القراء الأعزاء
مع ختام شهر رمضان المبارك، كل عام وأنتم وأحبتكم بخير وسلام وأسأل الله أن يجعلكم من عوّاده لأعوامٍ وأعوام.
والمعلوم بأن لشهر رمضان فرحة لا تُضاهيها أية فرحة، وهو الذي يقدُم علينا بالخيرات والسكينة والطمأنينة، إلا أنه وعلى الرغم من كون شهر رمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن هُدىَ للناس، وهو شهر العبادة والإحسان والعطاء وحفظ النعم، إلا أنه لا يخلو من بعض الممارسات التي تخالف هذا الأصل، كالإسراف والتبذير في المواد الغذائية الذي يزداد في هذا الشهر ، والمُلامون فيه كُثر، منهم أعين الصائمين ورغبة ربة البيت في اشباع هذه العيون وهي حاملة شعار (يزيد ولا ينقص)، وجهل بعض عاملات المنازل بقيمة هذه النعم من منطلق فكرة (مال عمّك ما يهمّك)، وربما هناك عوامل أخرى لم تحضرني الساعة، ولكنها جميعها تصب في مجرى زيادة الكميات الفائضة عن الحاجة من الأكل والتي يذهب بعضها إلى القمامة (وأؤكد بعضها تقديراً لجهود الجهات التي تعمل على حفظ النعمة وعلى جهود أصحاب البيوت الذين يُوفقون في جعل فائضهم الغذائي لقمة مفرحة لمحتاجيها من أبناء السبيل الكُثر في البلاد) فبوركت الجهود الصادقة مع العمل على ضرورة التقليل من الاسراف والهدر الغذائي في الشهر الفضيل وفي غيره من أيام العام، وحافظوا على النعم لأن الاسراف يُزيل النعم، إذ يُقال (لا تُسرف ولو كنت من البحر تغرف).
وفي رمضان متلازمتان يهمني الوقوف عليهما، والأولى هي سلوك لأفراد لا صلة له بالدين ولا بشهر رمضان المبارك، وهو عبارة عن ممارسات فردية للبعض في جمع الصدقات والزكاة بالإرغام والإلحاح واحراج الآخرين الذين قد يكونون هم أولى بالصدقة والزكاة من غيرهم ولكن لا يُظهرون حاجتهم الى الآخرين، وحيث إن هذه الظاهرة أصبحت منتشرة في مجموعات الواتساب بحجة كسب الأجر، إلا أنها تُشكل عبئاً ماليّاً ونفسيّاً على أصحاب الدخل الضعيف وبشكل يومي، ولاسيما مع استخدام أسلوب الترهيب من عقوبة عدم الانفاق، مع أن الدين الإسلامي كان واضحاً وصريحاً حين قال (وليُنفق ذو سعةٍ من سعته)، و(لا يُكلّف الله نفساً إلا وسعها) و (يسألونك ماذا يُنفقون؟ قُل: العفو) أي ما زاد عن حاجتك، لذا وفي رأيي بأن كل من نصّب نفسه قيّماً على أموال الناس وصدقاتهم وتطبيق أحكام الشرع من عامة الناس من دون علم ومن دون ترخيص، يجب أن يخضع (إن كان ولا بُدّ ولم تكن هناك رقابة على هذا الأمر) إلى فترة تدريب يتعلم فيها أصول الدين الإسلامي وسماحته ومرونته وعدالته.
والأخرى هي استغلال شغف النساء بمباهج العيد، كالزينة واللبس الجديد وغيرها من استعدادات المرأة لاستقبال يوم عيد الفطر المبارك، حيث إنه من الملاحظ بأن الكثير من المشاريع الجديدة تبدأ بالعمل في هذه الفترة باعتبار أنها موسم مُربح، فتنشط صالونات التجميل والعاملات في مجال الحناء كزينة مهمة من طقوس العيد، ومحلات (قدوع العيد) الحلوة والمالحة، ويهمني منها المشاريع الصغيرة والمبتدئة، حيث من المستغرب بأن الكثير من هذه المشاريع تبدأ بأسعار تضاهي أسعار السلع العريقة أو التي أصبح لها وجودها في السوق منذ فترة طويلة، وهي مشاريع وطنية ناشئة تستحق الدعم ولكن ذلك يقتضي معاملة بالمثل من صاحب أو صاحبة المشروع، وأن يتم مراعاة أن بدايات مشروعه يجب أن تكون مغرية تحت مظلة ما يسمى بالـ (soft opening) بحيث تبدأ بأسعار تقل عن أسعار السوق ويُقدّم خدمات تنافس الخدمات الموجودة في السوق لتنهض تجارته شيئاً فشيئا، ولكن الواقع بأن الكثير منهم يبدأ على خلاف ذلك، بمستوى أقل من جودة المتاح في السوق وبأسعار توازي أو تزيد على أسعار السوق مع خدمة لا ترقى الى مستوى توقّع المستهلك، وتظهر هنا أهمية حماية المستهلك التي لا وجود فعلي لها.
وإلى هنا، يطيب لي أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم بمناسبة عيد الفطر المبارك، والتهنئة موصولة إلى مقام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة رئيس الوزراء ولي العهد الأمين وإلى مقام صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة وإلى شعب البحرين العزيز، أعاده الله على الجميع بالخير والبركات وعيدكم مبارك.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك