العدد : ١٧١٧٥ - الثلاثاء ٠١ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٧٥ - الثلاثاء ٠١ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ شوّال ١٤٤٦هـ

مقالات

فرحتنا بين الإسراف والاستغلال

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٣٠ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء‭ ‬

مع‭ ‬ختام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬وأحبتكم‭ ‬بخير‭ ‬وسلام‭ ‬وأسأل‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يجعلكم‭ ‬من‭ ‬عوّاده‭ ‬لأعوامٍ‭ ‬وأعوام‭.‬

والمعلوم‭ ‬بأن‭ ‬لشهر‭ ‬رمضان‭ ‬فرحة‭ ‬لا‭ ‬تُضاهيها‭ ‬أية‭ ‬فرحة،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يقدُم‭ ‬علينا‭ ‬بالخيرات‭ ‬والسكينة‭ ‬والطمأنينة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬هو‭ ‬الشهر‭ ‬الذي‭ ‬أنزل‭ ‬فيه‭ ‬القرآن‭ ‬هُدىَ‭ ‬للناس،‭ ‬وهو‭ ‬شهر‭ ‬العبادة‭ ‬والإحسان‭ ‬والعطاء‭ ‬وحفظ‭ ‬النعم،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬تخالف‭ ‬هذا‭ ‬الأصل،‭ ‬كالإسراف‭ ‬والتبذير‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬الذي‭ ‬يزداد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬،‭ ‬والمُلامون‭ ‬فيه‭ ‬كُثر،‭ ‬منهم‭ ‬أعين‭ ‬الصائمين‭  ‬ورغبة‭ ‬ربة‭ ‬البيت‭ ‬في‭ ‬اشباع‭ ‬هذه‭ ‬العيون‭ ‬وهي‭ ‬حاملة‭ ‬شعار‭ (‬يزيد‭ ‬ولا‭ ‬ينقص‭)‬،‭ ‬وجهل‭ ‬بعض‭ ‬عاملات‭ ‬المنازل‭ ‬بقيمة‭ ‬هذه‭ ‬النعم‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬فكرة‭ (‬مال‭ ‬عمّك‭ ‬ما‭ ‬يهمّك‭)‬،‭ ‬وربما‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬تحضرني‭ ‬الساعة،‭ ‬ولكنها‭ ‬جميعها‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مجرى‭ ‬زيادة‭ ‬الكميات‭ ‬الفائضة‭ ‬عن‭ ‬الحاجة‭ ‬من‭ ‬الأكل‭ ‬والتي‭ ‬يذهب‭ ‬بعضها‭ ‬إلى‭ ‬القمامة‭ (‬وأؤكد‭ ‬بعضها‭ ‬تقديراً‭ ‬لجهود‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬النعمة‭ ‬وعلى‭ ‬جهود‭ ‬أصحاب‭ ‬البيوت‭ ‬الذين‭ ‬يُوفقون‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬فائضهم‭ ‬الغذائي‭ ‬لقمة‭ ‬مفرحة‭ ‬لمحتاجيها‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬السبيل‭ ‬الكُثر‭ ‬في‭ ‬البلاد‭) ‬فبوركت‭ ‬الجهود‭ ‬الصادقة‭ ‬مع‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬الاسراف‭ ‬والهدر‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬وفي‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬العام،‭ ‬وحافظوا‭ ‬على‭ ‬النعم‭ ‬لأن‭ ‬الاسراف‭ ‬يُزيل‭ ‬النعم،‭ ‬إذ‭ ‬يُقال‭ (‬لا‭ ‬تُسرف‭ ‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬تغرف‭).‬

وفي‭ ‬رمضان‭ ‬متلازمتان‭ ‬يهمني‭ ‬الوقوف‭ ‬عليهما،‭ ‬والأولى‭ ‬هي‭ ‬سلوك‭ ‬لأفراد‭ ‬لا‭ ‬صلة‭ ‬له‭ ‬بالدين‭ ‬ولا‭ ‬بشهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬ممارسات‭ ‬فردية‭ ‬للبعض‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬الصدقات‭ ‬والزكاة‭ ‬بالإرغام‭ ‬والإلحاح‭ ‬واحراج‭ ‬الآخرين‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يكونون‭ ‬هم‭ ‬أولى‭ ‬بالصدقة‭ ‬والزكاة‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يُظهرون‭ ‬حاجتهم‭ ‬الى‭ ‬الآخرين،‭ ‬وحيث‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬أصبحت‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬مجموعات‭ ‬الواتساب‭ ‬بحجة‭ ‬كسب‭ ‬الأجر،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تُشكل‭ ‬عبئاً‭ ‬ماليّاً‭ ‬ونفسيّاً‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬الدخل‭ ‬الضعيف‭ ‬وبشكل‭ ‬يومي،‭ ‬ولاسيما‭ ‬مع‭ ‬استخدام‭ ‬أسلوب‭ ‬الترهيب‭ ‬من‭ ‬عقوبة‭ ‬عدم‭ ‬الانفاق،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬كان‭ ‬واضحاً‭ ‬وصريحاً‭ ‬حين‭ ‬قال‭ (‬وليُنفق‭ ‬ذو‭ ‬سعةٍ‭ ‬من‭ ‬سعته‭)‬،‭ ‬و‭(‬لا‭ ‬يُكلّف‭ ‬الله‭ ‬نفساً‭ ‬إلا‭ ‬وسعها‭) ‬و‭ (‬يسألونك‭ ‬ماذا‭ ‬يُنفقون؟‭ ‬قُل‭: ‬العفو‭) ‬أي‭ ‬ما‭ ‬زاد‭ ‬عن‭ ‬حاجتك،‭ ‬لذا‭ ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬نصّب‭ ‬نفسه‭ ‬قيّماً‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬الناس‭ ‬وصدقاتهم‭ ‬وتطبيق‭ ‬أحكام‭ ‬الشرع‭ ‬من‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬علم‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬ترخيص،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ (‬إن‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬بُدّ‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬رقابة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭) ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬تدريب‭ ‬يتعلم‭ ‬فيها‭ ‬أصول‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬وسماحته‭ ‬ومرونته‭ ‬وعدالته‭.‬

والأخرى‭ ‬هي‭ ‬استغلال‭ ‬شغف‭ ‬النساء‭ ‬بمباهج‭ ‬العيد،‭ ‬كالزينة‭ ‬واللبس‭ ‬الجديد‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬استعدادات‭ ‬المرأة‭ ‬لاستقبال‭ ‬يوم‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬المبارك،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬بأن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الجديدة‭ ‬تبدأ‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬باعتبار‭ ‬أنها‭ ‬موسم‭ ‬مُربح،‭ ‬فتنشط‭ ‬صالونات‭ ‬التجميل‭ ‬والعاملات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحناء‭ ‬كزينة‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬العيد،‭ ‬ومحلات‭ (‬قدوع‭ ‬العيد‭) ‬الحلوة‭ ‬والمالحة،‭ ‬ويهمني‭ ‬منها‭ ‬المشاريع‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمبتدئة،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬بأن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬تبدأ‭ ‬بأسعار‭ ‬تضاهي‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬العريقة‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬أصبح‭ ‬لها‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬وهي‭ ‬مشاريع‭ ‬وطنية‭ ‬ناشئة‭ ‬تستحق‭ ‬الدعم‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬يقتضي‭ ‬معاملة‭ ‬بالمثل‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬أو‭ ‬صاحبة‭ ‬المشروع،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬مراعاة‭ ‬أن‭ ‬بدايات‭ ‬مشروعه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مغرية‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالـ‭ (‬soft‭ ‬opening‭) ‬بحيث‭ ‬تبدأ‭ ‬بأسعار‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬أسعار‭ ‬السوق‭ ‬ويُقدّم‭ ‬خدمات‭ ‬تنافس‭ ‬الخدمات‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬لتنهض‭ ‬تجارته‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيئا،‭ ‬ولكن‭ ‬الواقع‭ ‬بأن‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬يبدأ‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك،‭ ‬بمستوى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬جودة‭ ‬المتاح‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬وبأسعار‭ ‬توازي‭ ‬أو‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬السوق‭ ‬مع‭ ‬خدمة‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬الى‭ ‬مستوى‭ ‬توقّع‭ ‬المستهلك،‭ ‬وتظهر‭ ‬هنا‭ ‬أهمية‭ ‬حماية‭ ‬المستهلك‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬فعلي‭ ‬لها‭.‬

وإلى‭ ‬هنا،‭ ‬يطيب‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أرفع‭ ‬أسمى‭ ‬آيات‭ ‬التهاني‭ ‬والتبريكات‭ ‬إلى‭ ‬مقام‭ ‬سيدي‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬بمناسبة‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬المبارك،‭ ‬والتهنئة‭ ‬موصولة‭ ‬إلى‭ ‬مقام‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمين‭ ‬وإلى‭ ‬مقام‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيسة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬وإلى‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬العزيز،‭ ‬أعاده‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬بالخير‭ ‬والبركات‭ ‬وعيدكم‭ ‬مبارك‭.  ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا