صرحت الدكتورة مريم فدا استشاري الجينات والوراثة وتحليل الأجنة قبل الغرس بأن الصيام له فوائد عديدة على المستوى الخلوي، وخاصة من خلال عملية «الالتهام الذاتي»(Autophagy) ، مبينه ان الالتهام الذاتي هو آلية خلوية طبيعية تعمل كعملية إعادة تدوير داخل الخلايا، حيث تقوم الخلايا بتفكيك وإزالة المكونات التالفة أو غير العاملة، مثل البروتينات والعضيات الخلوية القديمة. ويتم بعد ذلك استخدام هذه المكونات المُعاد تدويرها لتوليد طاقة أو لبناء أجزاء خلوية جديدة. وهذه العملية ضرورية للحفاظ على صحة الخلايا، ومنع تراكم المواد الضارة، وتعزيز طول العمر.
كيف يحفز الصيام الالتهام الذاتي؟
عندما يصوم الإنسان فترات طويلة (عادة ما بين 12 و48 ساعة) تنخفض مستويات الجلوكوز في الدم، ما يقلل من إمدادات الطاقة المباشرة للخلايا؛ ونتيجة لذلك تبدأ الخلايا في الاعتماد على مصادر الطاقة الداخلية، مثل الدهون المخزنة والمكونات الخلوية التالفة. وهذا النقص في العناصر الغذائية الخارجية يعمل كمحفز قوي لعملية الالتهام الذاتي، حيث تقوم الخلايا بتفكيك وإعادة تدوير المكونات التالفة لتوليد الطاقة الضرورية لبقائها.
البروفسور يوشينوري أوسومي وجائزة نوبل:
أحد أهم الاكتشافات العلمية في هذا المجال كان من قبل البروفيسور الياباني يوشينوري أوسومي، الذي حصل على جائزة نوبل في الطب عام 2016.
قام أوسومي بتفصيل الآليات الجزيئية الدقيقة التي تتحكم في عملية الالتهام الذاتي، وكيف تعمل هذه العملية على تنظيف الخلايا من المكونات التالفة ومنع تراكم المواد الضارة. وساعدت أبحاثه في فهم دور الالتهام الذاتي في الوقاية من الأمراض وتعزيز صحة الخلايا.
الفوائد الصحية للالتهام الذاتي:
1) إصلاح الخلايا: يساعد الالتهام الذاتي على إزالة البروتينات والعضيات التالفة، ما يحسن كفاءة الخلايا ويقلل من الإجهاد الخلوي.
2) الوقاية من الأمراض: يلعب دوراً رئيسياً في الوقاية من الأمراض العصبية مثل ألزهايمر وباركنسون، حيث يزيل البروتينات السامة المتراكمة في الخلايا العصبية، كما أنه يساعد في مكافحة السرطان والالتهابات.
3) طول العمر: أظهرت الدراسات أن تعزيز الالتهام الذاتي يرتبط بزيادة العمر في الكائنات الحية المختلفة، من الخميرة (كائنات أحادية الخلية) إلى الثدييات.
4) صحة التمثيل الغذائي: يحسن الالتهام الذاتي الناتج عن الصيام حساسية الإنسولين، ما يساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم والوقاية من أمراض مثل السكري من النوع الثاني.
الخلاصة:
الصيام ليس مجرد ممارسة روحية أو غذائية فقط، بل هو أسلوب فعّال لتحسين صحة الخلايا من خلال تحفيز الالتهام الذاتي. تم ذكر الصيام في مواضع كثيرة في القرآن الكريم لما له من أهمية وثواب عظيم. قال تعالى في سورة البقرة: «فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ».
وبفضل أبحاث الأستاذ يوشينوري أوسومي أصبحنا ندرك أهمية الصيام وعملية الالتهام الذاتي في الوقاية من الأمراض وتعزيز طول العمر؛ لذا يمكن اعتبار الصيام أداة قوية لدعم الصحة على المستويين الخلوي والجسماني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك