العدد : ١٧١٧٥ - الثلاثاء ٠١ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٧٥ - الثلاثاء ٠١ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ شوّال ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

الميزانية.. بين الشفافية والموضوعية

هناك‭ ‬جوانب‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬للسنتين‭ ‬الماليتين‭ ‬2025‭-‬2026‭ ‬ينبغي‭ ‬التوقف‭ ‬عندها‭.. ‬والإشارة‭ ‬إليها‭.. ‬والاستفادة‭ ‬منها‭.. ‬والبناء‭ ‬عليها‭.. ‬فما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بالأمس،‭ ‬يؤكد‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬حرص‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطنين‭.. ‬والإدراك‭ ‬التام‭ ‬بالجوانب‭ ‬الإيجابية‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬إقرار‭ ‬الميزانية،‭ ‬وكذلك‭ ‬الجوانب‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة،‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬والإنجاز‭ ‬والحلول‭.. ‬وأحسب‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬يتفق‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭.‬

هذا‭ ‬وطن‭ ‬قام‭ ‬على‭ ‬التوافق‭ ‬والتشاور،‭ ‬واحترام‭ ‬الممارسات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المسؤولة‭.. ‬وهذا‭ ‬نهج‭ ‬قبلنا‭ ‬به‭.. ‬وارتضينا‭ ‬المضي‭ ‬فيه‭.. ‬لقد‭ ‬شهدنا‭ ‬الشفافية‭ ‬التامة‭ ‬التي‭ ‬تعاملت‭ ‬فيها‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬والسلطة‭ ‬التشريعية‭.. ‬تم‭ ‬عرض‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المطروحة‭.. ‬بإيجابيات‭ ‬وآثار‭ ‬كل‭ ‬سيناريو‭.. ‬وتم‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬المقدرات،‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬المكتسبات،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬أقل‭ ‬ضررا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مسار‭ ‬آخر‭ ‬مطروح‭.. ‬وفقا‭ ‬للموارد‭ ‬المتاحة‭ ‬والواقع‭.‬

طموح‭ ‬الجميع‭ ‬كان‭ ‬أكبر‭.. ‬وما‭ ‬تحقق‭ ‬من‭ ‬إنجاز‭ ‬يجب‭ ‬عدم‭ ‬التقليل‭ ‬منه،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الظروف‭ ‬والتحديات‭.. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التوافق‭ ‬الذي‭ ‬حصل،‭ ‬والمسار‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬التوجه‭ ‬نحوه،‭ ‬جلب‭ ‬للمواطن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المكتسبات‭.. ‬في‭ ‬الإسكان‭ ‬والخدمات‭ (‬50‭ ‬ألف‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭).. ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والتوظيف‭ (‬8‭ ‬آلاف‭ ‬وظيفة‭).. ‬في‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المراكز‭ ‬والمدارس‭ ‬والبرامج‭ ‬النوعية‭.. ‬في‭ ‬الأشغال‭ ‬والتنمية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬وتطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭.. ‬بجانب‭ ‬زيادة‭ ‬علاوة‭ ‬المتقاعدين‭.. ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭.. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نحكم‭ ‬الأمور‭ ‬بصورة‭ ‬موضوعية‭ ‬وذات‭ ‬مصداقية‭ ‬وعدالة‭.. ‬ففي‭ ‬ظل‭ ‬هكذا‭ ‬أوضاع‭ ‬وموارد‭.. ‬فالميزانية‭ ‬الحالية‭ ‬تعد‭ ‬إنجازا‭ ‬يجب‭ ‬الإشادة‭ ‬به‭.‬

عدم‭ ‬فرض‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬ضريبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭.. ‬عدم‭ ‬المساس‭ ‬بدعم‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬والكهرباء‭ ‬والبترول‭ ‬وتحرير‭ ‬الأسعار‭.. ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬المساس‭ ‬بجيب‭ ‬المواطن‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬وكذلك‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭.. ‬إنجاز‭ ‬يحسب‭ ‬للسلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬والسلطة‭ ‬التنفيذية‭.. ‬ففي‭ ‬مثل‭ ‬الأوضاع‭ ‬التي‭ ‬نمر‭ ‬فيها‭.. ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الأمور‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬تنفيذها‭ ‬لحققت‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الفائض‭ ‬المالي‭ ‬للدولة،‭ ‬ولكن‭ ‬آثارها‭ ‬وتداعياتها‭ ‬ستكون‭ ‬مكلفة‭ ‬وباهظة‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭.. ‬هذه‭ ‬نقطة‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تغيب‭ ‬عنا،‭ ‬أو‭ ‬يحاول‭ ‬البعض‭ ‬تجاوزها‭.‬

من‭ ‬السهل‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬أخرى‭.. ‬عن‭ ‬مبادرات‭ ‬وبرامج‭ ‬مبتكرة‭ ‬غير‭ ‬المطروحة‭.. ‬عن‭ ‬مقارنات‭ ‬وتجارب‭ ‬ونماذج‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬بالمنطقة‭.. ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬سمع‭ ‬كمن‭ ‬رأى‭.. ‬‮«‬ومن‭ ‬يده‭ ‬في‭ ‬النار‭ ‬ليس‭ ‬كمن‭ ‬يده‭ ‬في‭ ‬الماء‮»‬‭.. ‬ومن‭ ‬يعرف‭ ‬تفاصيل‭ ‬الأمور‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬ليست‭ ‬كالتي‭ ‬يتحدث‭ ‬عنها‭ ‬أو‭ ‬يخوض‭ ‬فيها‭ ‬البعض‭.‬

نحن‭ ‬في‭ ‬مجتمع،‭ ‬يحترم‭ ‬التعددية‭ ‬في‭ ‬الآراء‭ ‬ويحترمها‭.. ‬فمن‭ ‬وافق‭ ‬وأيد‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الميزانية،‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الإعلام،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬أسبابه‭ ‬وقناعاته‭ ‬ومبرراته،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يوافق‭ ‬على‭ ‬الميزانية،‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬موقع‭ ‬كان،‭ ‬له‭ ‬أسبابه‭ ‬وقناعاته‭ ‬ومبرراته‭.. ‬والجميع‭ ‬تُحترم‭ ‬مواقفه‭ ‬وقراراته‭ ‬وآراؤه‭ ‬المسؤولة‭. ‬

نقطة‭ ‬مهمة‭ ‬جدا،‭ ‬شهدناها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الميزانية‭.. ‬وهي‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬العام،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الاقتصاد‭ ‬فقط،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬شرائح‭ ‬وفئات‭ ‬عديدة‭.. ‬هذا‭ ‬التفاعل‭ ‬المحمود‭ ‬يُحسب‭ ‬للمسيرة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ويُحسب‭ ‬النهج‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.. ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الميزانية‭ ‬ستتبعها‭ ‬ميزانيات‭ ‬قادمة‭ ‬أخرى،‭ ‬ومعها‭ ‬سيكون‭ ‬الوعي‭ ‬والتفاعل‭ ‬المجتمعي‭ ‬أكبر‭ ‬وأكثر‭.. ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يضاعف‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬لمعالجة‭ ‬كافة‭ ‬الأمور‭ ‬والتحديات‭ ‬الراهنة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‭ ‬مالية،‭ ‬وأكثر‭ ‬أمنا‭ ‬واستقرارا‭ ‬مجتمعيا‭.. ‬وبالله‭ ‬التوفيق‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا