الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
الميزانية.. بين الشفافية والموضوعية
هناك جوانب كثيرة في الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين 2025-2026 ينبغي التوقف عندها.. والإشارة إليها.. والاستفادة منها.. والبناء عليها.. فما حصل في جلسة مجلس النواب بالأمس، يؤكد في المقام الأول حرص الجميع على مصلحة الوطن والمواطنين.. والإدراك التام بالجوانب الإيجابية الكبيرة في إقرار الميزانية، وكذلك الجوانب التي يجب التعامل معها في المرحلة المقبلة، بمزيد من العمل والإنجاز والحلول.. وأحسب أن الجميع يتفق على هذا الأمر.
هذا وطن قام على التوافق والتشاور، واحترام الممارسات الديمقراطية المسؤولة.. وهذا نهج قبلنا به.. وارتضينا المضي فيه.. لقد شهدنا الشفافية التامة التي تعاملت فيها السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية.. تم عرض السيناريوهات المطروحة.. بإيجابيات وآثار كل سيناريو.. وتم التوافق على المسار الذي يحافظ على المقدرات، ويزيد من المكتسبات، وإن كان أقل ضررا من أي مسار آخر مطروح.. وفقا للموارد المتاحة والواقع.
طموح الجميع كان أكبر.. وما تحقق من إنجاز يجب عدم التقليل منه، على الرغم من كل الظروف والتحديات.. إلا أن التوافق الذي حصل، والمسار الذي تم التوجه نحوه، جلب للمواطن العديد من المكتسبات.. في الإسكان والخدمات (50 ألف وحدة سكنية).. في العمل والتوظيف (8 آلاف وظيفة).. في الصحة والتعليم المزيد من المراكز والمدارس والبرامج النوعية.. في الأشغال والتنمية العديد من المشاريع التنموية وتطوير البنية التحتية.. بجانب زيادة علاوة المتقاعدين.. والكثير من المجالات التي تحققت.. يجب أن نحكم الأمور بصورة موضوعية وذات مصداقية وعدالة.. ففي ظل هكذا أوضاع وموارد.. فالميزانية الحالية تعد إنجازا يجب الإشادة به.
عدم فرض زيادة على ضريبة القيمة المضافة.. عدم المساس بدعم المواطن في الماء والكهرباء والبترول وتحرير الأسعار.. الحرص على عدم المساس بجيب المواطن بشكل مباشر وكذلك المواد الأساسية.. إنجاز يحسب للسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.. ففي مثل الأوضاع التي نمر فيها.. كانت تلك الأمور لو تم تنفيذها لحققت المزيد من الفائض المالي للدولة، ولكن آثارها وتداعياتها ستكون مكلفة وباهظة في المرحلة الحالية.. هذه نقطة يجب ألا تغيب عنا، أو يحاول البعض تجاوزها.
من السهل أن نتحدث عن حلول أخرى.. عن مبادرات وبرامج مبتكرة غير المطروحة.. عن مقارنات وتجارب ونماذج مع دول بالمنطقة.. ولكن ليس من سمع كمن رأى.. «ومن يده في النار ليس كمن يده في الماء».. ومن يعرف تفاصيل الأمور يدرك أن المسألة ليست كالتي يتحدث عنها أو يخوض فيها البعض.
نحن في مجتمع، يحترم التعددية في الآراء ويحترمها.. فمن وافق وأيد مشروع قانون الميزانية، سواء داخل السلطة التشريعية، أو في الإعلام، أو في مؤسسات المجتمع المدني كانت له أسبابه وقناعاته ومبرراته، وكذلك من لم يوافق على الميزانية، في أي موقع كان، له أسبابه وقناعاته ومبرراته.. والجميع تُحترم مواقفه وقراراته وآراؤه المسؤولة.
نقطة مهمة جدا، شهدناها في هذه الميزانية.. وهي الوعي المجتمعي العام، ليس من أصحاب الاقتصاد فقط، ولكن من شرائح وفئات عديدة.. هذا التفاعل المحمود يُحسب للمسيرة الديمقراطية، ويُحسب النهج السياسي في مملكة البحرين.. علينا أن ندرك أن هذه الميزانية ستتبعها ميزانيات قادمة أخرى، ومعها سيكون الوعي والتفاعل المجتمعي أكبر وأكثر.. الأمر الذي يضاعف من مسؤولية السلطات في البلاد، لمعالجة كافة الأمور والتحديات الراهنة، من أجل مستقبل أكثر استدامة مالية، وأكثر أمنا واستقرارا مجتمعيا.. وبالله التوفيق.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك