسب نوعية الورم وبحسب العلاجات والبروتوكولات المتعارف عليها دوليا.
نؤكد أن علاج هذا المرض هو عمل فريق: فريق الأورام من أطباء أورام وفريق التمريض بالتعاون مع عدة جهات: فريق المختبر – فريق الأشعة – فريق الجراحة – فريق العلاج الإشعاعي وهناك عناصر مهمة مثل المعالج النفسي – أخصائي التغذية – أخصائي الخدمة الاجتماعية – أخصائي الأدوية. كذلك كثيرا ما يتم الاستعانة بخدمات أخرى وتخصصات الأطفال الأخرى في معالجة هؤلاء الأطفال: مثل العناية القصوى – الأمراض المعدية – فريق القلب – الجهاز التنفسي وأمراض الكلي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك